إنَّ التَّفاعلَ بين الإنسانِ والبِيْئَةِ قَديم قِدَمَ ظُهورِ الجِنسِ البَشري على كَوكبِ الأرضِ، غير أنَّ زيادةَ الحاجاتِ البشريةِ مع التَّزايدِ السَّريعِ لأعدادِ السُّكانِ كَوَّنت ضغوطًا غيرَ مسبوقةٍ على البِيْئَةِ سواءٌ من حيثُ استهلاكُ مواردها أم من حيث النفايات الناتجة عن الأنشطة البشرية لدرجةٍ تُجَاوِزُ طاقةَ استيعابِ البيئة لها بشكل أَمْثلَ، أو مِنْ حَيْثُ السمومُ التي تطلقها في الفضاء أعمدةُ الدُّخَانِ المتصاعد من معامل الصناعة أو مِنْ حَيْثُ الموادُ السامَّةُ المنتشرةُ في السماء نتيجةَ استخدامِ الأسلحة الحديثة (كالمدافع والدبابات والقنابل والأسلحة بجميع أنواعها)، وقد مرت علاقة الإنسان بالبيئة بمراحل مختلفة. إن الإنسانَ منذ وجودِه على الأرض يجمع طعامه من ثمار النباتات وأوراقها، في تلك المرحلة كان أثره في بيئته لايتجاوز أثر غيره من آكلات الأعشاب، ثم تحول إلى مرحلة الصيد والقنص فتجاوز أثرُهُ البيئي أثرَ آكِلاتِ الأعشابِ إلى آكلاتِ اللحومِ، وهو جهد يحتاج إلى العمل المشترك بين مجموعة من الأفراد، فازدادت بها قدراته على التأثير البيئي بشكل ملموس، فازدادت بذلك درجة سيادته على الأحوال البيئية وتحسنت وأصبح باستطاعته استبدال النباتات البرية بنباتات يزرعها مستعملا مياه الأنهار التي عرف ضبطها لاحقا، فأصبح الإنسان قادرًا على العيش في بيئة من صنعه بما يبنيه من مساكن يهيئ لها بنفسه وسائل التدفئة والتبريد والإضاءة، فتفنن في صنع الآلات الهائلة التي جعلت آثاره في البيئة تتجاوز مجال مساحة الأرض لتمتد إلى مجاليّ البحار والفضاء، فزاد من إحراقه للمواد الكربونية بشكل يتجاوز قدرة النظم البيئية على الاستيعاب، وهذه المركبات طارئة على البيئة الطبيعية التي لا تشتمل على كائنات قادرة على تحليلها وإرجاعها إلى عناصرها الأولى كما يَحْدُثُ بالمركبات العضوية الطبيعية، البِيْئَةُ ومفهومُهَا وعلاقتُهَا بالإنسانِ البِيْئَةُ لفظةٌ شائعةُ الاستخدامِ يرتبطُ مدلولُهَا بنمطِ العلاقةِ بينها وبين مستخدِمِهَا، والبِيْئَةُ الاجتماعية والبِيْئَةُ الثقافية، ويعنى ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات. ويُقْصَدُ بالنظام البيئي أيةُ مساحة من الطبيعة وما تحويه من كائنات حية ومواد حية في تفاعلها مع بعضها، الغابة والنهر والبحيرة والبحر، وواضح من هذا التعريف أنه يأخذ في الحسبان الكائنات الحية كلها التي يتكون منها المجتمع البيئي (البدائيات، وكذلك عناصر البيئة غير الحية كلها (تركيب التربة، فهو المسيطر إلى حد ملموس على هذا النظام، البِيْئَةُ الطبيعيةُ: تتكون من أربعة نظم مترابطة هي: الغلاف الجوي، بما تشمله هذه الأنظمة من ماء وهواء وتربة ومعادن، ومصادر للطاقة بالإضافة إلى النباتات والحيوانات، جميعها تمثل الموارد التي أتاحها الله سبحانه وتعالى للإنسان كي يحصل منها على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى. البِيْئَةُ البيولوجيةُ: تشمل الإنسان "الفرد" وأسرته ومجتمعه، وتعد البيئة البيولوجية جزءًا من البيئة الطبيعية. البِيْئَةُ الاجتماعيةُ: ويقصد بها ذلك الإطار من العلاقات الذي يحدد ماهية حياة الإنسان مع غيره، وتعد الأساس في تنظيم أي جماعة من الجماعات سواء بين أفرادِها ببعضِهم البعضٍ في بيئة ما، أو بين جماعات متباينة أو متشابهة معًا، وحضارة في بيئات متباعدة، وتؤلف أنماط تلك العلاقات ما يعرف بالنظم الاجتماعية. ويُقصد به كل ما استطاع الإنسان أن يصنعه كالمسكن والملبس ووسائل النقل والأدوات والأجهزة التي يستخدمها في حياته اليومية، وإذا كانت البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر، فإن أول ما يجب على الإنسان تحقيقُه حفاظًا على هذه الحياة أن يفهم البيئةَ فهمًا صحيحًا بكل عناصرها ومقوماتها وتفاعلاتها المتبادلة، ويقوم بعمل جماعي جاد لحمايتها وتحسينها وأن يسعى للحصول على رزقه وأن يمارس علاقاته من غير إتلاف أو إفساد. يعدّ الإنسان أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده يتعامل مع مكوناتها، قطع الإنسان أشجار الغابات وحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيمائية والمبيدات بمختلف أنواعها، وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ويمكن إيجاز ما يفعله الإنسان بما يأتي: ولذلك فإن تدهورها أو إزالتها يحدث انعكاسات خطيرة في النظام البيئي وخصوصًا في التوازن المطلوب بين نسبتي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الهواء. واستعاض عن السلاسل الغذائية وعن العلاقات المتبادلة بين الكائنات والمواد المميزة للنظم البيئية بنمط آخر من العلاقات بين المحصول المزروع والبيئة المحيطة به، وأكبر خطأ ارتكبه الإنسان في تفهمه لاستثمار الأرض زراعيًا هو اعتقاده بأنه يستطيع أن يستبدل بالعلاقات الطبيعية المعقدة الموجودة بين العوامل البيئية عواملَ اصطناعية مبسطة، وهذا ما جعل النظم الزراعية مرهقة وسريعة العطب وذات نتائج سلبية على المدى الطويل. فأخل بالتوازن البيئي. وتعتمد استمرارية حياته بصورة واضحة على إيجاد حلول عاجلة للعديد من المشكلات البيئية الرئيسة التي من أبرزها ثلاث مشكلات، يمكن تلخيصها بما يأتي: أ‌- كيفية الوصول إلى مصادر كافية للغذاء لتوفير الطاقة لأعداده المتزايدة. ج‌-كيفية التوصل إلى المعدل المناسب للنمو السكاني، حتى يكون هناك توازن بين عدد السكان والوسط البيئي. من الثابت أن مصيرَ الإنسانِ مرتبطٌ بالتوازنات البيولوجية وبالسلاسل الغذائية التي تحتويها النظم البيئية، وأي إخلال بهذه التوازنات والسلاسل ينعكس مباشرة على حياة الإنسان، ولهذا فإن نفع الإنسان يكمن في المحافظة على سلامة النظم البيئية التي تؤمن له حياة أفضل، 1- المحافظة على الغابات لكي تبقى على إنتاجيتها ومميزاتها الطبيعية. مع المحافظة على خصوبة التربة وعلى التوازنات البيولوجية الضرورية لسلامة النظم الزراعية، ويمكن تحقيق ذلك بالآتي: ويُدْرَسُ كلُّ مشروع يستهدف استثمار البيئة بواسطة المختصين، فيعملوا على التخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة. 5- تنميةُ الوعيِ البيئي: تحتاج البشرية إلى أخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة، يتبيَّنُ ممَّا تقدَّمَ أنَّ هناك علاقةً تبادليةً بين الإنسانِ وبِيْئَتِهِ،