مقتضى الحد من التجريم أن الضرورة ال تتوافر دائما لاللتجاء إلى التجريم 1 والعقاب من أجل مواجهة االنحراف االجتماعي، للحريات الفردية هو الضرورة االجتماعية التي تبرر التجريم أساسا، 2 خالل الهدف الذي يسعى التجريم إلى تحقيقه، على أن يتناسب هذا التدخل بالقدر 3 الذي يجعله مفيدا في الدفاع عن المجتمع، فالمشرع ال يمكنه أن يتعسف بسلطته فيقرر تجريم الفعل أو يرفع عنه التجريم "بيكاريا" المشرعين إلى إلغاء كل ما هو غير ضروري في المجموعة العقابية، مؤكدا أن العقوبة ال تكون نافعة إال إذا كانت متناسبة مع الضرر الذي أصاب إذ عليه أن يراعي حينما يلجأ إلى هذه اآللية في مجال قانون األعمال التي ترسم حدودا لما يمكن أن يستبعد من مجال التجريم مطلقا، يمكن أن يخرج من مجال التجريم من أفعال مع بقائها في دائرة عدم المشروعية فالبد على المشرع أن ال ينج ّر وراء مطالب بعض جماعات الضغط، 6 يكون هدفها تجريم سلوك معين أو إلغاء تجريم سلوك آخر، بل يجب أن يكون هدفه في ذلك تحقيق مصلحة المجتمع ككل. أ- الضوابط االقتصادية: وتتمثل الضوابط االقتصادية في حاجة المؤسسات والشركات إلى قدر من االستقرار القانوني لضمان استمرارية نشاطها في السوق، إذ يمكن لقانون العقوبات في هذا المجال أن يؤدي دورا حمائيا لنشاط وذلك في مواجهة المنافسة غير المشروعة التي أو لحماية التجار في مواجهة عمالئهم الذين قد ويضاف إلى ذلك ضرورة ضمان متطلبات المنافسة المشروعة بين المؤسسات، فإذا كانت الضرورة تقتضي ترك هامش من الحرية لرجال األعمال في إدارة بما يحقق انتعاش االقتصاد الوطني، فإنه بالمقابل توجد ضرورة ملحة لتطهير مجال األعمال من بعض المنحرفين، الحرية لممارسة بعض التصرفات المخلة باألخالق العامة وأخالقيات المهنة، على المشرع أن يجري موازنة دقيقة لتحديد متى يتدخل بآلة التجريم ومتى يتراجع ب- الضوابط القانونية الدولية:حيث تضع االتفاقيات الدولية التي تنضّم إليها الدولة ضوابط قانونية لتنظيم النشاط االقتصادي وحماية المنافسة المشروعة، يفرض على الدولة تجريم وعقاب بعض التصرفات لصالح الجميع، يتعلق بضمان حرية التجارة الدولية، والمساواة بين الدول األعضاء من حيث شروط المنافسة، إضافة إلى المبادئ التوجيهية الصادرة عن األمم المتحدة لتنظيم النشاط 10 االقتصادي بين الدول وداخل كل دولة. وبالتالي فالمشرع يتقيد في تجريمه للفعل أو إلغاء تجريمه بأحكام االتفاقيات المصادق عليها من قبل أجهزة الدولة، خاصة إذا كان دستور الدولة يقضي بسمو تلك دستور 1996 بأن المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية تعد أسمى من وهو ما يفرض على المشرع ضرورة تحقيق االنسجام بين 11 فيما يتعلق بتحديد المصالح الجديرة بالحماية أو التجريم أو العقاب. والتي تتعلق بالعقاب على األفعال القائمة على الغش إذ إن العقوبة الجزائية تظل مطلوبة في هذا المجال لحماية األفراد في باإلضافة إلى حماية الفاعلين في النشاط االقتصادي داخل وفي هذا اإلطار يظل أساس القانون الجزائي لألعمال، األمانة والنصب واالحتيال والغش وما يرتبط بها من جرائم التزوير في المستندات فالمجال الطبيعي للحد من التجريم هو الجرائم المصطنعة التي استحدثتها بعض وذلك بهدف حماية القوانين والتنظيمات الخاصة بممارسة األنشطة 13 التشريعات، أما الجرائم الماسة باألخالق فيفترض أن تبقى بمنأى عن سياسة الحد من التجريم وذلك التي قد وهو ما ثانيا: رسم خطة الحد من التجريم. وهو بتقديم بعض االقتراحات إلى الدول، من أجل التنسيق فيما بينها واتخاذ بعض فأما على المستوى الدولي، دولة ما، كما تهدف إلى الحيلولة دون إفالتهم من العقاب إذا ما ارتكبوا الفعل بإقليم دولتهم ثم فروا إلى إقليم للفعل، وغياب اتفاقية تسليم المجرمين بين البلدين. وفي هذا الصدد أوصت اللجنة األوربية لمشاكل التجريم بضرورة إقامة نوع من التعاون والتشاور الدوليين، بين الدول التي تنتهج سياسة الحد من التجريم، وبين لكن يتعذر الوصول إلى سياسة جزائية موحدة بصدد الحد من التجريم، الختالف القيم والظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية من دولة إلى وهو ما يعكس خصوصية كل مجتمع، إال أن هذه الخصوصية في الحقيقة تأثرت كثيرابالعولمة الثقافية بمختلف التي أدت إلى احتواء القيم االجتماعية للمجتمعات وتعميم قيم بديلة، وهو ما انعكس على معيار تقدير المصالح الجديرة بالحماية، تبعا لتغير القيم أو الدول النامية، مقابل مساعدتها على تنمية اقتصادها، وذلك نتيجة رفع الحواجز عن التجارة ورفع الدعم عن المنتوج بإدخال تعديالت على وتحديد وبدل أن تقرر حماية تقرر حماية مصالح الشركات متعددة الجنسيات. دون التأثر بالضغوطات ولتالفي استغالله من خربي الذمم في اإلفالت من العقاب، وذلك في إطار التعاون 22 أوصت اللجنة األوربية بضرورة إبرام االتفاقيات الدولية، القضائي الدولي لتسليم المجرمين، حتى تضمن الدولة التي لم تتبن سياسة الحد من التجريم عدم إفالت مواطنيها أو األجانب من ثم الذوا بالفرار إلى دولة أخرى كما أن هذا التعاون سيضمن للدولة التي انتهجت سياسة الحد من تجريم سلوك ما عدم استغالل مزايا ذلك من قِبل رعايا الدول التي لم تنتهج نفس السياسة، وما ينجر عن ذلك من آثار سلبية على المصالح الجديرة بالحماية، أما على الصعيد الداخلي، األحيان عن تحقيق أهدافها إذا ما اقتصرت على إلغاء تجريم السلوك، تقرير بديل للحماية الجزائية للمصالح المعتبرة؛ إذ البد من التصدي لها بطرق أكثر فاعلية، وبوسائل اجتماعية أخرى، سواء لكنه يهدف إلى تطويع رد الفعل االجتماعي إزاء وعلى هذا فإن خطة الحد من التجريم على المستوى الداخلي تهدف إلى الحيلولة دون تكرار السلوك الذي لم يعد م ّجرما قانونيا، 26 يلي: وخلق بيئة اجتماعية نزيهة تساهم اجتماعي ضد مظاهر السلوك المنحرف، بما يش ّك اعي الذي ِل آلية فعالة للضبط االجتم فيجب على الدولة أن تعمل على حل المشكالت االجتماعية عن طريق معالجة وتقوية وسائل لتكوين مجتمع متجانس متكامل، إنما يكون نتاجا للتفاعل المستمر على مدى السنين بين جملة من العوامل والظروف االجتماعية وغيرها، وبالموازاة مع تطور هذه الوسائل البديلة للنظام الجزائي، وال يقصد بهذا التحليل إقرار الحد من التجريم عن األفعال المخلة بالقيم الدينية نظرا بل ولو طالبت أغلبية المجتمع برفع التجريم عنها، أن يوافق مصلحة المجتمع، ال أن تساير أهواء األكثرية أو بعض األقليات ذات النفوذ فالبد من التركيز والتأكيد على ضرورة تحديد نطاق الحد من التجريم في إطار التي ال تمس بالقيم الدينية واألخالقية للمجتمع بأي حال من ب- تطوير آليات أو تقنيات الوقاية من الجريمة، وذلك وإنما يتعدى األمر إلى إسهام الفرد كمجني عليه محتمل في هذه الوقاية، وذلك بتفعيل وتطوير الدراسات المتعلقة بعلم المجني عليه وإسهامه في الظاهرة اإلجرامية، مع توعية أو التصرفات التي يمكن مما يؤدي إلى الوقاية من الجريمة ومن اآلليات الوقائية إجبار الشخص على أداء واجبات معينة مدنيا أو إداريا، فآلية الضبط اإلداري الوقائي يكون فرض مجموعة من قواعد السلوك على األفراد أو المؤسسات،