مع ظھور وتسارع ثورة الاتصالات والمعلومات في الآونة الأخیرة التي أضافت إلى الإنجازات الحضاریة للإنسان ، لم تنتبھ تلك الثورة لدراسة الآثارالاجتماعیة والسیاسیة والأخلاقیة التي یمكن أن تنتج عنھا ، خاصة في دول العالم الثالث التي اعتادت استیراد التكنولوجیا ومظاھر الترف والترفیھ دون أن لذلك تزاید الاھتمام مؤخرا في الدول المتقدمة بدراسة الجوانب الأخلاقیة للثورة الإعلامیة الحدیثة . وبناء على ذلك یمكننا رصدأسباب ھذا الاھتمام في عدة نقاط كما یلي :أولاً- تطور تكنولوجیا الاتصال وثورة المعلومات :1- فنحن نعیش الیوم ما یسمى "طریق المعلومات السریع Information Super Highway الذي یتیح نوعیات جدیدة من إمكانات إنتاج وتداولالأخبار وسھولة تفاعل الجمھور معھا من خلال ثلاثي المعلومات الشھیر " الستالایت ، كما ظھر كثیر من المؤسساتالإخباریة تزاید حجم التدفق الإخباري ، وبالتالي تحول دور الإعلامیین من حراس للبوابة الإعلامیة " Gatekeepers Watchdogs" بل أصبح مما اسفر عن مشكلات وقضایا أخلاقیة مثل :- التحقق من دقة المعلومات في ظل النقل الحي والفوري للأخبار.- احتكار المؤسسات الإعلامیة وبالتالي تكریس سیطرة الدول الكبرى على العالم .- خلق نمط ثقافي أحادي ضیق Monoculture أي تقلیل التنوع في الفكر الإنساني وزیادة التنمیط البشري .2 - أثرت التكنولوجیا الحدیثة على وسائل الاتصال التقلیدیة-خاصة الصحافة المطبوعة - كما أن ھناك توقعات باختفاء محطات الرادیو والتلیفزیونبشكلھا الحالي لتحل محلھا وسائل اتصال تفاعلیة . لذلك فإن ھذا الشعور بالخطر الذي یھدد وسائل الإعلام المعروفة یمثل نقطة بدایة لتشكیل علاقة قویةومتوازنة بین الإعلام والجمھور والتي لن تتحقق إلا بالالتزام بأخلاق المھنة الإعلامیة أو أنھم ات ، أثبتت الدراسات أن كثیرا من الجمھور لا یثقون في أخلاقیات الصحفیین ، ویعتقدون أنھم یسلكون طرقا غیر أخلاقیة للحصول على المعلوم: على سبیل المثال ومن أھم دوافع عدم المصداقیة في المجتمع الأمریكي یة ضد تقوم حملات صحف الصور التي تؤخذ للمشاھیر في حیاتھم الخاصة بدون علمھم وبناء علیھا : مثال ( انتھاك وسائل الإعلام لحق الخصوصیة -1. ھؤلاء عدم حساسیة وسائل الإعلام الآراء الجمھور وشكاواھم -۲ عدم الدقة فیما تقدمھ وسائل الإعلام من معلومات -۳ السعي الدؤوب للإثارة من خلال نشر الفضائح والأخبار السلبیة المبالغ فیھا -٤: من خلال عدة خطوات ویشیر بعض الخبراء إلى ضرورة جعل المعاییر الأخلاقیة جزءا من شخصیة الصحفیین تحدید القیم المھنیة وسیاسات التحریر بوضوح ، وتحدید نوعیة الصحافة التي یمارسھا الصحفیون * ۱ ) العمل الفھم الجید لمتطلبات ( تعریف الصحفیین المھام التي ینبغي أن یقوموا بھا * ۲ توضیح السیاسات التحریریة للجمھور ، أي كأنھ اتفاق ضمني معھ حول ما تقدمھ لھ تلك الصحافة * ۳أدى الاتجاه التجاري إلى تركیز وسائل الإعلام على نوعیة معینة من المضمون لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الإعلانات ، من خلال زیادة التوزیع أو نسبةرابعاً: تجنب إصدار قوانین تؤثر على حریة الإعلام :كانت ھناك تخوفات من أن یؤدي إصدار مواثیق الشرف الإعلامیة إلى اتخاذ القضاة والمحامین خطوات قانونیة ضد الصحفیین في قضایا القذف،یقید حریة الصحافة.- إلا أن ھناك بعض الأصوات التي نادت بأن تقوم الوسائل الإعلامیة بوضع القواعد الأخلاقیة كتنظیم ذاتي لھا ،ومن ناحیة أخرى؛ بل یلتزم الصحفیون بالأخلاقیات طواعیة انطلاقا من إحساسھم بالمسئولیةإصداره في نفس العام .- من جھة أخرى یصعب إصدار قوانین یتم تطبیقھا على الصحف والرادیو والتلیفزیون من ناحیة ولا یتم تطبیقھا على الإنترنت من ناحیة أخرى ، ففيذلك انعدام للمساواة والعدالةخامساً: الأخلاقیات الإعلامیة أداة للعلاقات العامة للمؤسسات الإعلامیة :فالالتزام بالمواثیق الأخلاقیة یؤدي إلى زیادة مصداقیة الوسائل الإعلامیة ویظھرھا في صورة العنصر العامل على خدمة المجتمع والدفاع عن مصالحھ .أي أنھا تبني صورة ذھنیة إیجابیة للمؤسسة الإعلامیة ،ھناك علاقة ارتباطیة بین حریة الاعلام وأخلاقیات الاعلام لذلك سنستعرض -باختصار - النظم الاعلامیة وتصورھا لمفاھیم الحریة والاخلاقیات. فكل مجتمع بما لھ من خصوصیة ثقافیة وحضاریة لھ نظرة مختلفة لحریة الاعلام.1 - النظام السلطوي: - یستخدم الاعلام في ھذا النظام لزیادة سیطرة الدولة وزیادة التشكك في الجماھیر لحساب النخبة حیث یرون أن الناس عامة غیر قادرین عقلیا أو نفسیا على اتخاذ الكثیر من القرارات وبالتالي فان امتلاكھم للسلطة یشكل خطرا على المجتمع.1- أن الصحافة یجب أن تؤید السلطة بشكل دائم.3- یحظر ما یشكل أي اساءة الى النخبة والطبقة المسیطرة والقیم السیاسیة4 - یعتبر فعلا جنائیا كل ھجوم على السیاسة الرسمیة ویتعرض الصحفیون للعقوبات.5- لا یتمتع الصحفیون بأي استقلال داخل مؤساستھم الصحفیة.وتكرس السلطة ھذه المبادئ من خلال عدة طرق :1 - القیود التشریعیة.2 - الرقابة بكل أشكالھا ( عسكریة - مدنیة) ، المباشرة وغیر المباشرة.3 - إنذار الصحف أو تعطیلھا أو إغلاقھا.إذن لیست ھناك حاجة في مثل ھذا النظام الأخلاقیات إعلام أو المواثیق الأخلاقیة. ذلك أن ھذه الأخلاقیات لا یمكن أن تنمو وتتطور إلا في مناخ من الحریة،في مثل ھذا النظام تنتشر الرشاوي للصحفیین لصالح السلطات، ویتم التغاضي عن انحرافات الصحفیین والسلطة لمصالح متبادلة، ھذا النظام خارج سیاق العصر مع تكنولوجیا الاتصال التي أزالت عوائق كثیرة.- النظام اللیبرالي: ویتسم بما یلي:1- النشر غیر مرتبط بأي رقابة مسبقة.2- امتلاك ادارة الصحف ووسائل الاعلام بدون ترخیص من السلطة.3- حریة انتقاد الحكومة والمسؤولین دون عقاب.4- حریة تداول وجمع المعلومات دون أي قیود.5- الاستقلال المھني للصحفیین داخل مؤسساتھم الإعلامیة.إلا أن ظاھرة التركیز والاحتكار في ملكیة وسائل الإعلام الغربیة أدى إلى تدھور الحالة المعنویة للصحفیین الذین أصبحوا یشكون في أھمیة الدور الذي یقومون بھ. وقد ظھر ذلك في حرب الخلیج حیث قدمت نموذجا للعلاقة بین وسائل الاعلام والسلطة . كما راجت الاخلاقیات المرتبطة بالتجارة والتسویق والبزنس ، وتحقیق الأرباح من خلال زیادة معدلات التوزیع والمشاھدة على حساب المكانة المجتمعیة لوسائل الاعلام بالتركیز على المواد التافھة والخفیفة (الریاضة -الجنس-الفضائح).3- نظام المسؤلیة الاجتماعیة لوسائل الإعلام :• أدت التطورات في مجال الاعلام الى ظھور اتجاه یرى أن حریة الصحافة لیست حقا طبیعیا لكنھا امتیاز منح على أساس أنھا تشكل فائدة للمجتمع.فھي حریة مسؤولةaccountable freedom .• أي أن نظریة المسئولیة الاجتماعیة لوسائل الإعلام تقوم على محاولة إیجاد مصالحة بین استقلال الصحافة والتزامھا نحو المجتمع.وتتلخص أھم المبادئ التي تقوم علیھا ھذه النظریة في:1 - أن الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى یجب أن تقبل وتنفذ التزامات معینة للمجتمع .2 - أن ھذه الالتزامات یمكن تنفیذھا من خلال الالتزام بالمعاییر المھنیة لنقل المعلومات مثل الحقیقة والدقة والموضوعیة والتوازن .3 - لتنفیذ ھذه الالتزامات یجب أن تنظم الصحافة نفسھا بشكل ذاتي .