رَأَتْ سارَةُ شَجَرَةً أَوْراقُها صَفْراءُ وَالنَّمْلُ يزَحَفُ عَلى أَغْصانِها. سَمِعَتْ سارَةُ صَوْتًا خافِتًا يَقولُ: أُريدُ ماءً. رَكَضَتْ سارَةُ وَأَحْضَرَتِ الْخُرطومَ وَسَقَتِ الشَّجَرَةَ بِالْماءِ الْبارِدِ، سَمِعَتْ أَباها يَقولُ: غَداً سَأَقْطَعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ الضَّعيفَةَ. أَرْجوكَ يا بابا لا تَقْطَعْها، أَخَذَتْ سارَةُ تَعْتَني كُلَّ يَوْمٍ بِالشَّجَرَةِ الضَّعيفَةِ، تَقْرَأُ لَها قِصَصًا ثُمَّ تَغْفو وَتَحْلُمُ. بَدَأَتِ الشَّجَرَةُ تكْبُرُ وَتَكْبُرُ، إِلى أَنْ أَصْبَحَتْ أَكْبَرَ شَجَرَةٍ في الْعالَمِ. فَصاحَتْ سارَةُ بِفَرَحٍ: توت توت. لَمْ أَرَ مِثْلَ حَبَّةِ التّوتِ هذِهِ مِنْ قَبْلُ. وَمُنْذُ ذلِكَ الْيَوْمِ أَخَذَتْ شَجَرَةُ التّوتِ الْعِمْلاقَةُ تُعْطي وَتُعْطي دونَ تَوَقُّفٍ ثِمارَ التّوتتوتٌ صَغيرٌ، ظَلَّتْ شَجَرَةُ التُّوتِ تُعْطي وَتُعْطي حَتّى كادَ التُّوتُ أَنْ يَغْمُرَ جَميعَ بُيوتِ الْحَيِّ. فَقَرَّروا أَنْ يَجْتَمِعوا لِإيجادِ حَلٍّ لِهذِهِ الْمُشْكِلَةِ. صاحَ "مُكَرْبِج" بائِعُ الْأَثاثِ: لِنَقْطَعْها، وَنَصْنَعْ مِنْ خَشَبِها أَجْمَلَ الْكَراسي وَالطَّاوِلاتِ صاحَتِ امْرَأَةٌ عَجوزٌ: لا، فَأَنا حينَ أَتْعَبُ أَجْلِسُ في ظِلِّها لِأَسْتَريحَ. لا، سَتَرْحَلُ كُلُّ الْعَصَافيرِ. سَنَبْني مِنْ أَخْشابِ هذهِ الشَّجَرَةِ جُسورًا وَبُيوتًا وَبُروجاً تَصِلُ إِلى أَعالي السَّماءِ، رَدَّ طَبيبُ الْبَلْدَةِ: احْذَروا، فَهذِهِ الشَّجَرَةُ الْعِمْلاقَةُ تُنَظِّفُ الْهَواءَ وَتُجَدِّدُهُ، إِذا قَطَعْناها فَسَنُصابُ بِالْأَمْراضِ دَّ رَئيسُ الْبَلَدِيَّةِ بِصَوْتٍ حَزينٍ: حَقًّا، يَجِبُ قَطْعُها، يَجِبُ قَطْعُها عِنْدَ الْمَساءِ، عانَقَتْ سارَةُ شَجَرَةَ التّوتِ، فَجْأَةً، هَبَّتْ نَسْمَةٌ هَزَّتْ أَوْراقَ شَجَرَةِ التّوتِ، نَهْرٌ مِنَ التّوتِ؟ فِكْرَةٌ، يا لَها مِنْ فِكْرَةٍ رائِعَةٍ مَسَحَتْ سارَةُ دُموعَها، وَحينَ رَآها سَأَلَها بِتَعَجُّبٍ: سارَةُ، أَعْتَقِدُ أَنَّني وَجَدْتُ الْحَلَّ هكَذا، وَيَجْري فيها مِنَ التّوتِ الْعَجيبِ، يَصْنَعُ مِنْهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أَلَذَّ وَأَطْيَبَ حَلْوى لَمْ يَذُقْ أَحَدٌ مِثْلَها مِنْ قَبْلُ ممممممممم.