يتناول الفصل الأول مقاربات جديدة لنمط الحياة الحضرية، بدءًا من مفهوم "الحضارة الحضرية" بعد لوفيفر، حيث تعيش غالبية سكان الدول المتقدمة في المدن، حتى سكان الريف يتبنون أنماط حياة مشابهة ويعملون في المدن. لكن، أي نوع من الحضارة الحضرية هذه؟ هل هي حضارة نمو اقتصادي واستهلاكي، أم حضارة معلوماتية وأتمتة، أم حضارة مقتصدة في الطاقة والمساحات، تحرص على الحد من التلوث والإزعاج؟ يتطرق الفصل إلى ثلاث مراحل: أولها "المدينة الاستهلاكية" خلال "الثلاثين المجيدة" (1945-1975)، التي شهدت نموًا ديموغرافيًا سريعًا نتيجة ارتفاع معدلات الخصوبة وانخفاض الوفيات، بالإضافة إلى تدفق العمالة من الدول النامية. رافق ذلك نمو اقتصادي هائل وارتفاع مستوى المعيشة، وزيادة استهلاك الطاقة والمساحات الحضرية، خاصة مع انتشار السيارات. ثانيًا، "مدينة المعلومات" في الستينيات، حيث ركز الباحثون على تدفق المعلومات كعنصر قوة، مستخدمين نظرية ماير لتقييم الاتصالات بوحدات معلوماتية. برز الكمبيوتر كأداة ثورية، لكن توقعات العمل عن بُعد كليا لم تتحقق. ثالثًا، "المدينة المقتصدة في الطاقة والمحدودة التأثير البيئي" في السبعينيات، مع ظهور الوعي البيئي وأزمة الطاقة عام 1973-1974. دفعت الأزمة إلى تبني سياسات طاقة بديلة، مثل الطاقة النووية في فرنسا، ورغم ذلك، لم تحل محل الوقود الأحفوري تمامًا. يختم الفصل بالتحديات المستقبلية، مثل التوفيق بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الطاقة، وزيادة المساحات واستدامة البيئة. يُطرح التساؤل حول الحلول، بين نظرة كارثية تتوقع أزمات، وأخرى متفائلة تعتمد على التقدم التكنولوجي. ويؤكد الفصل على ضرورة اعتماد "اقتصاد بيئي مستدام" يحقق توازنًا بين التطور التكنولوجي، والاستهلاك، واحترام البيئة، كما دعا برتراند دي جوفينيل.