مع تغير دور الدولة إلى الدور المتدخل بعد الأزمة الاقتصادية لسنة 1929م، أصبحت الميزانية العامة أداة من أدوات السياسة المالية و الاقتصادية والاجتماعية في البلاد تكمل بقية الأدوات من نفقات عامة و إيرادات عامة، بل هي التي تنظم وتنسق عمل جميع الأدوات الأخرى، فأضحت برنامج عمل السلطة التنفيذية تعرضه على السلطة التشريعية .تعبير ميزانية الدولة عن خيارات السلطة العامة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية في مجال إشباع الحاجات العامة لمختلف أفراد المجتمع، وذلك في إطار ما يتقرر في هذا الشأن من من إجراءات وتدابير مالية تتعلق بتحضير الميزانية وتنفيذها والرقابة على الأموال العامة منذ تحصيلها وحتى إتفاقها منعا من إساءة استخدام هذه الأموال العامة.تحتل الميزانية العامة أهمية كبيرة في الدراسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية و السياسية، لما لها من دور تتعاظم أهميته بصفة مستمرة، فهي تستخدم في الاقتصاديات المعاصرة كعامل استقرار وتوازن فعال بدرجة كبيرة، كما تستخدم كأداة فعالة في تشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية الاقتصادية، كما تؤدي دورا هاما في إعادة توزيع الدخل القومي بما يحقق العدالة الاجتماعية والتوازن الاجتماعي في المجتمع. وهكذافإن دراسة الميزانية العامة للدولة تثير جوانب متعددة قانونية و اقتصادية و مالية وسياسية واجتماعية.إن الميزانية العامة للدولة هي تلك الوثيقة الصادرة من سلطة مختصة في الدولة، والتي يتم بواسطتها تأطير النشاط المالي للدولة، المتمثل في تحصيل الإيرادات و صرف النفقات العمومية، حيث تتضمن بصفة تقديرية مبالغ تلك الإيرادات والنفقات المتوقعة خلال السنة المالية المعنية بها، و التي تتوخى الحكومة من خلالها أيضا تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية.قد تعرقل بعض الظروف والمستجدات على المستوى الوطني أو الدولي كالأزمات الاقتصادية و المالية العالمية و سوء تسيير المال العام محليا النشاط الإداري و الاقتصادي والاجتماعي للدولة الذي تسعى لتحقيقه من خلال بعث المشاريع التنموية في كل مجالات الحياة العامة، والذي لا يتأتى إلا بالاستخدام الأمثل للموارد المالية العمومية و التحكم في الإنفاق العام دون إفراط أو تفريط أو ما يطلق عليه "حوكمة الميزانية".