دراسة العلاقة التربوية حسب المقاربة النفسية الاجتماعية : وهذا ما يؤكده الدراسات النفسية والنفسية الاجتماعية منذ ظهور كتابات ج ج روسو Rousseau التي تدعو إلى أولوية حضانة الطفل الصغير والاعتناء به. وغيرهما) والعلاقة "الشيئية (عند باربرا فريدريكسون ‏Barbara Fredreckson وتومي أن روبرتس Tomi Roberts ونظرية الشيئية عندهم في إطار لفهم تجربة تحكم الإنسان في جسده واعتباره شيئا مثل كل الأشياء المحيطة بها كمفاهيم شهدت تطورا مطردا خلال القرن العشرين وقد تضاعف اهتمام الباحثين بميدان الطفولة الذي السع وأصبح أكثر ثراء مع تراكم الأبحاث النفسية حول مرحلتي منذ الولادة والمراهقة لضمان تفسير متكامل لخاصيات الطفل وما يربطه بمحيطه من علاقات، وقد جاء ذلك نتيجة تغيرات اجتماعية اقتصادية وسياسية اثرت في أنماط العلاقات في صلب المؤسسات الاجتماعية المسؤولة على تربية النشء. ومن هذه المنطلقات فإن هذه المقاربة النفسية الاجتماعية تتجاوز المقاربة السوسيولوجية التي تحدد مصير الإنسان بالطبقة الاجتماعية وتؤكد على عملية التفاعل التربوية داخل الفصل بين المعلم والمتعلم وكذلك خارجه بين مختلف العناصر الفاعلة في هذه العملية ويرى المنظرون من رواد هذه المقاربة أنه يمكن دراسة هذه المسألة من زاويتين: الأولى تتصل بكل شريك في العلاقة التربوية ودرجته ومكانته، وتتعلق الثانية بالتصورات التمثلات) المتبادلة كمفاهيم خاصة بعلم النفس الاجتماعي، والتصورات بمعنى الإدراك الذي يحصل لكل شريك في الوضعية التربوية أي) كيف يعيش تلك التجربة) وهي تتجلى كما يلي : أ. أثر المكانات والأدوار في العلاقة التربوية : * المكانات والأدوار الخاصة بكل شريك في العلاقة التربوية : ملاحظة: من خلال تحليل مصطلح "المكانة تبدو العلاقة بين المعلم والتلميذ عملية على مبدأ اللاتكافؤ حسب ما يظهر في هذه المقاربة النفسية الاجتماعية لذا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار المظاهر السلبية حتى يتم تفادي نتائجها على الصعيد النظري على الأقل كان ينزاح المربي عن "مركزيته" والسماح للطفل بفرض نفسه واحتلال مكانة تنقي سلوكه وثقته بنفسه أما بالنسبة إلى القيم الذي يعتبر عنصرا تربويا فاعلا في المعاهد والإعداديات. قد يكون اللاتكافؤ أقل إذ تتقلص المسافة التواصلية بينه وبين التلميذ ولكن دون الإخلال بقواعد العلاقة التي تخدم الأهداف التربوية التي تخدم أساسا في توفير المناخ النفسي التربوي المناسب. ب أثر التصورات المتبادلة بين الشريكين في العلاقة التربوية : - مفهوم "التصوّر" في علم النفس : يعرف جميل صليبا "التصوّر" بأنه فعل ذهني تحصل به المعرفة كالإدراك الحسي والتخيل والحكم من جهة ما هو باعث على حصول صورة الشيء في النفس" إذن هو مفهوم من المفاهيم المركزية في علم النفس الاجتماعي وقد أخذ "التصور الاجتماعي" عن علماء الاجتماع ثم تمّ استعماله وتحديد أبعاده من منظور نفسي اجتماعي في ضوء الأبحاث والدراسات في مجال علم النفس الاجتماعي التربوي حول التصورات في الوسط المدرسي. ثمّ نواترت الدراسات في إطار علم النفس الاجتماعي وعلم النفس الاجتماعي التربوي مع دينيس جودلي Denis lodeler وليام دواز William Dawes. يتمثل" التصور" في مجموعة منظمة من الآراء والاجتهادات والمعتقدات والمعلومات حول موضوع أو موقف معين أو علاقة ما (جون كلود أبريك John Claude Abric. ذلك لأنها تعتبر نتاجا مشتركا لعمل مختلف هذه السيرورات المذكورة وهذا ما دعاه إلى الإقرار بتعدد الآليات والتنظيمات الكامنة لدى الفرد والتي تبرز عند الحاجة لاتخاذ القرارات أو التموقع في مجال اجتماعي معين، ولعل ذلك ما يفسر تأثير التصورات الاجتماعية المتكونة عند المرئي والتلميذ في العلاقات التي تجمع بينهما. وهو يقسمه إلى مجموعة من الظواهر كالآتي: *تصوّر الآخر في العلاقة التربوية: يمكن اعتبار التصوّرات المتبادلة شبكات من المفاهيم المشتركة بين أفراد المجموعة الواحدة وشكلا من أشكال التفكير الاجتماعي وطريقة للتعرف على الواقع والتفكير فيه إذ تقوم مختلف الأنساق التصورية للوضعية التربوية على تجميع المعارف والمعاني الناتجة عن مختلف أنماط التواصل التربوي وتنظيمها وهي التي تحمل الفرد على التوجه والسلوك المتكيف مع الوضعية وهي تتأثر إلى جانب العوامل السيكولوجية الذاتية للفرد. ملاحظة: يتحدد تصوّر كل فرد للآخر في إطار الوضعية التربوية المدرسية بعدة عوامل كالقيم الاجتماعية الشائعة السن. يمكن دراسة هذه التصورات المتبادلة من خلال كل ما يصرح به كل شريك عندما يسأل عن تصوره للطرف الأخير وذلك من خلال تصرفات كلا الطرفين مع بعضهما البعض أقوالا وأفعالا، تصور المربي للتلميذ يتأثر بثلاثة عوامل هي /1 الشروط المعيارية العامة (عوامل تاريخية): وهي القيم الاجتماعية المرجعية (هناك من يعتبر المعلم بمثابة الوالد التي تصوّره من منظور وجداني وليبيدي/ معايير المؤسسة التربوية وأهدافها التي تتمثل أساسا في اكتساب المعارف والنجاح في الاختبارات والانضباط انطلاقا من كون تسيير المدرسة لا يحصل في الفوضى بل في تعاضد أدوار العاملين بها لتحقيق أهدافها الأيديولوجيات ليس على المعلم الحق في فرض إيديولوجية معينة من خلال علاقته بالتلميذ لأن مثل هذه المبادرات من شأنه أن يكبح تحزر التلميذ وأرائه حول إيديولوجيات أخرى. -مهما كانت المرحلة الثمانية التي يمر بها التلميذ فإنّه يعطي أهمية للمظاهر العلائقية والوجدانية في سلوك المعلم لانتماء إلى أحد الجنسين وخاصة في بناية المرحلة الابتدائية (الدخول إلى المرحلة الإعدادية) من شانه أن يجعل صورة المعلمة أفضل عند الفتيات وسبب ذلك سهولة تكليف الفتيات مع الوسط المدرسي أكثر من الفتيان وبالتالي نجد انفسنا بين نوعين من التصنيف: أي أنه من خلال الأفكار التي تكونها عن الأفراد يمكننا تصنيفهم فأسباب التصنيف تعليها حاجة الفرد إلى هيكلة الوسط الطبيعي والاجتماعي لغاية تحديد مكانته وتوجيه سلوكه لوجهة معينة غير أن التصنيف يتخذ شكل أحكام ذات طابع انفعالي حاد يفضي إلى عملية تقسيم ثنائي مبسط (جيد/ سيئ, وبالمقابل فإن إدراكنا لما هو كامن لدى الطفل واكتشافنا القوة التي يمكن أن تنمو في ذاته هما التصرفان الوحيدان اللذان يبرهنان على أننا نثق به وبالتربية وعلى أننا نحترم حريته“. 2/دراسة العلاقة التربوية حسب المقاربة التحليلية:‬‎ لقد أسهمت مدرسة التحليل النفسي من خلال دراسة علاقة الأم بالطفل والتي تعد من أولى العلاقات التي تجمع بين‬‎ ‎‫إنسان وإنسان آخر، فمن خلال البني تحقيق الذاتية التنافس La rivalité وتحقيق ال ذات Lidentification تتكون العلاقات‬‎ ‎‫والسلوك العلائقي نحو أحد الاتجاهين التاليين:‬‎ ‬‎ ‎‫العلاقات الإنسانية هي المجال الأكثر عمومية وتتضمن مختلف أنماط العلاقات بين أفراد الجماعات التي تختلف‬‎ ‎‫باختلاف الغابات والأنماط السلوكية التي تتطلها مقتضيات التواصل داخلها ومقتضيات بقائها بذاتها ولها‬‎ ‎‫خصوصياتها التي تن فرد بها دون غيرها. ‎‫يكاد جل المنظرين يقرون باعترافهم بوجود البعد اللاشعوري على اعتبار أن العلاقة التربوية لا تقتصر دراستها فق ط‬‎ ‎‫على السلوك الظاهريل يمكن كذلك النفاذ إلى السلوك اللاشعوري الباطن وذلك لأنها العلاقة التربوية) تشكل مجالا‬‎ ‎‫و حقلا لمختلف الشركاء تطفو من خلاله المشاعر والصراعات المكبوتة عند كل شريك والتي يكون قد عاشها في فترة‬‎ ‎‫سابقة محددة من فترات نموه النفسي الوجداني. ‎‫تحد في هذه السيورورات الجهاز النفسي من جهة والمواقف العلائقية اللاشعورية التي يمر بها الإنسان ويكتسب من‬‎ ‎‫خلا لها ذاته وهويته من ناحية أخرى :‬‎ الموقف الأوديني : )العلاقات اللاشعورية) هو موقف ثلاثي تكون فيه علاقة الطفل بوالديه بشكل مثلث وتمثل‬‎ ‎‫عقدة أوديب التي توافق المرحلة الشرجية مركبا نفسيا قائما عند كل فرد أساسه عشق الولد لأمه نظرا لكونها‬‎ ‎‫موضوع حبه الأول وكرهه لأبيه الذي يعتبره منافسا له في ذلك الحب وعقدة الكترا Electra بالنسبة إلى البنت التي‬‎ ‎‫تتمثل في عشقها لأبيها وإحساسها بالكراهية تجاه أمها. ‬‎ ‎‫وفي هذا الإطار يتنافس الأبناء مع آبائهم وتتكون علاقات حميمة في نفس الوقت. ففي سن الثالثة يبدأ وعي الطفل بانتمائه إلى أحد الجنسين وم نه تبدأ علاقاته في التكون‬‎ ‎‫ويصطدم بهذه المكبوتات في علاقته بوالديه أما من جهة نظر التحليل النفسي فسنتطرق إلى دراسة العلاقة التربوية‬‎ ‎‫على مستويين: الأول المربية : يرى فرويد أن " قدر المربي هو الانقطاع عن الطفولة والتوقي‬‎ ‎‫ منها وذلك لأن ما يتعلق بمواجهة مكبوتاته ودوافعه الطفلية المخيف ة يعتبر من أخطار‬‎ ‎‫المهنة وخاصة في مواجهة اللاشعور وما يمكن أن يتضمنه من نزاعات خاصة وأن الممارسة التربوية تقوده‬‎ ‎‫إلى إقحام نفسه كليا في العلاقة التربوية التي يعيشها مع الأطفال أو المراهقين. إن مخاطر اللاشعور ترتبط بالمربي نفسه وهي كذلك كامنة في التلميذ والمكبوتات هي مشاعر وأحاسيس ومواقف قد عاشها في الماضي منذ ربطه لعلاقاته مع العالم الخارجي لذا يجب على المربي أن يعي هذه المخاطر ويبحث عن الجوانب التي تحيط بالمتربي ويرى فرويد وأتباعه أن المربي يتقمص الطفل الذي مازال كامنا فيه والمنسي بفعل الكبت والذي يمكن أن يتيقظ فيه من خلال العلاقة التربوية تحت الدوافع التحويلية المعيشة، ويرى غيره من التحليليين النفسيين أن العقاب هو نوع من الانتقام أو النار الذي يخضع في كل الحالات إلى منطق تربوي واحد وأن الضغط والحرية من مشكلات المربي لا التربية لأنهما يرتبطان بصحة المربي النفسية أي بقدرته على التغلب على النزاعات السادية التلذذ بتعذيب الآخر) والمازوشية (التلذذ بتعذيب النفس). كما لا يقتضي من التلميذ خضوعه للمربي وبالتالي الابتعاد عن الاستلاب المتبادل الذي يحقق للمرتين سلطة شخصية مبنية على الاستحواذ على رغبات التلميذ تحقيقا لرماناته النرجسية لأنه يرى نفسه في التلميذ) التي تتمثل في إيجاد الطفل كممائل للذات ملغيا بذلك الاختلاف والغيرية أي ملغيا حق الآخر (التلميذ) في أن يكون هو لا صورة للأنا (المعلم). ب العلاقة التربوية ولعبة الرغبات المتبادلة : يرى علماء النفس التحليليون من أمثال جاك لاكان lacques Lacan أن الرغبة تعتبر محرك العلاقة التربوية وأن النقطة المركزية في كل علاقة هي حمل الآخر على الاعتراف بنا وبرغباتنا وفي نفس الوقت الاعتراف بالآخر، وعلى المربي الجيد أن يعترف بدور الرغبة وأن يكتشف مداها كما أنه عليه السيطرة على قواها وذلك بالاحتكام إلى مرجع خارجي هو القانون وهذا يعني أن نجد مدلولا أو معنى المغامراته الخاصة أو صياغتها من جديد ضمن المعايير الاجتماعية مثلا: تحويل خصائص يمتلكها قيم سابق على قيم حالي" ويتمثل هذا التحويل في ذكريات أو إسهامات أو أفكار أو أدوار مستوحاة اعتمادا على تشابه طفيف وحتى على عدم التشابه أحيانا التحويل أساسا هو استدراج للآخر لاتخاذ سلوك معين وفرض شكل ما للعلاقة، في هذا النوع من المواقف على المربي أن يسيطر على هذا التحويل أي يقبل التعبير عن الطلب (عدم الرفض / الصد) والتفهم دون الاستجابة إلى المطالبة الانفعالية بالكلام أو بالحركات وتوجيه التركيز النفسي على نشاطات تربوية ملائمة،