لا تكن كعقارب الساعة في عملك ، في حياتك العملية اصنع لنفسك أثرا خاصا بك ، حتى يقال : كان هنا ! ولد سامي في بيت صغير متواضع ، وبين حضنين دافئين حنونين لا تعرف القسوة إليهما طريقا ، وقد تربى على الأخلاق الحميدة فأصبح شخصية فاضلة . لكن لضعف إمكانيات والده لم يتمكن من إكمال تعليمه ، فانضم إلى والده ليتعلم حرفة الملوك ( النجارة ) . ونشيط الحركة وذا همة عالية ، فكان يحضر دائما مبكرا للمنجرة ، يرتبها لوالده ويجهزها ، حتى إذا حضر والده بدأ العمل معه ، فلما بلغ الرابعة والعشرين من عمره تولى جميع المهام دون والده ، الذي لم يعد يحضر إلى المنجرة كثيرا ، فقد أصبح يعتمد على سامي ، ويأتي بالعمل من قبل معارفه ، وينجزها سامي في الوقت المحدد . وفي مرة كان سامي في طريقه لتسليم طلبية لأحد الزبائن ، وهو في الطريق خطرت على باله فكرة ! وهي أن يقوم بعمل بطاقات خاصة بالمحل ، لتوزيعها على الزائرين وبعض التجار ؛ وعرضا للأعمال المنجزة والفنيات التي قام بها فكتب على البطاقة : ( كلنا مصانع . لكن من يبقى على الآلات ومن يضاعف عددها . قد تبدو هذه العبارة عادية جدا في نظر العامة ، لكنها تصنع فرقا في نفوس الباحثين عن محلات النجارة . بدأت الطلبات تنهال على سامي ، فاقترح على والدة أن ينتقل إلى محل أكبر ، ويستقطب أيد عاملة ؛ ليتمكن من تنفيذ الطلبات في وقتها ، فوافق والده على الفور . انظر عزيزي القارئ ، ما هي الأيدي العاملة التي قام بتشغيلها ؟ لقد بحث عن كل حالم حاصرت أحلامه الظروف القاهرة ، فطلبه ليعمل معه ويطور من قدراته ، ( المؤمن منتج ) ، فلم يحرص سامي على الأشخاص ذوي الكفاءة العالية والخبرات الطويلة ، وإنما كان هدفه دعم الضعيف حتى يقوى ! تحقق مراد سامي ، وتردد الزبائن على محله ، والجميل في الأمر أن سامي أصبح يدعم اليد العاملة التي تعمل معه ؛ وكان يسر جدا حين يرى من هم في مثل عمره أصحاب أعمال خاصة وتجارة ناجحة ، فهذه هي أخلاق المبدعين العظماء . السعي للحصول على الرزق يتطلب عملا وفكرا ، ومن سمو أخلاق المبدع أن يقوم بنشر خفايا تجربته ، واحتواء المبتدئين المبدعين ، وفتح آفاق التميز أمامهم .