لم ينقذ ذات الهمة من براثن ذلك الزواج املفروض عليها فرضا من جانب ابن عمها وهو الزوج الذي أصبحت بالفعل تكرهه وتمقت ذكره، ً ولا تطيق تواجده في مكان واحد يجمعهما معا، تحويل جلسة اللقاء الأولى معه للتبصري بالخطر الداهم، ومحاولة جمع الشمل العربي، وطرح قضية الاستعداد للجهاد، حتى من جانب والدها نفسه مظلوم؛ الذي لم يتطرق إلى فكرها لحظة واحدة. لم ينقذ ذات الهمة سوى الأخبار التي داهمت الجميع مرة واحدة كمثل كابوس قوي جاثم في عاصمة الخلافة، وهي خروج الروم البيزنطيني، بعد توحيد صفوفهم وجحافلهم الجرارة في تسعني ألف محارب، الذين أبلى جدودهم في فتحها وتأمينها بتشييد الحصون واملتاريس وكافة الإنشاءات الدفاعية الحربية. بل زاد من فداحة الأمر سقوط حملات جيوش املسلمني أسرى في قبضة الروم يسومونهم صنوف العذاب ألوانًا، عن طريق قتل شيوخهم وأطفالهم وشبابهم املحاربني دون أدنى رحمة أو شفقة. وقدمت وفود الرسل التي تمكنت من الفرار في جحيم الاجتياح الرومي للثغور محملة بالأخبار واملعلومات الحربية، الجديدة التي أدخلها الأعداء في الحرب، وحققوا بها انتصاراتهم في غفلة من العرب