وأحبّ الرَّجلَ الذّي يَتَنَاوَل الأخشَابَ الـجَافَّةَ الـمهمَلَـةَ، فَيَصنَع منـهَا مَـهدًا للأطفَال، أحبُّ ذَلكَ الذّي يُـحَوِّل الطّينَ إلَـى آنيَةٍ للزَّيتِ، وأحبُّ الـخيّاط الذي يـخيط الأثواب بـخيوطٍ مَنَحَهَا نورَ عينيْهِ. وفـي قلبـي حُبٌّ عـميق للرّاعـي الذي يقود قطيعه كلَّ صباح إلى الـمروج الـخضراء، وماذا عساي أن أقول في من يكـره العمل لـِخُمول في جسده و روحه، وفي من يأبى العمل لأنّه بغنًى عن الـرّبـح، وفي من يـحتقر العمل متوهّما أنه أشرفُ من أن يُلوِّثَ يديه بالتّـــراب؟ (ماذا عساي أقول فـي الذيـن يـجلسونَ إلـى مائدة طعامـهـم)، ولا يضعـونَ علـيـهـا رغيفا من الـخـبـز؟ ماذا أقول فـي الذيـن يـحصدون من حـيـث لا يـزرعـون؟ لا أستطيع أنْ أقول كـلـمـة فـي هـؤلاء أكـثـر أو أقلّ مـمّا أقـولُ فـي النّباتات والـحشرات الطُّفَيْلِيَةِ التـي تستمدُ حياتَـها من عصيـر النّباتِ العاملِ ودماء الحيوان .