وتقديره يختلف باختلاف أحوال الأشخاص من اليسار وقلة ما في اليد وضابطه ألا يتجاوز الإنسان في نحو مطعمه ، والإسراف يفضي إلى الفاقة ؛ ذلك أن المسرف يطلق يده في الإنفاق إرضاء لشهواته ؛ وينزل إلى طبقة المقلين أو المعدمين. والإسراف ينبت في النفوس الجبن والجور، فلا يبالي أن يأخذه من طرق غير مشروعة، فيمد يده إلى الاستيلاء على ما في يد غيره من طريق الرشوة، لذلك كان الغالب على المترفين المسرفين قبض أيديهم حيث يبسط غيرهم يده إسعاداً لذوي الحاجات من الفقراء والمنكوبين وللإسراف في الترف أثر في الصحة ؛ فقد دلت المشاهدات على أن المسرف في نحو المأكل والمشرب لا يتمتع بالصحة التي يتمتع بها المقتصدون فيما يأكلون وما يشربون. والإسراف في الترف يقل معه النبوغ في العلم ؛ ذلك أن النفس المحفوفة بالرفاهية من كل جانب ، لأنها في لذة قد تشغلها أن تطلب لذة كلذة العلوم طلبا يبلغ بها مرتبة العبقرية.