فإن الأطر النظرية التقليدية تقبل كإطار عام لتفسير ظاهرة الميديا الجديدة، في كتابه الشهير نظريات الإعلام في طبعته السادسة الصادرة عام 2010 بأن ثمة تطورات هائلة في ممارسة الاتصال من خلال الميديا الجديدة، حيث خصص فصلا كاملا في هذا الكتاب معنونا بهل هي نهاية الإعلام الجماهيري التقليدي للحديث عن هذا الموضوع قائلا بأن ثمة حاجة ملحة لتقديم أفكار أكثر عمقا لفهم الميديا الجديدة وبأن النظريات الحالية المتمحورة حول مفهوم الوسيط medium غير كافية فقد بقيت التيارات النظرية التقليدية شائعة إلى حد ما في إطار دراسات الميديا الجديدة، حيث دعى البعض وعلى رأسهم الباحث الفرنسي الشهير دومينيك فولتون إلى إدراج التنظير لآثار شبكة الإنترنت ضمن مختلف النظريات التقليدية لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنفصل الميديا الجديدة عن مسيرة تطور ظاهرة التواصل الإنساني في مختلف تجلياته (4). وقد كان هذا التراث النظري التقليدي المستمد أصلا من جملة من أهم التيارات البحثية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، من دراسات وسائل الإعلام إلى الإثنوغرافيا إلى الاقتصاد والاقتصاد السياسي إلى علم الجمال وتحليل الخطاب و دراسات الجمهور هكذا كانت محاولات مجموعة من الباحثين للاستمرار في الاعتماد على بعض النظريات القديمة وتكييفها لتكون أكثر صلاحية للتفسير، فيما سقطت بعض النظريات الأخرى على غرار نظرية حارس البوابة التي تعتبر من بين التراث النظري الذي أضحى غير منسجم تماما مع واقع الميديا الجديدة وبالمقابل وبالتأكيد فإنه لن تكون هناك نظرية تقليدية تمتلك كفاءة عالية في التنظير للظاهرة بقدر نظرية الحتمية التكنولوجية للناقد الأدبي الكندي مارشال ماكلوهان، يجب أن نتذكر بأم ماكلوهان كان يرى في التلفزيون بداية جادة للتحول نحو القرية الكونية، نائب الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون عام 1994 حول الطريق السريعة للمعلومات التي ستكون المحرك الرئيسي لشكل جديد من المجتمع الإنساني سيطلق عليه مجتمع المعلومات وهو مجتمع تنتهي فيه حالة ندرة المعلومة مثلما يقول نائب الرئيس الأمريكي السابق، وإن كان ماكلوهان لم يتحدث تماما عن الإنترنت أو بقية أنماط الشبكات التي كانت في ذلك الوقت مجرد مشاريع قيد الاختبار إلا أنه بالتأكيد كان ليعتبرها الرابط الأساسي لأطراف القرية الكونية لأنه بإمكانها أن تستوعب كل الوسائل التي ذكرها وبكفاءة عالية جدا، بحيث بالإمكان مشاهدة المكتوب وقراءة المسموع وقراءة المصور بشكل متداخل جدا ويمكن على العموم تصنيف نظرية ماكلوهان على مقربة من مختلف النظريات الوظيفية التي ترحب بالظاهرة، وإن كانت نبوءات الناقد الكندي ثنائية القيمة، وفي هذا الشأن يستند الكثير من الباحثين إلى الإطار النظري الوظيفي الذي يقترحه هارولد لاسويل والذي يجمل الوظائف التقليدية ممثلة في وظيفة الإخبار والربط بالبيئة الوظيفة التجارية وظيفة الترفيه وظيفة مواكبة التحولات المجتمعة ووظيفة الضبط والرقابة التي يرى فيها أغلب الباحثين إنجازا نظريا يشترك فيه كل من جيريمي بنتام وميشال فوكو. وفي هذا الصدد ترفع بعض الدراسات شعارا جديدا للنظرية أطلقت عليه اسم النظرية النقدية 2. وخصوصا أطروحتي اللامساواة في الحصول على التقنيات الجديدة للتواصل الهيمنة والاقتصاد السياسي، بالنسبة للقوة، وذلك بغية توجيههم نحو نمط المعيشة الرأسمالي. وهو ما أخفقت فيه النظريات الوظيفية. وذلك من خلال عمليات اجتماعية متكررة ترتبط بممارسة الهويةأو بالمقاربة التفكيكية للنصوص من خلال الفهم المشتت للمتلقين ويتداخل التيار النقدي بهذا الشكل مع التيار ما بعد الحداثي الذي يشكك في كل منجزات الحداثة ويعيد الفروق بين الأفراد إلى الواجهة، وهو عبارة عن قراءة في أعمال الكثير من أبرز منظري تيار ما بعد الحداثة في السنوات الأخيرة بخصوص الميديا الجديدة وتأثيراتها الثقافية والاجتماعية، وفي موقع آخر يصفها بنقد النظرية النقية، يقدم صامويل مفهوما جديدا هو الحداثة الذاتية (Automodernity) كبديل ممكن جدا لمفهوم ما بعد الحداثة،