فإن اسم آرتو عادة ما يكون أول أسم يطرح في هذا الإطار. على الرغم من تركيزه علی أنه يصعب الزعم بأن آرتو كان أول من بدأ هذا الاتجاه ، إلا أن الأحلام والمستويات البدائية من النفس الإنسانية يمتد ليشمل الأصول الهمجية والثقافة البدائية. وفى هذا الإطار يمكن الإشارة إلى مصورين تعبيريين من أمثال تولد Nolde الذي التجا إلى النحت الافريقى كمصدر للإلهام. أو بيتس الذى حاكى مسرح" النو" الياباني ، والتي تعتبر جميعاً فنوناً رقيعة وغاية في الإتقان). وكان أكثر ما أثر في أرتو فيما يتعلق بالدراما الراقصة البالينيزية هو الإبقاء على السحر بشكل غريزي من خلال ما اعتقده خطأ إيماءات لا إرادية ورؤيوية. وفى راية أن هذه الإيماءات سببت" حركة الفزع الديني التي استحوذت على الجمهور في معرض باريس الكولونيالي: وكان هذا هو التأثير الذي سعى إلى احداثه ؛ والمسرح البالينيزي ينطوى على المصادر السحرية الحقيقية لنفس اللاوعى البدائي. 1) وكان فريزر قد حدد هذه الأنظمة الأسطورية فيما أسماء" قوانين السحر المتجانس" ( والذى يتخذ صيغة كذا يؤدى إلى إن" صور ذهن المتفرج ، وذلك إذا ما تم تقديمها بدرجة العنف المطلوبة" ۲) تقديمها فوق الخشبة ، فمن المفروض فيها أن تستثير حالة المراة mirror state ر الطاقة الكامنة في اللاوعى ، يتحدث عنه ارتو يتسم بالقدرة على التفشى والعدوى ، وذلك من خلال تلك النسبة الضئيلة من مجموع سكان المجتمع التي ج آرتو: والمشابهة التي يطرحها آرتو هنا هي بين الهذيان والطاعون. فالهذيان- كما يتصوره- يشكل" حرية روحية" تعمل على تذويب كل" الأشكال الاجتماعية" ، وهو يتفشى دون فئران ، تحضر مسرح إن تلك الصلة التي يصنعها ارتو في تلك المشابهة المجازية بين الجسدي والروحي تعد سمة أساسية في منحى ارتو المسرحى ؛ على المسرح إذا أن يقوم طرسية من خلال إعادة اكتشاف العلامات الجسدية الكونية ، أو ما بالعلامات الهيروغليفية * ، وذلك في حين يتم إعادة صياغة التعبير اللفظى في صورة تعزيم تمثل هذه- بشكل موجز- العناصر الأساسية التي يقوم عليها صرح القسوة عند آرتو ، مع اضافة تيمة أساسية اشتغل عليها آرتو وهى القلب inversion بين الشر الإشارة إلى الهيروتنيقية هنا للدلالة على أن العلامات التي يقتصدها آرتو هي علامات تقوم على الصورة pictorial | المترجم بينما الحضارة ، هو الخصوص المتطلبات الأخلاقية للمسيحية ليست إلا أكاذيب عقيمة اخترعتها نخبة عقيمة لإخضاع كل ما هو قوى. وحتى ما تتواجد تلك الثقافة المصطنعة على وجه الوجود فقد وسمت كل ما هو جسدی ، وطبیعی باعتباره" شراً. لذا فإنه حتى نخلص لطبيعتنا الحقة ، وحتى ما تنفك قيودنا لنصل امكاناتنا الحقيقية الكامنة باعتبارنا بشر" كاملين" لا نعانى ذلك الانقسام الذي فرضته تلك الثنائية الغربية بين الجسد والروح ، فعلينا ان نفعل ماشبينا على اعتقاده اشراً ، فهذا هو حيث تخلق من حيث هي تدمر. لكن مهما كانت طبيعة القسوة ، فإن الحل الناجح الذي يطرحه آرتو يكمن في العودة إلى الوجود البدائي وإلى الوعى السابق على المنطق وهكذا يمكن القول أن اسم آرتو يستثير في أذهاننا معادلة مفرداتها البدائية- 6 { المترجم] الطقس- القسوة- المنظر المسرحى. لكن ما يفهم على انه نظريته في المسرح بتناقض في نواحى هامة كثيرة مع المسرح الذى يبدعه بالفعل: وكلما دقق المرء أكثر في كتاباته كلما بدا غموض التأثير الذى قد يكون أحدثه ارتو. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أسلوبه يحمل الطابع الدلفي delphic فيما يتعلق بغموضه الشعري نتيجة لهذا الغموض فقد كان نقاد ارتو و مفسری افکاره هم من قاموا بتحديد تأثیر ارنو في مرجع ذلك هو أن آرتو يمثل ذلك القرين الكامن داخلنا. يعكس آرتو في أعماله ما المسرح الحديث ، وكان منهجهم في التفسير اجمالاً يفتقر إلى النظرة النقدية ، ولعل حدث في الستينيات والسبعينيات من فقدان مؤسسات المجتمع التقليدية والدين قرتها الايهامية ؛ وكان آرتو من أوائل من استخدموا عقاقير الهلوسة في عملية الابداع الفنى لقد استشرف ارتو ضرورة البحث عن انماط روحية جديدة ، وهي نزعة امتدن اليوم لتشمل الاهتمام بالعناصر الدينية الشرقية ، والاهتمام بالسحرة ، والاعتقاد الشديد في الخرافات الخاصة بالتنجيم ، التي يتلازم آرتو- في حقيقة الأمر- وتلك الشكوك الوجودية التي برزت مؤخراً ولعل هذا ما يبرر لنا لماذا يحظى آرتو بالقبول في كل مكان تقريباً. ومن بين الأرصان أطلقت عليه" النبي" ، " الشامان" ، " البطل التراجيدي وقد هرجم مسرح آرتو من منطلقات مختلفة ، منها أن هذا المسرح يستعصى على التمثل والمقاربة ، كما أنه منعزل عن السياق الاجتماعي والسياسي للجمهور ؛ وأيضاً أن هذا المسرح يقوض مبادىء الدراما المقبولة والمتواضع عليها ( وهذا تماماً ما كان الإشارة هنا إلى تبوة دلقى delphic oracle والتي كانت في حوذة أبوللو في معبده في دلفي وتعد هذه النبرة مثالاً للغموض الشديد ، وكانت مصدراً لتوليد الكثير من النبؤات في الأساطير اليونانية. أنه يقصد إليه ارتو) ، وكذلك أن هذا المسرح يشى بسؤ فهم لمناحي معرفية) مثل علم النفس ، والمسرح البالينيزي. من جهة أخرى يشار إلى ارتو بالبنان باعتبار ا أعاد صياغة المسرح بشكل كامل ، فأبدع من خلال المفردات الجدلية التي ينطوي عليها المسرح تناغما يفرض حضوره: كذلك صاغ آرتو الفن فى ثنائيات الشمس والقمر وهو هنا يلامس جوهر الوجود وسواء تعرض ارتو للهجوم أو التأييد ، فإن مهاجميه و معارضيه يستخلصون دلائلهم من نظرياته. وهكذا نجد أن نظریات آرتو تستثير العديد من الأطروحات التي تدور حول مفاهيم مجردة عامة ، وعلى هذا المستوى يمكن القول ان ارتو يمثل كل شيء لكل الناس ، فقد مثل- على سبيل المثال- مصدراً للإلهام للطلبة الشيوعيين في باريس عام ١٩٦٨) على الرغم من انه اهدى أحدى قصائده إلى هيتلر) ، 1) قد يكون الموقف الأساسي الذي يتبناه آرتو واضحاً بعض الشيء فهو يقول" إن حالتنا الاجتماعية الراهنة يعتريها الخراب ، إن كانت هذه الحقيقة تمثل قضية ينشغل بها المسرح ، فهى أيضاً قضية تلعب فيها المدافع دورها. إلا أن برنامج العمل الذي يقترحه آرتو يتسم بالمراوغة والتناقض ، فعندما يظن المرء أنه أمسك بهذه الأفكار إذ بها قد تلاشت ؛ كذلك فإن شخصيته تبرز بشكل قوی في كتاباته كثيراً ما يشار إلى آرتو باعتباره أبو المسرح الطليعي الحديث ، إلا أن هذه العلاقة في علاقة ذهنية وفكرية فقط فقد كانت نظريات آرتو بمثابة العامل المساعد في المعادلات الكيميائية ، إلا أن أعماله المسرحية ذاتها تم استبعادها دون حتى فحصها ۱۱۷ " واكتشافها. ومن ثم فإن رد الفعل الطبيعي إزاء مسرح ارتو يمكن إجماله في القول من الصعب الحديث عن مسرح لم يوجد يمكن أن نرى رد الفعل ذاته في دراسة المارتن إسلن عن ارتو ( ۱٩٧٦) ، وبروك ، وجروتوفسكي ، والمسرح الحي وهنا قد يصل المرء إلى نتيجة أن أعظم عمل قدمه آرتو هو حياته إن هذا الخطأ في تقييم ارتو مرجعه ذلك التمييز الجوهرى بين الفن والحياة ، ففى تفسيره لعنوان كتابه في خطاب أرسله إلى ناشره يظهر آرتو تمايزاً واضحاً بين الدراما ، والوجود اليومى ، حتى وإن عكس العلاقة الطبيعية للخشبة بالمجتمع: يقول آرتو ۹)" إن كان المسرح التقليدى هو قرين الحياة ، فالحياة هي قرين المسرح الحقيقي". وهنا يتبدى لنا أن هذا" المسرح الحقيقي" يتكون من شيء ما ليس حاضراً في تجربة الإنسان الحديث ، يقول آرتو: إن مخزون الطاقات الذى يتجلى فى الأساطير والذى لم يعد بمقدور الانسان تجسيده يتجسد في المسرح". ۱) ۱۱۸ يظهر لنا كتاب المسرح وقرينه آرتو وهو يلجأ إلى استخدام الأساطير الغامضة ، والاستعارات الملتبسة ، وذلك لشعوره بعجزه عن التعبير عن أفكاره في كلمات. وكان بعد الانهيار العقلى الذى تعرض له أن بدأ آرتو ينقل اهتمامه من المسرح إلى الوجود. وكان قد ظل يزعم أنه يسعى إلى الوسائل التي تمكنه من تقديم الدراما الحقيقية" فوق الخشبة ، وبدا منعدم الصلة بمعنى الخشبة المسرحية. ۱۱) بعد هذه المرحلة ابتدا ارتو يعانى من استخدامه للمخدارت ، كما ظل يتنقل بين العديد من المصحات والمؤسسات النفسية وهكذا أصبحت أعماله قليلة الصلة بالمسرح ، وأكرهه أكثر من فكرة المســرحــيـــة واللاواقع التي ترتبط بكل ما يقدم ويعرض. و ۱۱۹ والاحتجاج على المســرحــيـــة على أية ۱۲) حال. ولكن هناك محاولة واحدة تتسم بالاتساق هى التى وضعت من خلالها افکار ارتو موضع التطبيق ، وهى محاولة تجلت فى تجارب كل من بيتر بروك وتشارلز ماروفيتز. ارتكز كل من بيتر بروك وتشارلز ماروفيتز على كتابات آرتو كأساس لعملهم ، وكان ذلك عام ١٩٦٤. وكانت تجربة" مسرح القسوة التى قاما بتصميمها بمثابة تدريب للممثلين ، أو قل أنه يوجد شيء ما في آرتو يرتبط بأسلوب ما في المسرح ؛