محكات ومعايير تشخيص اضطراب طيف التوحد بين الطبعة الرابعة المعدلة والطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية هدفت هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على معايير تشخيص اضطراب طيف التوحد وتطورها عبر الزمن، بالإضافة إلى إجراء مقارنة بين الصورتين وذلك لرصد أهم الفروقات الجوهرية بينهما، واستكشاف مدى تأثير هذه التعديلات على عمليات التشخيص والتدخل العلاجي والتربوي للأطفال المصابين بهذا الاضطراب. الكلمات المفتاحية: محكات معايير التشخيص /اضطراب طيف التوحد/ الدليل التشخيصي المقدمة: سواء اللفظي أو غير اللفظي، عادةً ما يظهر هذا الاضطراب خلال مرحلة الطفولة المبكرة، مما يؤثر على نموه المعرفي والاجتماعي بشكل ملحوظ. وقد شهد العالم خلال العقود الأخيرة، تطورًا هائلًا في الأبحاث العلمية التي تهدف إلى فهم اضطراب طيف التوحد، سواء من حيث أسبابه المحتملة أو أساليب تشخيصه أو استراتيجيات التخفيف من حدته. يساهم بشكل كبير في تحسين مهارات التواصل والسلوك التكيفي لدى الأطفال المصابين. إلى جانب ذلك، حيث تم تصميم برامج مخصصة لمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد لتنمية مهاراتهم الاجتماعية والتواصلية، وتشمل هذه البرامج العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق والتخاطب، بالإضافة إلى البرامج التعليمية التي تراعي احتياجات كل طفل على حدا. تحديث المعايير المستخدمة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM)، حيث طرأت تغييرات جوهرية في الطبعة الخامسة (DSM-5) مقارنة بالإصدارات السابقة. فقد تم توحيد تشخيص اضطراب التوحد تحت مصطلح "اضطراب طيف التوحد" بدلًا من التصنيفات الفرعية التي كانت موجودة في DSM-IV-TR، مثل متلازمة أسبرجر واضطراب الطفولة التفككي. بحيث تركز على مجالين أساسيين هما: ضعف التواصل والتفاعل الاجتماعي، مما جعل عملية التشخيص أكثر دقة وشمولية. ساهمت هذه التطورات في تحسين آليات وضع الخطط التربوية والعلاجية المناسبة لكل حالة، حيث أصبح من الممكن تحديد درجة شدة الاضطراب بشكل أكثر دقة، ومعالجي النطق، والمعالجين السلوكيين لضمان تقديم رعاية شاملة للأطفال المصابين بالتوحد. وفي ظل تزايد معدلات انتشار اضطراب طيف التوحد عالميًا، حيث يُقدّر أن طفلًا واحدًا من بين كل (100) طفل يعاني منه، أصبح من الضروري استمرار البحث والتطوير في مجالات التشخيص والتدخل العلاجي لضمان تحسين جودة حياة الأفراد المصابين بهذا الاضطراب، ومساعدتهم على تحقيق أقصى إمكاناتهم في المجتمع. مشكلة الدراسة: يُعد تشخيص اضطراب طيف التوحد؛ إذ لا توجد حالتان متطابقتان تمامًا، كما أن أعراضه ليست محددة أو شاملة بشكل واضح. لذا، وفي ظل تزايد معدل انتشار اضطراب طيف التوحد، ازداد اهتمام الباحثين في مختلف التخصصات بتطوير معايير تشخيصية دقيقة، تساعد في تحديد درجة شدة الاضطراب ووضع خطط تربوية فردية مناسبة لكل حالة. تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على ماهية الفروق بين المعايير والمحكات التي تستخدم في تشخيص التوحد، كيف تطورت معايير تشخيص اضطراب طيف التوحد بين الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية في إصداريه الرابع المعدل والخامس، تساؤلات الدراسة: 1-هل توجد فروق بين معايير تشخيص التوحد الواردة في الطبعة الرابعة المعدلة والطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي؟ 2- هل يمكن اعتبار الدليل التشخيصي بصورته الخامسة من اهم أدوات التشخيص والا كترها تطورا؟ اهداف الدراسة: تهدف هذه الدراسة الى: 1-التعرف على التطور التاريخي لتشخيص التوحد، والتسميات المختلفة لهذا الاضطراب على مر العصور وصولا الى الدليل التشخيصي والاحصائي بصورته الخامسة. 2- التعرف على اهم الفروق بين المعايير التشخصية للتوحد حسب للدليل التشخيصي بصورته الرابعة والخامسة. تكمن أهمية هذه الدراسة الوصفية في تسليط الضوء على توضيح اهم الفروقات بين معايير تشخيص التوحد حسب الطبعة الرابعة المعدلة والطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العقلية، وذلك لما لهذه التغييرات من تأثير مباشر على دقة التشخيص، وتحديد الفئات المستهدفة وتقديم التدخلات المناسبة. كما تسهم هذه الدراسة في زيادة وعي المختصين في مجالات التربية الخاصة والصحة النفسية والتربية بصفة عامة بأحدث المعايير التشخيصية، منهج الدراسة: ويساعد هذا المنهج في تقديم وصف دقيق للتغيرات التي طرأت على معايير التشخيص، وقد أعتبر كارنر أن العلامة البارزة للتوحد هي عجز الفرد عن الارتباط بالناس والمواقف بالطريقة العادية. 2.تعريف التشخيص: يعرفه سيد سليمان: " بأنه تحديد نمط الاضطرابات الذي أصاب الفرد على أساس الاعراض والعلامات والاختبارات والفحوص. سيد سليمان 2012، 2006، هي أكبر منظمة عالمية وعلمية تسعى الى تعزيز علم النفس كعلم، وكوسيلة لتعزيز الصحة والتعليم والرعاية الإنسانية، وتحسين كفاءات وظيفية للأخصائيين النفسيين من خلل مستويات عالية من الأخلاقيات. وهي التي تصدر الدليل الإحصائي التشخيصي للأمراض العقلية DSM)) وحسب هذا الدليل فان كل اضطراب يتم تسميته وتصنيفه من خلال إعطاء رقم رمزي ومعايير منظمة له بحيث يمكن تمييزه عن اضطراب أخر. ص59) بالإضافة إلى التقييمات المستندة إلى معايير مرجعية دقيقة. أولا : الإطار النظري للدراسة تمهيد: والتواصل اللفظي وغير اللفظي، حيث انتقلت المعايير من الطبعة الرابعة المعدلة (DSM-IV-TR) إلى الطبعة الخامسة (DSM-5). منها: • الانشغال بالذات • الاجترار • فصام الطفولة • التمركز الذاتي تختلف هذه الترجمات في دلالاتها، ولكنها جميعًا تشير إلى اضطراب طيف التوحد بما يتضمنه من صعوبات في التفاعل الاجتماعي، -يعتبر (ليو كانر) أول من أشار إلى إعاقة التوحد وذلك في 1943م حينما كان يقوم بفحص بعض الأطفال المتخلفين عقليا حيث لاحظ أنماط سلوكية غير عادية لإحدى عشر طفلا كانوا مصنفين على أنهم من المتخلفين عقليا وقام بوصف هذه السلوكيات وأطلق عليهم مسمى التوحديين. -اقترح رتغو وفريمان عام 1978م أن التوحد هو اضطراب أو متلازمة يتم التعرف عليها سلوكيًا، وتشمل الأعراض الرئيسية التي تم تحديدها: 1. اضطراب في سرعة أو تتابع النمو: يشير إلى التأخر أو الانحراف عن النمو الطبيعي في مجالات متعددة مثل الحركة أو المهارات الاجتماعية. 2. اضطراب في الاستجابات الحسية للمثيرات: يتضمن عدم القدرة على الاستجابة بشكل طبيعي للمؤثرات الحسية مثل الصوت، الضوء، أو اللمس. 3. اضطراب في الكلام واللغة والسعة المعرفية: يتعلق بصعوبات في تطوير مهارات اللغة والكلام، تعتبر هذه السمات محورية في فهم طبيعة اضطراب التوحد وفقًا لهذا النموذج. -حسب الجمعية الأمريكية للتوحد (Autism Society of America) يُعرف التوحد (أو اضطراب طيف التوحد) على أنه إعاقة نمائية عصبية تؤثر على طريقة تفكير و تفاعل الأفراد مع الآخرين. 1. صعوبات في التواصل: تتضمن تأخيرات أو مشاكل في تطوير اللغة، 3. السلوكيات المتكررة والمقيدة: مثل الحركات المتكررة (مثل التأرجح) أو الانشغال الزائد في الأنشطة أو المواضيع الضيقة. تختلف هذه الأعراض من شخص لآخر، ويشمل طيف التوحد مجموعة واسعة من الإمكانيات والقدرات. من خلال التشخيص المبكر، يمكن تقديم الدعم والتدخلات المناسبة لتحسين جودة حياة الأشخاص المصابين بالتوحد(يحي القبالي ، 2008، ص228(. رؤية تاريخية حول تطور محكات ومعايير تشخيص التوحد: يعكس تطور معايير تشخيص التوحد مسيرة معرفية طويلة، بدأت من وصفات أولية تعتمد على الملاحظة السريرية البحتة، مرورًا بتحديد معايير معيارية دقيقة في الأدلة التشخيصية الرسمية، - تشخيص التوحد حسب الدليل الاحصائي (نظرة داخل الدليل): لم يظهر التوحد لا في الطبعة الأولى من الدليل الاحصائي والتشخيصي التي صدرت عام (1952) ولا في الطبعة الثانية والتي صدرت (1968) م. ظهر اول مرة في الطبعة الثالثة والتي صدرت (1980) وتضمن محكين اساسين لتشخيص التوحد: المحك الأول: يتضمن قصور نوعي في مجال التفاعلات الاجتماعية والتواصل الاجتماعي وغير لفظي كذلك النشاط التخيلي ومحدودية النشاطات والاهتمامات. المحك الثاني: ويجب أن يظهر الاضطراب في مرحلة الطفولة المبكرة أي خلال 3 سنوات الأولى من عمر الطفل (36) شهر. -تشخيص التوحد حسب الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات العقلية الطبعة الرابعة المعدلة Developmental Pervasive Disorders وقد لاقت هده المعايير قبولا وانتشارا واسعا في ميدان التربية الخاصة، وعند تشخيص التوحد حسب الطبعة الرابعة لابد من توفر 6 اعراض على الأقل من 3 بنود، وذلك من خلال توفر عرضين من الفئة الأولى وعرض واحد من الفئة الثانية، وعرض واحد من الفئة الثالثة ويمكن توضيح ذلك حسب الاتي: -يصنف كل محك على مجموعة من الفئات كما يوضح الجدول رقم (1) الفئة الثالثة الفئة الثانية الفئة الأولى النمطية والمحدودية في الاهتمامات والسلوك والنشاط عجز نوعي في التواصل الاجتماعي عجز في التفاعل الاجتماعي او اضطراب تفكك الطفولة. 2007, P10) 1- تسمية الفئة: استخدام مصطلح جديد هو اضطراب طيف التوحد ASD حيث يجمع فيه اضطراب التوحد، تبرر اللجنة بأسقاطها متلازمة ريث لكون السبب في الإصابة هو سبب جيني فقد تم اكتشاف الجين المسبب لها. 2-تم الاعتماد على معيارين بدلا من ثلاث معيار في الطبعة الرابعة والشكل التالي يوضح هذين المعيارين. 4- تحديد مستوى الشدة أي شدة الاعراض بالنسبة للمختصين اثناء التشخيص والذي لم يكون موجود في النسخ السابقة من الدليل الاحصائي والتشخيصي، والتي يمكننا أن نسقطها على اضطراب النمائي الشامل غير محدد في التصنيف الرابع. 2019، وبعد هذا العرض الموجز لاهم معايير تشخيص التوحد والمقارنة بين الطبعتين الرابعة والخامسة يستعرض الجدول الاتي ملخص لاهم الفروق في تشخيص التوحد بين الطبعة الرابعة المعدلة (, ملخص لاهم الفروق بين النسختين جدول رقم (2) ريت، الاضطرابات النمائية الشاملة غير المحددة، واسبرجر، النمائية الشاملة غير المحددة ضمن فئة واحدة فقط محكات التشخيص ثلاثة محكات: التفاعل الاجتماعي، السلوكيات النمطية محكين: التفاعل والتواصل الاجتماعي، مستوى الشدة خمس اضطرابات منفصلة تمثل اختلافا في شدة الاعراض تحديد مستوى الشدة وفقا لثلاثة مستويات ضمن فئة واحدة اللغة، الحالات الطبية والجينية، الكتاتونيا المدى العمري لظهور الأعراض 3سنوات الطفولة المبكرة حتى عمر8سوات ومن خلال المقارنة السابقة نستطيع القول بانه هناك فروقا كبيرة وجوهرية واختلاف في تشخيص التوحد من حيث: أصبح مصطلح "اضطراب طيف التوحد" هو المستخدم حاليًا في DSM-5. التواصل، مما يساعد في تخصيص التدخلات العلاجية المناسبة. 4. توسيع نطاق الأعمار المشمولة بالتشخيص: حيث يمكن تشخيص الأفراد حتى سن 8 سنوات مقارنة بـ 3 سنوات في DSM-IV. والذي مثل نقلة نوعية في هذا المجال. فقد أصبح التشخيص أكثر دقة وسهولة مقارنة بالماضي، حيث يُمكن تحديد طيف التوحد وفقاً لشدة الأعراض ودرجة تأثيرها، هذا ما أكده محمد عبد الفتاح الجابري (2014) في دراسته التي تناولت التغيرات التي طرأت على المفاهيم المتعلقة باضطراب طيف التوحد وفق المستجدات التي أُعلنت في الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي (DSM-5)، كما أشار إلى التحديات التي قد تواجه عملية التشخيص. مستخلص: مما يبرز التطورات المهمة التي شهدتها هذه المعايير على مر الزمن. وقد أظهرت الدراسة أن الطبعة الخامسة (DSM-5) تمثل نقلة نوعية في تشخيص اضطراب طيف التوحد، حيث قدمت معايير أكثر مرونة ودقة، وبفضل هذه التعديلات، أصبحت الطبعة الخامسة تُعد الأداة الأكثر تطورًا وشمولية في تشخيص التوحد على مستوى العالم. وبناءً على ما تم استعراضه، يمكننا التأكيد على أن DSM-5 يُعد المرجع الأكثر موثوقية في تشخيص اضطراب طيف التوحد، حيث أسهمت التعديلات في تحسين دقة التشخيص وجعل العملية أكثر وضوحًا للمختصين. وهذا بدوره ساعد في تحديد احتياجات الأطفال المصابين بهذا الاضطراب، كما أسهم في تحسين جودة التشخيص وتقديم استراتيجيات تدخل فعّالة. -التوصيات: بما في ذلك التحديثات الأخيرة في الطبعة الخامسة (DSM-5). 2. التشخيص المبكر: ينبغي التركيز على التشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحد في مراحل الطفولة المبكرة،