الجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٢ المبحث الأول: حالة ُ ال َف ْقر في العهد النبوي وفيه ثلاثةُ َمطالب: الم َط ْل َب الأول: ماهية الفقر في الإسلام وسائر ما لا بد منه لنفسه، ولايجدإلاأربعةًأوثلاثةًأوريالين، تعريفه على أقوال، وذكر بعضهم أن َْ َََُ وهذا له ح ظ ِمن النظر لو ورد لْف ُظ المسكين في سياٍق منفردا عن ًًََُِِ الفقير، أما لو اجتمع لف ُظ المسكين والفقير فلا بد من التفريق بينهما في المعنى، وقد اختلف العلماءُ حول الفقير والمسكين اختلافًا كث ًيرا؛ واب ُن القاسم ِمن أصحابمالكإلىأما ِصْنٌفواحٌد، والمسكين: المحتاج َ ََُُُ السائل ؛ كماقالتعالىفيشأناليهود:� ́μ¶ ̧� . محمد بن أحمد بن َعَرفَة الدُسوقي المالكي، الطبعة الأولى ١٤٢٠هـ، )٣٠٥/١٤(. ٣( سورة البقرة: ٦١. والمِسكين من قدر على ماٍل أوكس ٍب حلاٍل لائٍق )يقع موقعا ِمنكِفايته(، )ولا ي ْكفيه(، وإن ملك نصابا أو ًًًًَََََِِِْ غني! ولا يمنع المسكنة المس َكن، والمعتمد أ ن المراد بالكفاية هنا كفاية العمر الغالب، نظير ما ِ ُُ َ ََُُْ ََُْ ََْ  أو عقار يكفيه دخلُه- َغني، والأغنياء غالبهم كذلك فضلا عن الملوك، فلا يلزم ما ذكر ، وقد علم من ذلك أن المسكين أحسن حالا من ًِِ ََُُ ًَُْ)٢( الفقير، حيث سمى مالكيها مساكين؛  ًََْ َ َََ َََْْْ محتاج ُُْ ََِْ َََْْ ٌٌََْ ٌُ ولا يكلف بيعه لينفق منه، مسكٌين، فيما يظهر، أو له مسك ٌن: هل اللائق ا، وكذا كتب العلم التي ٍُُِ ًٍُ يحتاج إليها ولو نادًرا كمرة في السنة، كالفقه، والتفسير، يعرف ُْ ََُ ُْ بداماد أفندي )المتوفى: ١٠٧٨هـ(، دار الفكر، كالطب لمن كان من أهله، َِْًًِ وكذا آلا ُت الحْرفة، كما لا يخرجه عن ا ل ف ق ر و ا لم س ك ن ة م ا ل ُ ه ا ل ذ ي لا ي ـ ْ ق ِد ر ع ل ى ا لا ن ت ف ا ع ب ه ، أو تضعه تحت الحراسة، وما شابه ذلك. ومثل ذلك ديونه المؤجلة، لأنه الآن معسر، إلى أن ََُ ُُُ َ ٌُْ يح ل الأَ َج ُل)١(. الم َط ْل َب الثاني: أسباب الفقر في العهد النبوي ولقد استمر عطاؤعم طيلةَ حياة النبي �، حتى جاء الخيرُ وَعم في أواخرها، وشهد االله سبحانه بكرمهم وإيثارهم قال تعالى: � ̧o1 ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄41⁄21⁄4» ÖÕÔÓÒÑÐÏÎÍÌËÊÉ فيحاملفيصيبالمد. ( ، ُ ُ َ ١( المرجع السابق )١٥٢/٦(. مسند أحمد )٣٧/ ٣٤( حديث )٢٢٣٤٦(. )٤( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال؛ صالح احمد الشامي، دمشق ١٤١٢هـ، ولم يكن الضي ُق ناتجًا عن تقص ٍير أو وإنما هي ظروف اقتضتها طبيعة هذه المرحلة ِمن حركة الدعوة)١(، عن مخرمة بن سليمان الوالبي، عن أبي هريرة: »أن النبي � ََْ َْ وقوم يـْلزمونه ََُُْ ُ ََُْ ٌََُ فلما فتح االله ٍ ُُُ ًً َخْيبـر اتسع الناس بع َض الاتساع، فيها، وغير سعد بن عبادة من الأنصار ِ ُُُُ ي ْكثرون، والبلاد ضيقةٌ، وربما أصاب َنخلَهم القشام٣، ُ ْ ُ ُ ُ ُ َُ وزراعته تقوم على النخيل بالدرجة الأولى، وإن المزاِرع تسقى ََُ ُَ بالماء الذي َيحملُه الرجال على أكتافهم أو َتحملُه الإبل، وهو أمر صعب؛ ٌٌْْ البصري البغدادي، المعروف الطبعة الأولى، ١٩٦٨ م، )٤٠٩/١(.  وإذا أصاب القشام الثمرة فقد ذهب موسم ذلك والميداُنالزراعيمجالُهَمحدوٌد، خاصةوأنالزراعة أمرين تا م ْين: السكن له ولأسرته، وتأمين َم ْورد رزق له، وكمثال لكثْرة أعداد القادمين وعدم قُدرة المدينة على استيعام ومثال ذلك قصةُ وفْد مزيـنَةَ؛ فقد كان ِ ِ َُْ أول من وفَد على رسول االله � من م َضر أربعمائة من مزيـنَةَ، الأولى هي النخيل، حيث كنتم فارجعوا إلى )٢( َ ُِ منأْجِلالدفاع عن المدينة، وما ذاك إلا لأنه رأى عدم القدرة الاستيعابية للمدينة على تقبل تلك الأعداد الكبيرة دفعةً واحدةً للظروف الاقتِصادية القائمة)٣(. ٣- أ ن المهاجرين- وغالبيتُهم ِمن قريش- لا يتقنون غير التجارة عملاً، ريثما يتعرفون والحر ُب تُنهك الاقتصاد، ١( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، مرجع سابق، )ص: ٦١(. مرجع سابق، )١/ ٢٩١(. )٣( أهل ال صفة بعيًدا عن الَوْهم والخيال، وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٧ وت ْذ ِهب بالثروات، َُُُُ للوصول إلى أرض المعركة؛ كما قال تعالى: �}~¡¢£¤¥ ́32±° ̄¬«a ̈§¦ . ِِ ٦- الهجرةُ من مكة إلى المدينة بحد ذاا، إما لعدم استِطاعة حملها كلها، للهجرة، ومن ذلك الحدي ُث الذي رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: »قال رسول االله � للأنصار: إن إخوانكم قد تركوا الأمواَل والأولاَد وخرجوا إليكم؛ فقالوا: أموالنا بيننا قطائع؛ قال رسول االله: أوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول االله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، وتقاسموم التمر؛ الم َط ْل َب الثالث: الحالة الاقتصادية للمسلمين في اتمع الم َدني تظهر ُكتب السيرة أن الحالة الاقتِصادية العامة في المدينةكان فيها ِمن ضيِق العيش الشيء ُُِ ُ الكثيرُ، ويتضح ذلك مما يلي: أحمد أحمد غلوش، والتوزيع، الطبعة الأولى ١٤٢٤هـ- ٢٠٠٤م، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي )المتوفى: ٧٧٤هـ(، ١٤١٨ هـ- ١٩٩٧ م، )٤/ ٥٦٥(. وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ٨ أولا: حديث جابر بن عبد االله � قال: )مكث النبي � وأصحابه يحفرون الخندق ثلاثًا ما ذاقوا طعاًما؛ إن ها هناِ ُك ْديَةً منِ الجبل، فقال رسوُل االله �: »رشوا عليها الماء« فرشوها؛ ثم قال: »بسم االله«، فصارت كثيبا يهال، قال جابر: فحانت مني الْتِفاتة، َشد على بطنه حجًرا(! وفي لف ٍظ آخَر: )لما حفر الن بي وأصحابه الخندق أصاب النبي والمسلمين جه ٌد شدي ٌد، فَمكثوا ثلاثًا لا يجدون طعاًما؛ حتى ربط النبي � على بطنه صخرة ِمن الجوع، فقال: »فانْطَلِق فهيئ ما عندك َُُْَُ فجاء رسوُل االله � والجي ُش جميًعا؛ فقل ُت: يا رسول االله، بَق ْصعٍة«، فأتيتُه بَق ْصَعٍة؛ ثم قال: »ائِدْم فيها«، ثم قال: »بسم االله«، فإذا طعِموا وشبِعوا خرجوا، حتى ًََُُُُُْْ أبو عبد االله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني )المتوفى: ٢٤١هـ(، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرين، الطبعة الأولى، ١٤٢١ هـ- ٢٠٠١ م، وقال في الحاشية ما نصه: إسناده صحيح على رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيمن المكي والد عبد الواحد، فمن رجال البخاري. وأبو عوانة )٣٥٤/٤-٣٥٥، والبيهقي في »دلائل النبوة« )٤٢٢/٣(.  ثانيًا: حديث أنس بن مالك � الذي جاء فيه: أ ن أبو طَْل َحة قال لأُم ُسلَْي ٍم: لقد فهل عندك من شيٍء؟ قال ْت: نعم، فأخرَج ْت أقرا ًصا ِمن شعير، ثم أخرج ْت ِخماًرا لها، فلفت الخبَز ببعضه، قال: فذهبت به، فوجدت رسول االله � في َْْ َُُ ومعه الناس، فقم ُت عليهم، فقال لي رسوُل االله �: »أأرسلك أبو طَْل َحة« فقل ُت: نعم، قال: »بطعام«، فانطلق وانطلق ُت بين أيديهم، حتى جئت أبا طَْلحة فأخبرته، قد جاء رسوُل االله وليس عندنا ما نطعمهم؟ فقالت: االله ورسوله أعلم، فانطلق أبو طَْلحة حتى لقي ََُْ رسول االله �، فقال رسول االله �: »هلمي يا أُم سلي ٍم، ً ُ َُْ  ْ ّ َُ َُْ فأْدَمْتهُ، ثم قال رسوُل االله � فيه ما شاء االله أن يقول، ثم قال: »ائَذْن لعشرة« فأِذَن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: »ائذ ْن ل َع َشرة« فأ ِذ َن لهم، لا يأوون على ً ََُْ أهل ولا مال، سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، محمد بن إسماعيل أبو عبداالله البخاري الجعفي، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى، رقم الحديث ٣٥٧٨.  وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٠ فسألتُه عن آيٍة ِمنكتاب االله، ما أسأله إلا ليَ ْستتبعني، ودخل منزله فاستأذن ُت فأذن لي، فقال رسوُل االله �: »أبا هريـرة« قلت: لبيك، وهم أضيا ُف أهل الإسلام، ذلك، فسيأمرني أن أُديَره عليهم، فما وطاعة رسوله، خذ ِ ََُْ ُ فأخذت القَدح، فجعلت أُناوله الرجل، ثم يرده فأناوله ُُُ وقد روى القوم كلهم، فأخذ رسول االله � القدح، فوضعه على يديه ثم رفع رأسه فتبسم، فشربت ثم قال: »اشرب«، فلمأَزلأشرب، حتىقلُت:والذيبـعثََكبالحقماأجدلهمسلًكا، فأخذ ََ َْ والحديث حسن صحيح)١(. ١( سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن َسْورة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى )المتوفى: ٢٧٩هـ(، تحقيق إبراهيم عطوة عوض، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر، )٤/ ٦٤٨(، رقم الحديث: ٢٤٧٧، وقال في الحاشية: حكم الألباني صحيح. وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١١ المبحث الثاني: وسائل معال َجة الفقر في العهد النبوي وفيه ستةُ َمطالب: الأولى: بين المهاجرين بعضهم وبعض قبل الهجرة فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين الزبير وابن مسعود، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عُبيدة وسالم مولى أبي حذيفة، الم َط ْل َب الأول: الم ُؤاخاة وبين سعيد بن زيد وطَْل َحة بن عبيد االله، وبين علي ونفسه �)١(. َِ ُ � وعلي، فإن من العلماء من ينكر ذلك، ويمنع من صحته، ومستنده في ذلك أن هذه معنى لمؤاخاة النبي لأحد منهم، ولا مهاجري لمهاجري، كما ذكره من مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة، ومعاذ فيه نظَر، ًٌَ إيثارهم لإخوام المهاجرين ومواخام لهم، فقال: � ̧o1»1⁄41⁄2 )١( عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، ابن سيد الناس، اليـعمري الربعي، أبو الفتح، فتح الدين )المتوفى: ٧٣٤هـ(، دار القلم- َُْ الطبعة: الأولى، ١٩٩٣/١٤١٤، )٢٣٠/١(. )٢( السيرة النبوية لابنكثير )٣٢٦/٢(. َُ وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٢ ÌËÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄4 وروى البخار ي في صحيحه عن أبي هريـرة قال: »قالت الأنصار: اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل؟ قال: لا؛ قالوا: ََُْ ْ )٢( َ أفتكفوننا المؤونة ونشرككم في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا« ، قال رسول االله: أَوغير ذلك؟ قالوا: وما ذاك يا رسول االله؟ قال: هم قوم لا يعرفون العلم، فتكفوم وتقاسموم التمر، وذكر ابن عبد البـر في قوله تعالى: �ÇÆÅÄÃÂÁ َ )٤( فتكون هذه الآية ناسخة آية )بعضهم أولياء بعض(، اقتضْته مرحلة ما بعد الهجرة، ويتضح بذلك أن هذا النموذج كان ف عالاً في القضاء على الفقر في تلك المرحلة. فيقال: زكا الزرع: إذا نما وطال، وأما في الشرع: فهي التعبد الله تعالى، بإخراج قدر واج ٍب شرًعا ١( سورة الحشر: ٩. باب إذا قال: اكفني مؤونة النخل وغيره، وتُشركني في الثمر )٣/ )٥( نظم الدرر في تنا ُسب الآيات والسَور، المتوفى: ٨٨٥هـ(، القاهرة، )٣٤٩/٨(.  وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٣ في أموال مخصوصة لطائفة أو جهة مخصوصة)١(. والعلاقةُ بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي: أن الزكاة وإنكان ظاهُرها النق َص- نْقصكمية المال- لكن آثارها زيادة المال، فإ ن الإنسان قد يفتح االله له من أبواب الرزق ما لا يخطُر على باله إذا قام بما أوجب االله عليه في ماله؛ قال االله تعالى: ° ̄¬«a ̈§¦¥¤£¢¡~}|� 32± ́�)٢(، وهذا أمٌر ُمشاَهٌد، فإن الموفقين لأداء ما وربما يفتح االله لهم أبواب رزٍق يشاهدوا رأي العين، ُ ولهذا كانت الزكاة في الشرع ُملاقية للزكاة في اللغة؛ ثم إ ن في الزكاة أي ًضا زيادة أخرى، وهي زيادة الإيمان في قلب صاحبها، والأعماُل الصالحة تزيد في إيمان الرجل؛ وهي أيضا تزيد والسخاء لا شك أنه ُخلٌُق فاضلكريم، ونور القلب في صحيحه - باب ذكر نماء المال بالصدقة منه، وإعطاء الرب - عز وجل - المتصدق الخلف )٢/ ََُ ١١٦٨(، حديث )٢٤٣٨(، وغيرهما من حديث أَِبي هريـرة رضي االله عنه، إلا ِعزا، َََُْ َ َ ُ َََُُ ٌََََ  ًََ ٢( الروم: ٣٩. محمد بن صالح بن محمد العثيمين )المتوفى: ١٤٢١هـ(، الشيخ محمد بن صالح العثمين الخيرية،  وراحته، ولاِسيما فيما إذاكان الإنفاُق واجبًا مؤكًداكالزكاة، لأن المال محبوب إلى النفوس، المحبوب لا يمكن أن يكو َن إلا من أجل محبوب يؤمن به الإنسا ُن وبحصوله، ويكون هذا المحبوب أ ي ًض ا أ ح ب مم ا ب َ ذ ل َ ه ُ ) ١ ( . ُ وَمصالح الزكاة وزيادةُ الإيمان ا وزيادة الأعمال وغير ذلك- أمٌر َمعلوم، يح ُصل بالتأمل فيه أكثر مما ذَكْرنا، وآثاُرها على اتمع وعلى الاقتصاد الإسلامي ظاهرةٌ أي ًضا؛ فإن فيها من مواساة الفقراء والقيام بمصالح العامة ما هو معلوم ظاهٌر ِمن َمصارف هذه الزكاة، فإ ن االله وهؤلاِء الأصنا ُف الثمانية منهم َمن يأخذها لدفع حاجته، إليه، فالفقراءُ والمساكين والغارمون لأنفسهم هؤلاء يأخذون لحاجتهم، والرقاب، كالغارم لإصلاح ذات البـْين، وااهدين في سبيل االله. عَرفنا مدى نفعها للمجتمع، وفي الاقتصاد تتوزع الثروات بين الأغنياء والفقراء؛ بحيث يؤخذ من أموال الأغنياء هذا الق ْدر ليصر َف إلى الفقراء، حتى لا يحد َث التض خم من جانب، والبؤس والفقر من جانب آخر)٣(. فإن الفقراء إذا رأوا ِمن الأغنياء أم ١( المرجع السابق )ص: ١٨٥(.  ويتصدقون عليهم ذه الزكاة التي لا يجدون فيها ِمنة عليهم، الإنفاق والب ْذل، وَبخلوا ا، واستأثروا بالمال، وذا يتضح دورها الفعال في معا َلجة مشكلة الفقر في العهد النبوي، ا. تعريف الصدقة: جاء في ُمختار ال صحاح: المتصدق الذي يعطي الصدقة، الفقراء)٢(. وقد وردت في القرآن الكريم آيا ٌت كثيرة في الح ث على الإنفاق التطوعي، ََ من ذلك قوله تعالى: �wvutsrqponm . ٣)�fedcba`_~}|{zyx وقوله تعالى: �NMLKJIHGFEDCBA (٤)�\[ZYXWVUTSRQPO وقوله تعالى: �zyxw{|}~¡ ٦٦٦هـ(، المكتبة العصرية- الدار النموذجية، بيروت- صيدا، ١٤٢٠هـ/ ١٩٩٩م، ٣( البقرة: ٢٦١. )٤( النساء ١١٤.  وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٦ ¢£¤¥¦§ ̈�)١( ووردت أدلةكثيرة عن النبي � تـبـين فضل صدقة التطوع وَتح ث عليها. ُِََُ ْ ١ ـ فعن أنس بن مالك قال: قال رسول االله �: )إن الصدقة لتُطْفئ غ َضب الر ّب، وتدفع عن ميتة ال سوء()٢(. ٢ ـ عن أبي هريـرة � أن النبي � قال: )ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان يْنزلان،  ََُْ ِ ُ ِ )٣( وأحب الأعمال إلى االله عز وج ل سرور تُ ْد ِخلُه على مسلم، أو تقضي أو تطُرد عنه جوًعا، ولأ ْن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إ لي من أن أعتك َف شهًرا، وَمن كف غضبه ستر االله عورته، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت االله تعالى قدمه يوم وقد ورد ِمن سيرة الصحابة رضوان االله عليهم أروع الأمثلة في الاستجابة لهذه الآيات، َ ومن ذلك صدقة أبي بكر �؛ فعن عمر بن الخطاب قال: أمرنا رسول االله � أن نتص دق، فوافق ذلك عندي مالاً، فقل ُت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوًما، فقال: يا أبا بكر، ما أبقي َت لأهلك؟ قال: ١( التغابن: ١٦. باب ما جاء في فضل الصدقة )٢/ ٤٥(، رقم الحديث: )ص: ٤٤١(، برقم )٣٢٦(، والطبراني في المعجم الأوسط )١/ ٢٥٩( برقم )٨٥٠(، وح سنه الألباني،  وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٧ قلت: واالله لا أسبقه إلى شيٍء أبًدا()١(، وهذا ِمن طُرق تخفيف آلام الفقر، لقد دعا الإسلام في البداية إلى ك ْسب المال بالجهد والعمل؛ فقد قال تعالى: �X fedcba`_^]\[ZY `_^]\[ZYXWVUT� :٢(، وقال تعالى)�g . َُ ُ ِ ِ ْ ِ ِ ِ أطيب ما أكل الرجل منكْسبه، عن رسول االله � قال: »ما كسب الرجل كسبًا أطيب من عمل يده، وفي الحديث: »ما أكل أحد طعاًما قط خير من أن يأك َل ِمن عمل يده، برقم: ٣٦٧٥، وحسنهالألبانيفيمشكاةالمصابيح)١٦٩٩/٣(رقم الحديث: ٦٠٣٠. ٢( سورة الجمعة: ١٠. سنن ابن ماجه )٣/ ٢٦٩(، حديث رقم ٢١٣٧، وهذا إسناد اختلف فيه على إبراهيم وهو ابن يزيد النخعي. كتاب: التجارات، سنن ابن ماجه )٣/ ٢٦٩(، حديث رقم ٢١٣٨. حديث رقم: ٢٠٧٢، وسائُلمعالجِةالفقِرفيالعهِدالنبوي)ال صفةنموذًجا( ١٨ وعن أنس �، أن رجلاً ِمن الأنصار أتى النبي �، يسأله، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، قال: آتني ما، فقال: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثًا؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياها، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال: اش ِتر بأحدهما طعاًما، واشتر بالآخر قدوًما فأتني به، ثم قال له: اذهب فاحتطب وب ْع، وبعضها طعاًما، إًذا ح ث الرسول الكريم � على العمل وعلى عدم سؤال الناس- فيه دلالةٌ واضحةٌ على وغرس مفهوم الإنتاجية والاعتماد على النفس بدًلا الم َط ْل َب الخامس: الوقف لغة: الحبس، وقد حبب االله للإنسان فعل الخير، وندب إلى ذلك، ومن ذلك الوقف بأنواعه؛ ومن الأدلة على مشروعية الوقف: عن أبي هريـرة � قال: قال �: »إذا مات الإنسا ُن انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا ََُْ ١( السنن لأبي داود السجستاني، أبواب التجارات، باب بيع المزايدة )٣/ ٣١٦(، رقم الحديث: ٢١٩٨. ٢( لسان العرب، مادة: وقف. )٣( المغني، لابن قدامة المقدسي، )٥/ ٥٩٧(.  أو علم ينتفع به، ََُْ  ِ وولًدا صالحًا تركه، ومصحًفا ورثه، جاء في المغنى بشأن الوقف ما يأتي: )الأصل فيه ما روى عبد االله بن عمر � قال: »أصاب عمر أر ًضا بخيبر فأتى النبي � فقال لرسول االله �: إني أصبت أر ًضا بخيبر لم أص ْب قط ماًلا أنفس عندي منه، فما تأمرني فيها؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت ا، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث في الفقراء والُقربى والرقاب وفي سبيل االله والضيف وابن السبيل، أو يطعم صديًقا غير متمول فيه«)٣(. وأكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف؛ وانتشر ذلك فلم ينكره أحد فكان إجما ًعا()٤(، عوامل القضاء على الفقر في الَعْهد النبَوي. الم َط ْل َب السادس: نموذج أهل الصف َّة وهو مح ل دراستنا هذه، مسند أبي هريرة رضي االله عنه )١٤/ ٤٣٩( رقم الحديث: ٨٨٤٥، )١/ ٨٨( رقم الحديث: ٢٤٢، ومسلم في الوصية )٧٤/٥( برقم )٣٠٨٥(.  اللحاق بالرسول �، لم يستوع ْب نموذج المُؤاخاة كل تلك الأعداد؛ فعمل رسول االله � نموذج ال صفة لاستيعاب من لم يسعه نموذج المُؤاخاة، وتفيد الروايات أم كانوا في وقد يزيدون على ذلك أو يقلون بحسب تب دل أحوالهم من زواج، وأكثر من مائة رجل)٢(، أو يسافر، المائة)٣(. في هذا العدد، وإلا فمجموعهم أضعاف ذلك«)٤(. بل منهم من يتأهل أو ينتقل إلى مكان آخر يتيسر له، ويجيء ناس بعد ناس فكانوا تارة يقلون، فتارة يكونون عشرة أو أقل، وتارة يكونون عشرين وثلاثين وأكثر، وتارة يكونون ستين وسبعين،