َّ ذلك أن الذي قام بهذه الدعوة أبو العباس عبْد الله بْ ِ ن محمد، فأسس نظريةً جديدةً َّ خلاصتها: أن ْ زعامة الإسلام الروحية بع َ د مقْ تَقل إلى علي بْن الحسني، إنما انتقلَ ْت إلى محمد ابن الحنفية، إلى ابنه عبْد الله أبي هاشم، وهذا أوصى عنْد وفاته إلى محمد بْن علي بْن عبْد الله بْن عباس، وهذا أوصى إلى أبي العباس عبْد الله بْ ِ ن محمد، ومن بَ ْعده إلى أبي جعفر املنصور، َ هذه الدعوة في بعض البلاد، وعاونَهم في ذلك أبناء فاطمة أنفسهم؛ ً البيتني أولا يُ ْكسبهم قوةً عبْد الله بْن عباس. ْ وكانوا في ذلك مخطئني . بل ْ كان الأم َّ ر هو العكس؛ َ الدولة الأموية تغلَّب بيْت العباس على بيْت فاطمة، الأمويون والعلويون، فأخذوا ينْ ُك ً لون بهم جميعا، َع َّ لوي، ومل َ ا حضرت الوفاة محمد بْن علي بْن عبْد الله بْن عباس، إبراهيم املعروف بإبراهيم الإمام، وأبي العباس عبْد الله، ُس َ سها، ونكل بأعدائها، ْ فتولى أبو العباس الخلافة، َّ املنصور فسار سرية أخيه، وأكمل الأسس، وأتم تشريد الأعداء. َ ينقمون على الإسلام نجاحه، وجاء بعده املهدي فصادف جماعةً الدولة الفارسية كما كانت، وديانة الفرس الوثنية كما كانت، ِ أنهم زنادقة، وعهد بالخلافة إلى ابنه الهادي ثم الرشيد . الرشيد، ويَ ً حمل الناس على البيعة لابنه جعفر، ً ا مطواعا، فلما علم من أخيه ذلك مال إلى إجابته. ولكن عصاه يحيى البرمكي — وكان وليَّ أمره إذ ذاك — وملا اشتد الهادي على يحيى البرمكي والرشيد، نصح يحيى للرشيد بأن يسافر إلى مكان بعيد؛ ً الهادي فلا يذكر هذه املسألة إلا ملاما.