تزايد االهتمام العالمي في العقود األخيرة من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين بالطاقة ومصادرها، لما تعد عصب الحياة لكل المجتمعات والدول سواء أكانت متقدمة أو نامية، وبالتالي فهي المحرك األساسي للنشاط االقتصادي، والتي يتوجب توفر اإلمدادات الكافية منها كي تعزز بدفع عجلة النمو في تلك الدول، ومما نجم عن استغالل الطاقة وخاصة تلك النافذة من تلوث للبيئة )هواء وماء( وتسرب البترول واإلشعاع التي أصبح تحقيقها هدفا أساسيا الست ارتيجيات التنمية في القرن الواحد والعشرين، وهذا بمعالجة وإنجاز أبعادها الثالثة االقتصادي االجتماعي والبيئي والذي تشكل الطاقة فيها محورا ألبعاد التنمية المستدامة. اقتصاد الطاقة د. أوال: مفهوم الطاقة هي عبارة عن منتج ضروري ال يمكن ألي مجتمع من المجتمعات االستغناء عنه، بالنور ويعطي الدفء وينقل من مكان آلخر، وتتيح استخراج الطعام من األرض وتحضيره وتسخير الماء وتدير عجلة اآلالت التي تخدم المجتمع، وبعبارة أخرى هي قدرة المادة على إعطاء قوى قادرة على إنجاز عمل معين بين البروتون والنترون. تعرف الطاقة لغويا والتي هي كلمة أصلها التيني « Energie «ويونان«Energeia «، على أنها القوى الفيزيائية التي تسمح بالحركة، واصطالحا أنها قدرة المادة على إعطاء قوى قادرة على إنجاز عمل معين أي مقدرة نظام ما على إنتاج فاعلية أو نشاط خارجي. تعد الطاقة الحيوانية أول طاقة عرفها اإلنسان واستخدمها في بداية حياته، ثم انتقل بعدها إلى قوة الريح في تحريك القوارب لمسافات بعيدة، وبعدها تطور استخدامها لتنتقل إلى إدارة عجالت ماكنات الطحن ومضخات ضخ الماء وإدارة طواحين الهواء، ومع تطور الحياة والحضارات و جدت أنواع أخرى من الطاقة: أ- الطاقة الميكانيكية: وهي الطاقة الناجمة عن حركة األجسام من مكان آلخر، طاقة الوضع energy Potentiel، إلى طاقة حركية energy Kinetik، الرياح وظاهرة المد والجزر، ويمكن أن تنشأ الطاقة بتحويل نوع آخر من الطاقة إلى آخر، مثل المروحة الكهربائية " تحويا الطاقة الكهربائية إلى طاقة ميكانيكية". ب- الطاقة الكيميائية: وتتم عملية تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حرارية عن طريق إحداث تفاعل كامل بين المركب الكيميائي وبين األكسيجين، الحرق وينتج عن ذلك حرارة، و هذا النوع من الطاقة متوفر في الطبيعة ومن أهم أنواعه النفط والفحم والغاز الطبيعي والخشب. ج- الطاقة الحرارية: وتعتبر من الصور األساسية للطاقة التي يمكن أن تتحول كل صور الطاقة إليها، فعند تشغيل اآلالت المختلفة باستخدام الوقود، تكون الخطوة األولى هي حرق الوقود والحصول على طاقة ح اررية، 4 اقتصاد الطاقةد. وال تتوفر الطاقة الحرارية بصورة مباشرة في الطبيعة إال في مصادر الحرارة الجوفية. واالستفادة منها، وهي مصدر نظيف ال ينتج عن استعماله أي غازات أو نواتج ضارة للبيئة كما هو الحال في أنواع الوقود األخرى. ه-الطاقة النووية: وهي نتيجة كسر تلك الروابط وتؤدي إلى إنتاج طاقة حرارية كبيرة جدا. و- الطاقة الكهربائية: حيث ال يوجد مصدر طبيعي للكهرباء، والسبب في ذلك أن جميع المواد تكون متعادلة كهربائيا، والطاقة الكهربائية ال تنتج إال بتحويل نوع من أنواع الطاقة إلى طاقة كهربائية، هو الحال في المولد الكهربائي، أو من الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية كما هو الحال في البطاريات. ز- الطاقة الضوئية: وهي عبارة عن موجات كهرومغناطيسية تحتوي كل منها على حزم فوتونية وتختلف الموجات الكهرومغناطيسية في خواصها الفيزيائية باختالف األطو ال الموجية، ومن األمثلة على ذلك األشعة البيئية والتي تتميز بالطول الموجي القصير وهي ذات استعمال طبي، كذلك أشعة جاما والتي تتأثر بالمجاالت الكهربائية والمغناطيسية، ثالثا: أشكال الطاقة تقسم الطاقة بشكل رئيسي إلى قسمين وهما: أ- الطاقة غير المتجددة: وهي الطاقة التي تنفذ مع الوقت، ضارة لإلنسان، إذ يطلق عليها اسم مصدر الطاقة التقليدية على المصادر التي وفرت معظم احتياجات المجتمعات الصناعية الحديثة من الطاقة، مثل: الفحم، البترول، الغاز الطبيعي، إذ يقصد بالمورد الناضب المورد الذي ينفذ ما يتوفر منه في الطبيعة أو في مكان معين نتيجة استخراجه وال تقتصر ظاهرة النضوب على الموارد التقليدية للطاقة فحسب، بل توجد كذلك موارد جديدة )غير اقتصاد الطاقة د. شماني وفاء تقليدية( للطاقة تندرج ضمن الطاقة الناضبة وذلك مثل النفط المستخلص من رمال القار والصخور الزيتية والنفط والغاز المستخلصان من الفحم، ويطلق على النفط والغاز المستخلصين من هذه المصادر الثالث بالوقود الصناعي. وأعظم االكتشافات في مجال الطاقة كانت منذ ما يقارب من ثالثمائة عام حينما اكتشف اإلنسان البخار واختراعه لآللة البخارية، فكانت الثورة الصناعية التي ساهم في ظهورها أيضا اكتشاف الفحم وتسخير ه في الطاقة، إلى أن اكتشف النفط في القرن العشرين الذي أمد العالم بمصدر جديد ونظيف ورخيص للطاقة، األثر و اإلسهام في الطفرة االقتصادية التي عرفها العالم الصناعي الغرب، وبتزايد الطلب على النفط والغاز الطبيعي المكتشف حديثا مقارنة بالبترول على المستوى العالمي مما أسهم في زيادة سعره. ب- الطاقة الحديثة أو المتجددة: هي تلك المصادر الطبيعية الدائمة وغير ناضبة والتي تتوافر في الطبيعة ومتجددة باستمرار، إذ باستغالل مصادر الطاقات المتجددة يمكننا االستفادة من الطاقات غير المتجددة في الصناعات البيتروكيمياوية الهامة، من حرقها كوقود وهدرها، إذ بات النفط ومشتقاته يدخل في تصنيع األدوية والمالبس واألجهزة وغيرها، ا عتبار هذين النوعين من الطاقة مكملين لبعضهما البعض في خدمة البشرية ومكافحة الفقر. تتميز الطاقات المتجددة بعدة مميزات منها: - تعتبر طاقة محلية وطبيعية متيسرة لكافة األفراد والشعوب والدول بشكل وفير؛ - تعتبر سليمة من الناحية البيئية وال تتسبب في إصدار غازات تضر بطبقة األو زون، أو تؤدي إلى ارتفاع في درجة حرارة األرض كغاز ثاني أكسيد الكربون؛ - الالمركزية وبالتالي تمنح لمستخدميها استقاللية خاصة عن الشبكة المركزية لتوزيع الطاقة. رابعا: الطاقة والبيئة تعتبر عملية توليد الطاقة من أكبر مسببات التلوث، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، و لعل أبرز صورها الغازات والجسيمات الضارة المنبعثة من حرق الوقود األحفوري، وتسرب النفط الخام إلى البحار والمحيطات، -1 تأثير استهالك الطاقة على البيئة 6 اقتصاد الطاقةد. شماني وفاء يعد حرق الوقود األحفوري النشاط البشري المسؤول األول عن إصدار انبعاثات الغازات المسببة لالحتباس ووفقا لوكالة الطاقة الدولية فإن قطاع الطاقة قد أنتج 23. 381 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون. إذ العلمي حول حقيقة االحتباس الح ارري ومسؤولية األنشطة البشرية عن ذلك، إذ أكد الفريق الحكومي الدولي المعني البشرية. تعهدت البلدان الصناعية للمرة األولى في عام 1997 في كيوتو، بالحد من انبعاثات الغازات المسببة لالحتباس الح ارري. كان ينبغي أن يكون الخفض اإلجمالي في الفترة 2012-2008 لغازات و%6 في اليابان وكندا وبولندا والمجر،