تَنظِيمُ الجُيُوشِ الإسلاميّةِ في الشّرقِ الأدنى خلالَ القرنِ السّادسِ الهجريّ، قامَ على أساسِ قوّةٍ عسكريّةٍ دائمةٍ (العسكر) مكوّنةٍ من مُحاربينَ وحُرّاسٍ مُشتَراةٍ أو مُجبَاةٍ كجزيةٍ، أو موروثةٍ من الأميرِ الحاكم. كانَ أغلبُهم من أتراكِ آسيا الوسطى وأوروبا الشّرقيّةِ وجورجيا، فرساناً ماهرينَ في الرّمايةِ. تناسبَ حجمُ عساكرِ كلّ أميرٍ مع قوّتِهِ وموارِدِهِ، فلم تتجاوز قوّاتُ أمراءِ دمشق وشيزر بضعةَ آلافٍ، بينما امتلكَ الأتابِكةُ في الجزيرة جيوشاً أقوى بكثير. عُزّزت الجيوشُ الإسلاميّةُ بمرتزقةٍ، كالدّيلم والأرمن، بالإضافةِ إلى أحرارٍ وتركمانَ. بلغَ عددُ الجيشِ السلجوقيّ الدّائمِ في عهدِ ملكشاه 400,000 مقاتلٍ. قُسّمت القوّاتُ إلى عساكرٍ (قوّة دائمة) وأجنادٍ (قوّاتٍ احتياطيةٍ إقليميةٍ). تألّفتِ الأجنادُ من قبائلَ عربيّةٍ محليّةٍ وأكرادٍ. كانَ المشاةُ عناصرَ مُختلفةً، دورُهمُ فرعيٌّ بشكلٍ رئيسيّ. تمّ تَموينُ الجيشِ عبرَ قوافلَ كبيرةٍ، مع اعتمادٍ أحياناً على جمعِ العُلفِ من المناطقِ المُجاورة. كانت الحَمَلاتُ عادةً هجوماتٍ سريعةٍ. أثبتَ الجيشُ الإسلاميّ كفاءةً عاليةً في مقاتلةِ الصليبيين، كما يظهرُ في عهدِ عماد الدّين زنكيّ وصلاح الدّين الأيوبيّ. ضمّ جيشُ صلاح الدين الأيوبيّ فرساناً و 30,000 من مشاةٍ سودانيينَ، ثمّ كوّنَ قوّاتٍ نظاميّةٍ مكوّنةً من 12,000 فارسٍ تقريباً. استخدمَ صلاح الدين الأيوبيّ التركمانَ والأكرادَ والعربَ، كبني منقذ وبني جذام، في جيوشهِ. ساهمَ المتطوّعونَ (الغزاةُ) في الجيوشِ، وكانتْ بعضُ قبائلِ العربِ والتركمانِ والأكرادِ تُشاركُ حباً للجهادِ أو طمعاً في الغنائم. اعتمدَ الجيشُ على أسلحةٍ متنوعةٍ، منها الرّماحُ والسيوفُ والأقواسُ والمناجيقُ والدّبابات. خلالَ الثلاثينَ سنةٍ التي سبقتْ مقاومةً فعّالةً للصليبيين، أفاقَ العالمُ العربيّ الإسلاميّ، مدفوعاً بسياسةِ الصليبيين القائمةِ على القتلِ والتعصّبِ الدّينيّ، مُعيداً إحياءَ روح التّسامحِ الإسلاميّةِ الأصيلةِ التي كانتْ سائدةً قبلَ الغزو.