فمع أن حركة الفتوح الاسلامية الضخمة التي شغلت العرب منذ أيام عمر كانت عاملا من عوامل انتشار الاسلام في أرجاء العالم القديم فإنها كانت أيضا سببا من أسباب الغنى والثراء للمجاهدين العرب الذين أحل الله لهم جزءا كبيرا من غنائم الحرب كما كانت عاملا مؤثرا في حياة العرب الاجتماعية بما كانت تفيئه عليهم من أسرى وسبايا ومنذ أن بدأت هذه الحركة بدأ تغير اجتماعي وتغير اقتصادي يأخذان طريقهما الي المجتمع العربي جنبا إلي جنب مع التغير الديني والتغير السياسي الذين كانا الهدف الأول لها فقد أخذت أموال الفىء وأسرى الحرب وسباياها تنهال على العرب من أبناء الجزيرة العربية فتغير قليلا أو كثيرا من حياتهم الاجتماعية والاقتصادية ومن حياتهم النفسية والخلقية أيضا وظهر هذا التغير في أقوى صورة في بيئة الحجاز وأخذت مدن الحجاز الكبرى وبخاصة مكة المدينة تتحول إلي شىء جديد فقد تحولت هاتان المدينتان إلي مدينتين متحضرتين كأشد ما يكون التحضر في مثل هذة البيئة وفي طريقها إليهما في بطء وأناة في أول الأمر ثم في تدفع وتدفق شديدين بعد ذلك في حين ظلت بيئة البادية لعزلتها الطبيعة ولطبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسيه فيها مستعصية إلي حد كبير على هذه التيارات الاجنبية محافظة الي حد غير قليل على حياتها البدوية القديمة متمسكة بتقاليدها ومثلها الموروثة مع استجابة لم يكن منها بد لسنة التطور وتغير لم يكن منه مفر كان يأخذ طريقه اليها منذ أيام الرسول صلى الله عليه وسلم أدى إليه بعد ذلك مشاركتها في حركة الفتوح الإسلامية وماكانت تحمله إليها من عناصر أجنية