التراث الثقافي جزْءٌ من حاضرنابينما يتعامل أبناء بلدان الجنوب بما في ذلك الشعوب العربية مع مسألة التراث على أساس لا يفصل فيه الفرد بين الماضي والحاضر. فالقطيعة مع التراث غير واردة بالمعنى الغربي للكلمة. وما يُـعاش اليوم ، وممارساتٌ قد لا تختلف عن بعضها كثيرا. وهذا ما ينطبق عليه ما نعته الأميركي توماس كوهن بالتفكير الدائري.إذْ يتّضح لنا أن بلدان الجنوب تتعامل مع تراثها الفكري والثقافي اليوم على أساس أنه:‏1 ـ جزء لا يتجزأ من الحاضر، أو بُني في الماضي، وبين ما هو قائم أمام أعين الفرد اليوم هو تواصلٌ معرفيٌّ يتجسد في اعتماد راهنٍ لأشكال في التعبير والممارسة تتطابق مع تلك التي كانت معتمدة إذاك.2 ـ جزء من الوعي الاجتماعي والسياسي، ذلك أن الفرد في علاقته مع التراث لا يقيم قطعاً بينه وبين مواده، معتبراً أن ما صحّ من مقولات،إشكالية الأصالة والمعاصرة).3 ـ يشكل نموذجاً مثالياً أعلى: فالتراث لتطابقه مع مبادئ الحياة الاجتماعية، أو المعارضة أو المساءلة.4 ـ يحج إليه الناس، فالتراث الموضوع على هذه المرتبة الرمزية العالية يضْحى فوق الناس ومصدر جذب لهم. والتعبير عن هذا الموقف العام يتم لا بزيارته مع البقاء خارجه، بل بالحج إليه بكل الشحْـن العاطفي والمعنوي الممكن؛ ذلك أن التراث يتحول في هذا السياق إلى إطار لتأكيد العقائد. في المجتمع التقليدي، هو الخزان الحي لتجليات الفكر والأدب والعلم للعصر الذهبي الزائل. فهو أقوى من الحاضر من حيث أن هذا الأخير لم يتمخض بعد عن تصميمات أو نماذج أرقى من نماذجه.