كانت الأوضاع في ليبيا مهيأة للفتح ، حيث كان معظم البربر ساخطين على البيزنطيين كارهين لحكمهم الجائر ، وكان قد بلغتهم الأخبار بفتح المسلمين لبلاد الشام ومصر و لعل هذا ما يفسر مبادرتهم بتقديم فروض الولاء لجيش العرب و ليس كما يروجه المستشرقون من أن العرب المسلمين سيطروا بقوة السيف .فبعد أن أنها عمر بن العاص رضي الله عنه فتح الإسكندرية قام بإرسال قادته لاستطلاع الأمور في برقة وعندما أطمئن على نية أهلها الدخول في طاعة المسلمين سار رضي الله عنه إلى برقة على رأس جيش يقدر ما بين 3500 و 4000 جندي فلم يصادف مقاومة تذكر ثم تابع سيرة مع الطريق الساحلي لفتح ما تبقى من الإقليم ، ففتح في طريقة بقية مدن الإقليم مثل : توخيرة ( توكرة ) و برنيق ( بنغازي ) وكانتا من قبل مدينتين بحريتين مهمتين للبيزنطيين في إقليم برقة ثم واصل عمرو رضي الله عنه الاتجاه غرباً نحو طرابلس في نفس السنة 22 هـ 642م فوصل إلى مدينة ( اجدابيا ) ففتحها صلحاً على أن يدفع أهل الذمة منها خمسة ألاف دينار وعند مروره بمدينة سرت لم يواجه عناء في فتحها ،وتطلبت الضرورة العسكرية تجهيز قوتين ، كتيبة تسير حذاء الساحل بقصد السير إلى طرابلس يقودها عمرو بن العاص رضي الله عنه بنفسه ، وكتيبة أخرى تتجه نحو جنوب إقليم برقة بقيادة عقبة بن نافع الفهري ، حيث مراكز للمقاومة والخطر في قلب البلاد .فتحرك جيش المسلمين حتى وصل الى زويلة ، التي فتحها بالصلح على الجزية ،وفي أثناء ذلك أرسل عمرو بن العاص رضي الله عنه بشر بن أرطاة في عدد من الفرسان لفتح ودان ، فسار إليها وفتح في طريقة البلاد الواقعة قبل هذه المدينة ، بما في ذلك جبل نفوسة ، إلى أن وصل ودان وتمكن من فتحها وبذلك أطمأن عمرو بن العاص من ناحية الجنوب فكتب عمرو إلى الخليفة الفاروق يعلمه أن من بين برقة وزويلة سلم كلهم ، وأقر معاهدهم بالجزية وأمر عماله جميعاً أن أخذوا الصدقة من الأغنياء ، ويأخذوا الجزية من أهل الذمة فتحمل إليه إلى مصر ، فبهذا صارت برقة إلى زويلة خاضعة للمسلمين .