كتاب البخلاء) قد يكون آخر ما ألف الجاحظ قريبا من سنة 255 هـ؛ أي بعد كتاب 3 من 4 و البيان والتبيين)، وأهداه إلى شخص من عظماء الدولة لم يذكر اسمه. ويشتمل على طراد والبخلاء، بعض أصحابها أعلام كالكندي والنظام وثمامة بن أشرس وأبو الهذيل العلاف، وسهل بن هارون وابن المقفع، وقد بدأه الجاحظ بمقدمة ذكر فيها دواعي تأليفه هذا الكتاب. وقد جاءت في شكل رسالة توجه بها إلى أحد أصدقائه ولم يُسبّه، يذكر فيها أن الذي دعاه إلى تأليفه هو الفائدة التي حققها كتاب آخر سبق له تأليفه عنوانه تصنيف جيل لصوص النهار وتفصيل جيل سراق الليل ويبدو أن تأليفه كتاب البخلاء جاء استجابة لطلب من هذا الصديق. يقول في مقدمة الكتاب: ذكرت - حفظك الله - أنك قرأت كتابي في تصنيف جيل الصوص النهار، وفي تفصيل جيل سراق الليل، وأنك سددت به كل خلل وحضنت به كل عورة، وأن التقدم في درسه واجب وقلت: اذكر لي نوادر البخلاء ، والراحة جماما (راحة) فإن للجد كذا يمنع من معاودته، وقد ابتدأ برسالة سهل بن هارون في البخل إلى بني عمه حين ذموا مذهبه وتتبعوا كلامه، فهو أجمع لهذا الباب من وصف ما عندي دون ما انتهى إلي من أخبارهم على وجهها". فنوادر البخلاء إذن هي دون ما وصل الجاحظ من أخبارهم الكثيرة، وهذا هو معنى النذرة أي القلة في ولقد كان القدماء واعين بخصوصية النادرة التي تلقى في مقامات شفهية بالأساس. يقول محمد مشبال يصطدم الدارس المعاصر الذي يروم تشغيل مقولة التجنيس" في قراءة تراثنا السردي بوجود نوع من الحكي يحمل أكثر من تسمية، وسواء أكانت هذه التسميات تحيل إلى نوع سردي واحد، فالمهم هنا أن الحكايات التي يقصها الجاحظ في "البخلاء" و"الحيوان" على وجه الخصوص، تلتقي في جملة من السمات تصنفها في إطار الحكي الطريف؛