المقدمة موضوع « السرقات الأدبية » من أهم الموضوعات التي أولاها نقاد الأدب كثيراً من عنايتهم ، وأمل هذا الموضوع كان من أبرز الموضوعات التيء الجها النقد العربي . إذ كان من أهم الأهداف النقدية الوقوف على مدى أصالة الأعمال الأدبية المنسوبة إلى أصحابهاإذ كان من أهم الأهداف النقدية الوقوف على مدى أصالة الأعمال الأدبية المنسوبة إلى أصحابهاأو مبلغ مايدين به أصحابها السابقيهم من المبرزين من الأدباء من التقليد أو الاتباع وكانت تلك النظرات توقف على ما امتاز به أديب من أديب ، وتدل على مدى العبقرية التي تميز بها جماعة منهم · كان النقاد بلجئون في أكثر تقدهم إلى الموازنة بين أديب وأديب ، وكان من أهم ما يعنون به في هذا المجال الفحص عن نواحي الاتفاق بين أديبين ثم ما ينفرد ه أحدها عن غيره ،تدل في أكثرها على الذوق السليم ،لخّصليخدمة تلخيص النصوص العربية أونلاين،قم بتلخيص نصوصك بضغطة واحدة من خلال هذه الخدمةنتيجة التلخيص (98%)وإلى ذلك يحتاج الحكم بالسرقة أو الابتكار إلى سعة معرفة بالأدب وفنونه ، واطلاع واسع على التراث الأدبي في سائر عصوره ومواطنه ، وحفظ طاقة كبيرة للمشهورين والمغمورين من الأدباء ، حتى يسهل ربط المتقدم بالمتأخر ، ويعرف السابق من اللاحق ، ويمكن حينئذ الحكم بالتقليد ومن ناحية أخرى فإن هذه الدراسة في حقيقة أمرها ، وما تقتضيه طبيعتها دراسة تطبيقية عملية ، أكثر منها دراسة نظرية تخضع للأصول الموضوعة والقواعد المرسومة ، التي تقوم في أكثرها على المنطق والاستدلال ، وتخضع لقوانين التحديد والتقسيم . وهذا الاتجاه يجعل للبحث في السرفات الأدبية قيمة كبيرة ، لأن الدراسة العملية أوالتطبيقية في مسائل النقد الأدبي دراسة بجدية ؛ إذ أنها دراسة موضوعية تستعملى فيها الأحكام من تلك الموازنات الدقيقة بين الأعمال الأدبية ، واستخلاص ما حوت من فنون الجمال ، وما يكون فيها من الابتكار أو الاحتذاء . وبين أيدينا بعض الآثار التي تفيض بهذه الدراسات العملية ، التي أراد أصحابها أن يؤيدوا بها أحكامهم بالحجة القاطعة ، ويضعوا بين يدى الدارس الأسباب الظاهرة للأحكام التي يبدونها في المفاضلة بين أديبين أو شاعرين . وهذا الأسلوب هو الذي جعل لآرائهم كثيرا من التقدير والاعتبار · وفى مثل هذا المنهج يختفى إلى حد كبير الأثر الذاتي في الأحكام الأدبية ، ذلك الأثر الذي يغض في كثير من الأحيان من قيمة تلك الأحكام ، إذا لم تكن مبنية على أساس من الموضوعية يقنع الدارس بصدق ماذهب إليه الناقد ، وسلوكه الطريق الطبيعي في إصدار الأحكام .مع هذه ا ذه الدراسة الموضوعية التي أشرنا إلى - نا إلى عظم جدواها في النقد وجدارتها بالاعتبار بجد جماعة من المؤلفين عمدوا إلى جمع جملة من تلك الأحكام ، وتنظيمها " ووضع حدودها وأقسامها ، وجمع الأمثلة والشواهد لكل منها ، تمر على الإحصاء والاستقصاء . به وجاء علماء البلاغة بعد ذلك ، فوجدوا موضوع « السرقات » من أنفس الموضوعات التي تعالج الأدب ، بل رأوه خير ماعالج النقاد ، وهم حريصون على تلك الجهود أن تتبدد ، ولم يجدوا مبحثا من مباحث البلاغة الاصطلاحية يصلح أن يضم شتات هذا البحث النافع ؛ وجملوء خامة لمباحث الفن الثالث ( فن البديع ) ، وذيلوا كتبهم بهذا الموضوع ( السرقات الشعرية ) على الرغم من اعترافهم أن معنى السرقات لايرجع مايشترك فيه الفنون الثلاثة أو ينفع فيها ، حتى يكون البحث في ( السرقات ) خاتمة لمجموع ما في كتبهم من مباحث البلاغة . فإن دراسة البلاعيين لموضوع السرقات كانت دراسة تقليدية ، كشأنهم في سائر الموضوعات التي عالجوها علاجا قاعديا أبعدها عن تحكيم الذوق واستشارة العقل والقلب ، كما كان هذا هو المنهج عند السابقين . والسبب في ذلك أن أكثر البلاغيين من طبقة صاحب الفتاح ، ومن بعده قل حظهم من الملكة البيانية الأصيلة ، وغلبت عليهم روح الجدل والمنطق - وأدى هذا إلى أن يتعرضوا بأسلوبهم التقريري العلاج المسائل الحالية في الفن الأدبى ، وهم لم بعدوا أنفسهم إعداداً أدبياً بشحذ الذهن ويستثير العواطف الإنسانية ، التي يتحرى الأدب والأدباء إثارتها ، وإن كان إعداداً جدليا يبعد عن أهداف الأدب ومراميه .وكثير منهم ـ كما يرى القاضي الجرجاني ( 1 ) ـ لا يعرف من الشرق إلا اسمه فإن تجاوزه حمل على ظاهره ، ووقف عند أوائله ، وجد عاريا من معرفة واضحه ، قبل الوصول إلى مشكله . وهذا باب لا ينهض به إلا الناقد البصير ، والعالم المبرز وليس كل من تعرض له أدركه ، استوفاه واستكمله - لها - وإذا كان البحث في ( السرقات ) بحثا في صميم م الأدب ، ودراسة لاخترعه القديم وما أخذه عنه المحدث ، فإن هذا البحث ينبغي أن يقوم على أساس من التاريخ ، وأن ينهض على التتبع التاريخي لكل جزئية من جزئيات الفن الأدبى وإذا كنا نقول إن الأدب فن يرمى إلى تحقيق غرضه بوساطة العبارة ، فإن علينا أن ترجع إلى التاريخ ، وعن كل عنصر من عناصر الجمال المكونة لهذا الفن • رین الذي ابتدعه متى وجدت تلك الظاهرة ؟ ومتى استحدث هذا العنصر ؟ من أولئك الأدباء الذين لا يحصى عددهم إلا الله ؟ وبعد الإجابة على تلك الأسئلة يكون من حق النقاد أن يسألوا عن الذين تداولوا هذا العمل فيها بعد ، ومن الذين اقتدوا بأصحابه فيها ابتدعوا منه • وتلك أمور مستقاها التاريخ ، وبغير المعرفة التاريخية التي تقوم على التحديد ( ۱ ) الوساطة بين المثنى وخصومهلا يتسنى تحقيق الغاية كاملة من دراسة السرقات دراسة مجدية . ولا تاريخ بغير مؤرخ ! و نحن في هذا المجال لانقصد مؤرخا أيا كان ؛ بل إن المؤرخ الذي نعنيه مؤرخ بعيد المثال ، ولا يمكن أن يكون موجوداً على الوجه الذي تريد إلا في عصور مزدهرة بالحضارة ، وبين عقول زاخرة بالمعرفة ، امتازت ق البحث ، ونفرت من السطحية التي تنخدع بالمظاهر ، ولا تستطيع الغوص على العلل والأسرار . وكل ذلك بعيد غير مستطاع . والسبب في أسعد حصوله واليأس من تحققه ، أن ظواهر الخلق والابتداع كانت في عصور لاتوصف في أكثر الأحيان بأنها من عصور النور والمعرفة ، ومثل تلك المصور يندر فيها وجود من تتطلع إليه تلك الدراسات من الباحثين احقتين . ثم إن أكثر تلك النواحي الإبداعية كانت فردية ، أي أن الذين خلقوها وأبدعوها كانوا أفراداً ، وأولئك الأفراد لم تكن لهم تلك القدرة على الإبداع بحكم تركيب الخلقة أو ترتيب البيئة أو الزمان أو المكان ، حتى نستطيع أن نقول على وجه التحقيق إن هذا المعنى مثلا كان مستلزمات تلك البيئة ، أو مقتضيات ذلك الزمان ، فقد وجد القوة الخالقة والعبقرية المبتدعة ، على حين يوجد القادر على رصد إشماعات تلك القدرة ، أو تسجيل ما أبدعته من آثار • وقد توجد العقلية القادرة على رصد الظواهر وتتبعها في بيئة أو زمان لاعبقرية فيه ولا خلق ولا إبداع !4وعلى هـــذا فإن اقتران الخلق بالدرس شيء في حكم الندرة ، إذا لم يكن في حكم المستحيل - . وأن يكتب لها شيء من الذبوع والانتشار ، يتيح فرصة التعرف عليها وتبين ملامحها ، وأن يكون في تلك الظاهرة ذلك من الصفات ما يجعلها جديرة بالبحث والدرس ، وإذ ذاك يكون وجود الدارس شيئا طبيعياً ، لا تعمل فيه ولا كد ولا مجاهدة · وفى سبيل الوصول إلى تلك الحلقات المتتابعة ، من جهود العباقرة تلك العقبات المضنية التي أشرنا إلى شيء منها . الأساس كما قدمنا ينبغي أن يكون أساساً تاريخياً ، ولا شك أنه كان على هذه الدرجة من العسر ، أو على درجة قريبة منها على الذين سبقوا إلى البحث في السرقة أو التقليد أو الاتباع . ولا يمكن أن تكون سرقة ، ولا يمكن أن ندعى أن هنالك تقليداً أو اتباعاً ، إلا إذا كان بين أيدينا على يمينى بالمقدم أو الأصل ، حتى يعرف المتبوع من التابع ، والأصل من الفرع معرفة يقينية ، وعندئد نستطيع أن نضع أيدينا على السرقة ، وحكم حكما جازما يوقوعها غير شاكين ولا مترددين . ولكن هذا الحكم الجازم غير مستطاع ، مع الاعتراف بضرورة هذا البحث ، وعظم حدواء في الدراسات الأدبية والنقد الأشفى وهذا الاعتراف يقتضينا شيئا من التسامح ؛ إذ كان البحث في السرقات موضوعا يتصل بالنقد الأدبى ، وهدف النقد التمييز بين القسم الأدبية الصحيحوفي هذا التمييز لا يمكن أن ندعي أن الأحكام التي تدلى بها أحكام لازمة أوملزمة ، ولا يمكن أن ندعى شيوع الحكم أو التسليم به تسلمها مطلقا ملزماً لجميع العقول " كما هو الشأن في العلوم التجريبية والعلوم الرياضية . ولذلك كان كل كلام في السرقات كلاماً مبعثه الاجتهاد ، في الحدود التي تمكن صاحبها من الاجتهاد ، وكان مبنياً أيضاً على الاطلاع الذي قد يكون واسع المدى ، وهذا الاطلاع في سعته وفي تحديده ، لا يمكن أن يوصف بالإحاطة المستوعبة ، لأن كثيراً من هذا الأدب أصابه الضياع لأسباب كثيرة ، إذا كنا قد فقدنا جانباً من الأسس المعتمدة في هذا المجال في تناول الجزئيات ؛ فإن أمامنا من ناحية أخرى ثروة في الكليات ، وتكونت لدينا مجموعة من المعارف والآراء ، نستطيع بها أن ندون معالم هذه الدراسة المتشعبة ، وأن ننظمها من أهم النواحي التي ينظر إليها المحدثون في الدراسات الأدبية والنقد الأدبى · وقد كان في طول العكوف على دراسة النقد الأدبي ، وتتبع اتجاهاته ومناهجه المختلفة من عقل إلى عقل ، ومن عصر إلى عصر ، ما أعان على هذه الدراسة التي بحثت فيها عن مواطن الابتكار ومحالات التقليد ، متجها إلى التعليل النفسي والتأثير الاجتماعي في درس ظاهرة ( السرقات ) ليكون من ذلك سند لدراستها دراسة أدبية ونقدية ، ومحاولا أن أطوف بفنون الأدب العربي البارزة فيما يتصل بموضوع السرقات . وأرجو أن يجد القارىء في هذه الدراسة الفنية والنقدية ما كان يتطلع إليه منفي هذا الموضوع الذي نال من قدامي الباحثين من الجد والعناية ما لم يثل بعضه من عناية المعاصرين . والأمل بعد ذلك أن يعين الله على دراسة هذا الموضوع دراسة أخرى من الناحية التاريخية ، توقف على تطور الفكرة ، وتفصل جهود النقاد التي ألمنا بطرف منها في هذا البحث ،النص الأصليأو نظرة سطحية . وإلى ذلك يحتاج الحكم بالسرقة أو الابتكار إلى سعة معرفة بالأدب وفنونه ، واطلاع واسع على التراث الأدبي في سائر عصوره ومواطنه ، وحفظ طاقة كبيرة للمشهورين والمغمورين من الأدباء ، حتى يسهل ربط المتقدم بالمتأخر ، ويعرف السابق من اللاحق ، ويمكن حينئذ الحكم بالتقليد ومن ناحية أخرى فإن هذه الدراسة في حقيقة أمرها ، وما تقتضيه طبيعتها دراسة تطبيقية عملية ، أكثر منها دراسة نظرية تخضع للأصول الموضوعة والقواعد المرسومة ، التي تقوم في أكثرها على المنطق والاستدلال ، وتخضع لقوانين التحديد والتقسيم . وهذا الاتجاه يجعل للبحث في السرفات الأدبية قيمة كبيرة ، لأن الدراسة العملية أوالتطبيقية في مسائل النقد الأدبي دراسة بجدية ؛ إذ أنها دراسة موضوعية تستعملى فيها الأحكام من تلك الموازنات الدقيقة بين الأعمال الأدبية ، واستخلاص ما حوت من فنون الجمال ، وما يكون فيها من الابتكار أو الاحتذاء . وبين أيدينا بعض الآثار التي تفيض بهذه الدراسات العملية ، التي أراد أصحابها أن يؤيدوا بها أحكامهم بالحجة القاطعة ، ويضعوا بين يدى الدارس الأسباب الظاهرة للأحكام التي يبدونها في المفاضلة بين أديبين أو شاعرين . وهذا الأسلوب هو الذي جعل لآرائهم كثيرا من التقدير والاعتبار · وفى مثل هذا المنهج يختفى إلى حد كبير الأثر الذاتي في الأحكام الأدبية ، ذلك الأثر الذي يغض في كثير من الأحيان من قيمة تلك الأحكام ، إذا لم تكن مبنية على أساس من الموضوعية يقنع الدارس بصدق ماذهب إليه الناقد ، وسلوكه الطريق الطبيعي في إصدار الأحكام .مع هذه ا ذه الدراسة الموضوعية التي أشرنا إلى - نا إلى عظم جدواها في النقد وجدارتها بالاعتبار بجد جماعة من المؤلفين عمدوا إلى جمع جملة من تلك الأحكام ،سرقات أسماء كثيرة ، ومصطلحات مختلفة ، تمر على الإحصاء والاستقصاء . فوجدوا موضوع « السرقات » من أنفس الموضوعات التي تعالج الأدب ، وتنقده نقدأ موضوعيا . بل رأوه خير ماعالج النقاد ، ولم يجدوا مبحثا من مباحث البلاغة الاصطلاحية يصلح أن يضم شتات هذا البحث النافع ؛ فألحقوه بعلومها الثلاثة ، وجملوء خامة لمباحث الفن الثالث ( فن البديع ) ، حتى يكون البحث في ( السرقات ) خاتمة لمجموع ما في كتبهم من مباحث البلاغة . وأيا ما كان الأمر ، فإن دراسة البلاعيين لموضوع السرقات كانت دراسة تقليدية ، كشأنهم في سائر الموضوعات التي عالجوها علاجا قاعديا أبعدها عن تحكيم الذوق واستشارة العقل والقلب ، كما كان هذا هو المنهج عند السابقين . والسبب في ذلك أن أكثر البلاغيين من طبقة صاحب الفتاح ، ومن بعده قل حظهم من الملكة البيانية الأصيلة ، وغلبت عليهم روح الجدل والمنطق - وأدى هذا إلى أن يتعرضوا بأسلوبهم التقريري العلاج المسائل الحالية في الفن الأدبى ، وهم لم بعدوا أنفسهم إعداداً أدبياً بشحذ الذهن ويستثير العواطف الإنسانية ، التي يتحرى الأدب والأدباء إثارتها ، وإن كان إعداداً جدليا يبعد عن أهداف الأدب ومراميه . فإن استثبت فيه ، فضلا عن غامضه ، وبعيداً من جليه ، قبل الوصول إلى مشكله . والعالم المبرز وليس كل من تعرض له أدركه ، ولا كل من أدركه ، استوفاه واستكمله - لها - وإذا كان البحث في ( السرقات ) بحثا في صميم م الأدب ، ودراسة لاخترعه القديم وما أخذه عنه المحدث ، فإن هذا البحث ينبغي أن يقوم على أساس من التاريخ ، فإن علينا أن ترجع إلى التاريخ ، لنسأله عن كل ظاهرة أدبية ، وعن كل عنصر من عناصر الجمال المكونة لهذا الفن • رین الذي ابتدعه متى وجدت تلك الظاهرة ؟ ومتى استحدث هذا العنصر ؟ من أولئك الأدباء الذين لا يحصى عددهم إلا الله ؟ وبعد الإجابة على تلك الأسئلة يكون من حق النقاد أن يسألوا عن الذين تداولوا هذا العمل فيها بعد ، وبغير المعرفة التاريخية التي تقوم على التحديد ( ۱ ) الوساطة بين المثنى وخصومهومعرفة الزمن ، لا يتسنى تحقيق الغاية كاملة من دراسة السرقات دراسة مجدية . ولا تاريخ بغير مؤرخ ! و نحن في هذا المجال لانقصد مؤرخا أيا كان ؛ بل إن المؤرخ الذي نعنيه مؤرخ بعيد المثال ، ولا يمكن أن يكون موجوداً على الوجه الذي تريد إلا في عصور مزدهرة بالحضارة ، وبين عقول زاخرة بالمعرفة ، امتازت ق البحث ، ونفرت من السطحية التي تنخدع بالمظاهر ، ولا تستطيع الغوص على العلل والأسرار . وكل ذلك بعيد غير مستطاع . والسبب في أسعد حصوله واليأس من تحققه ، أن ظواهر الخلق والابتداع كانت في عصور لاتوصف في أكثر الأحيان بأنها من عصور النور والمعرفة ، ومثل تلك المصور يندر فيها وجود من تتطلع إليه تلك الدراسات من الباحثين احقتين . ثم إن أكثر تلك النواحي الإبداعية كانت فردية ، أي أن الذين خلقوها وأبدعوها كانوا أفراداً ، وأولئك الأفراد لم تكن لهم تلك القدرة على الإبداع بحكم تركيب الخلقة أو ترتيب البيئة أو الزمان أو المكان ، أو مقتضيات ذلك الزمان ، أو من خصائص هذا الجنس من الناس . فقد وجد القوة الخالقة والعبقرية المبتدعة ، على حين يوجد القادر على رصد إشماعات تلك القدرة ، أو تسجيل ما أبدعته من آثار • وقد توجد العقلية القادرة على رصد الظواهر وتتبعها في بيئة أو زمان لاعبقرية فيه ولا خلق ولا إبداع !4 إذا لم يكن في حكم المستحيل - . والأساس في كل دراسة أن توجد الظاهرة ، وأن يكتب لها شيء من الذبوع والانتشار ، وأن يكون في تلك الظاهرة ذلك من الصفات ما يجعلها جديرة بالبحث والدرس ، والرصد والتسجيل ، لا تعمل فيه ولا كد ولا مجاهدة · وفى سبيل الوصول إلى تلك الحلقات المتتابعة ، والمفقودة في الوقت ذاته ، الأساس كما قدمنا ينبغي أن يكون أساساً تاريخياً ، وهذا الأساس مع الحق غير ميسور لنا ، ولا شك أنه كان على هذه الدرجة من العسر ، ولا يمكن أن تكون سرقة ، إلا إذا كان هناك مسروق منه ، ولا يمكن أن ندعى أن هنالك تقليداً أو اتباعاً ، إلا إذا كان بين أيدينا على يمينى بالمقدم أو الأصل ، حتى يعرف المتبوع من التابع ، والأصل من الفرع معرفة يقينية ، وعندئد نستطيع أن نضع أيدينا على السرقة ، ولكن هذا الحكم الجازم غير مستطاع ، مادامت أسبابه غير مهيأة لنا ، مع الاعتراف بضرورة هذا البحث ، وعظم حدواء في الدراسات الأدبية والنقد الأشفى وهذا الاعتراف يقتضينا شيئا من التسامح ؛ إذ كان البحث في السرقات موضوعا يتصل بالنقد الأدبى ، وهدف النقد التمييز بين القسم الأدبية الصحيحوفي هذا التمييز لا يمكن أن ندعي أن الأحكام التي تدلى بها أحكام لازمة أوملزمة ، ولا يمكن أن ندعى شيوع الحكم أو التسليم به تسلمها مطلقا ملزماً لجميع العقول " كما هو الشأن في العلوم التجريبية والعلوم الرياضية . في الحدود التي تمكن صاحبها من الاجتهاد ، وكان مبنياً أيضاً على الاطلاع الذي قد يكون واسع المدى ، وقد يكون محدوداً . لا يمكن أن يوصف بالإحاطة المستوعبة ، لأن كثيراً من هذا الأدب أصابه الضياع لأسباب كثيرة ، ليس هذا مجال البحث فيها . إذا كنا قد فقدنا جانباً من الأسس المعتمدة في هذا المجال في تناول الجزئيات ؛ فإن أمامنا من ناحية أخرى ثروة في الكليات ، وتكونت لدينا مجموعة من المعارف والآراء ، نستطيع بها أن ندون معالم هذه الدراسة المتشعبة ، وأن ننظمها من أهم النواحي التي ينظر إليها المحدثون في الدراسات الأدبية والنقد الأدبى · وقد كان في طول العكوف على دراسة النقد الأدبي ، وتتبع اتجاهاته ومناهجه المختلفة من عقل إلى عقل ، ومن عصر إلى عصر ، ما أعان على هذه الدراسة التي بحثت فيها عن مواطن الابتكار ومحالات التقليد ،تنظيم الفكرة ، ولم شعبها ، وجمع متفرقها ، في هذا الموضوع الذي نال من قدامي الباحثين من الجد والعناية ما لم يثل بعضه من عناية المعاصرين . والأمل بعد ذلك أن يعين الله على دراسة هذا الموضوع دراسة أخرى من الناحية التاريخية ، توقف على تطور الفكرة ،