ومن الجدير بالذكر أن علم الاجتماع الصناعي من العلوم الاجتماعية الحديثة، وتعددت آراء الباحثين حول نشأته ويمكن حصرها في ثلاثة اتجاهات رئيسية هي :٣- الاتجاه الاجتماعي.وهي اتجاهات تحاول تفسير مقولة "العمل" "الصناعي والنتائج المترتبة عليه، والدوافع التي تدعو إليه. مع العلم أن هناك دراسات ومؤلفات بحثت في العمل والإنتاج والاقتصاد من قبل بعض العلماء أمثال ماركس وسان سيمون وماكس فيبر وغيرهم الا أن تلك الدراسات لم تكن متخصصة وإنما كانت تتناول الإنتاج الاقتصادي بوجه عام، وهي دراسات مهمة تعد مقدمة للاتجاهات المفسرة لنشأة علم الاجتماع الصناعي، وهي باختصار كما يلي : أن العامل يعتبر المصدر الرئيسي للطاقة في العمل، لم يعد للعامل دور أساسي في العملية الإنتاجية. وأصبح دوره ثانويا، أي أصبح العامل تابعا للآلة، وأدرك العمال أنهم آلات بشرية"، وعلى أساس هذا الإدراك كانت الإدارة تتعامل معهم. أي أن الاتجاه المادي ينظر إلى العامل كأداة للإنتاج، وقد جاءت تجارب فريدريك تايلور Taylor (١٨٥٦ (۱۹۱٥) لتعزز هذا الاتجاه. فقد كان يعتقد أن العامل عبارة عن آلة عضوية قادرة على التوافق مع عملية الإنتاج توافقا تاما.لقد كان تايلور مهندسا أمريكيا يعمل في إحدى الشركات المختصة بمواد البناء والأسلاك المعدنية، وكانت هناك مشكلات تعترض الإدارة منها انخفاض الإنتاج وتدني إنتاجية العمال نظرا لعدم التخطيط السليم للعمل، وحداثة معظم العمال بالعمل الصناعي لانحدارهم من أصول ريفية، وكانوا يحددون مستويات الإنتاج التي تروقهم، ولم يكن يبذلون جهودا كبيرة في العمل لاعتقادهم بأن أي زيادة في الإنتاج سيترتب عليها بطالة للعمال، وانطلاقا من تلك المشكلات قام تايلور واتباعه بتجارب المعالجة هذه المشكلات وما شابهها.لقد كانت اتجاهات التفكير لدى تايلور وأتباعه تتمحور حول العامل، معتقدا بأن الدافع إلى العمل هو الأجر، أي أنه إذا أعطى العامل أجرا أعلى فسيبذل جهدا أكبر في العمل، بالإضافة إلى تحسين ظروف العمل الفيزيقية من إضاءة وتهوية وغير ذلك. ولهذا جاءت دراسة تايلور لمعالجة المشكلات السابقة للإدارة من خلال التركيز على العامل أثناء العمل، فأخذ بملاحظة الأعمال التي يقوم بها العمال و برصد الحركات للعامل التي يتطلبها كل عمل وتسجيل الزمن اللازم لكل حركة من هذه الحركات، فأخذ يصنف هذه الحركات (الخطوات) الى حركات لازمة وحركات غير لازمة لأداء العمل وانجازه؛ ثم أخذ يصنف الزمن أيضا إلى زمن لازم وزمن غير لازم لكل حركة في العمل، ووقت ثابت أطلق عليها تايلور الطريقة المثلى، وقد اعتمدها في تغيير نظام العمل في الشركة من خلال تدريب العمال عليها، فزادت إنتاجية العامل، وخفض عدد العمال في العمل، وقد نتج عن ذلك توفير أموال للشركة، وقد عرفت هذه الدراسة بالطريقة التايلورية"، أو الزمن والحركة" أو "الإدارة العلمية وهي مترادفات عرفت فيما بعد بنظرية تايلور.وقد برزت بعد ذلك مشكلة التعب لدى العمال المدربين، ففكر تايلور وزملاؤه بحل لهذه المشكلة معتبرين التعب ظاهرة فسيولوجية. فبدأوا يبحثون عـــــن الحركات التي يمكن أن تقلل التعب مقترنة بفترة زمنية معينة، وقد توصلوا في النهاية إلى أن زيادة الأجر، وتحسين ظروف العمل الفيزيقية يؤدي إلى زيادة الإنتاج، ورفع الروح المعنوية لدى العمال.وقد كان يعتقد تايلور أن العمال سوف يسرون بهذه الطريقة، نظرا لأنها ستزيد من إنتاجهم، وبالتالي سيزداد أجرهم، وفق مفهومه للإنسان الاقتصادي، وقد ربط أجور العمال بنظام الأجر بالقطعة، فكلما انتج العامل قطعا أكثر حصل على أجر أعلى، غير أن أهداف العمال لم تكن متطابقة مع أهداف تايلور، فأهداف تايلور تنحصر في تحقيق الربح للإدارة، وتحقيق زيادة الأجر للعمال. إلا أن العمال لم يكونوا راضين عن ذلك.ويلاحظ أن النتائج العامة التي توصل إليها تايلور واتباعه تنحصر في التنظيم الفسيولوجي لسلوك العمال الذي كان محل اهتمام الإدارة العلمية التي تتطلق في تصورها بأن العامل عبارة عن شيء ملحق بالآلة يقوم بالأعمال الإنتاجية المنظمة، وقد عبروا عن ذلك "بالأداء الكفء".1- استخدام نظرية الزمن والحركة للوصول إلى الطريقة المثلى لأداء العمل من أجل زيادة الإنتاج.وضع نظام الحوافز أي زيادة الأجور كلما زاد الإنتاج عن مستوى الحد المطلوب.٣- تحسين الظروف الفيزيقية المحيطة بالعمل من أجل المساهمة في زيادة الإنتاج، وقد انتشرت هذه الدراسات في أوروبا، وأخذت تطبق في المصانع الكبرى، وقد لاقت معارضة شديدة أي أن المعارضين من قبل العمال أكثر من المؤيدين،وعموماً جاءت عدة انتقادات للنظرية التايلورية منها :