الطاولة رقم 12 كانت ريا منهكة من السير لساعات، أشياء تريدها، وأشياء تخافها، وما يشغلك كثيرا يحصل. لا تشعر بالجوع، هي تشعر بالامتلاء، قصدت المركز التجاري لأنها ترغب بتناول الغداء في مطعم رشحته لها أكثر من صديقة، عندما كتبت لصديقاتها تخبرهن عن خيبة أملها، اتهمنها بأنها لا تحب الطعام، هل كان اتهاما أم حقيقة؟ لعله يساعدها على الاسترخاء ويريح معدتها التي تلبكت بعد تناول ذلك الطبق الذي خيب آمالها. هي اختارت طاولة منعزلة، حين تنبهت لرقمها تذكرت الفيلم الذي انتهى في الثانية عشرة وسفرها الذي تقرر في الشهر الثاني عشر، والأمنيات الاثنا عشر التي كتبتها مرة في دفترها القديم ولم تعد إليه لتتأكد من تحققها. كان هو يراقب انعكاس وجهها على الزجاج الذي وضع لإيهام الرواد بأن المقهى به نوافذ، لم تكن ملامحها واضحة، كانت شاردة تحدق في شيء ما على الطاولة، لم تكن كبقية الرواد مشغولة بهاتفها أو جهازها المحمول. طلبت الحساب، أخبرتها العاملة الآسيوية بابتسامة لطيفة بأن السيد الذي كان يجلس خلفها دفع حسابها، هل كان أحد أقربائها؟ زميلها في العمل؟ مديرها؟ ظلت تتساءل طويلا. لم يتمكن من رؤية وجهها الحقيقي، صورة جانبية لوجهها حين التفتت تتحدث إلى النادلة ثم عادت لوضعيتها تواجه الزجاج.