مقدمة: تفجر كلمة النظرية كثير من الشك ليس في أذهان العامة وحسب، وإنما أيضاً في عقول المشغلين بعلم الاجتماع والحق أن ذلك يرجع إلى طبيعة تعدد النظريات السوسيولوجية، وكونها عصية على الفهم، فضلاً عن اتسامها بالتجريد ذلك الذي جعل البعض يرمونها بأنها زائدة عن الحاجة ولا ضرورة لها، أو هي تتعلق فقط بالبحث العلمي، أو بحسبانها كيف من التفلسف وبديهي أنه إزاء ذلك أن يتولد بطريقة شعورية عداء لها أو على الأقل نوعاً من عدم الثقة أو الرضا فيما تطرحه. ولما كانت طبيعة النظرية عكس ذلك، إذ هي قاسم مشترك في حياتنا اليومية، ومن خلالها يتم فهم ما يجري لنا وحولنا، فإننا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنفصل عنها أوندير ظهورنا لها. فالنظرية بطبيعتها تتصل بكل شئ في الوجود المعاش، إذ ترتبط بتفصيلات وتعرجات الحياة اليومية. فالواقع أن هذا له ما يبرره، إذ أن الدفع بالأفكار التي تروج لها يأتي بشكل يخاصم التبسيط، وهو ما يجعل الأفراد يحتاجون إلى جهد جهيد لفك شفرتها ومن ثم فهم خطابها. أنه في ضوء ذلك فقد تنامى لدى البعض فهم خاص مؤداه أنه آن الأوان لغيابها، خاصة وأنها تدخل في إطار ما يسمى بالترف الفكري. ولما كان هؤلاء ينسون دنماً أن كل ما تتعامل معه في إطار حياتنا يستند إلى فكرة نظرية تترجم في إطار الممارسة الحياتية، فإن أغلب الظن أننا نحتاج إلى إعادة الاعتبار المفهوم النظرية، أنه يقول آخر، أنه باعتبار أننا في كل روتين الحياة اليومية تفكر بطريقة نظرية، وأننا نمارس وتفعل كل مقولات النظرية في كل تفاعلاتنا، فإنه حري بنا أن تجعل كل خبراتنا الشخصية متماسة مع النظرية حتى يصبح بمقدورنا أن نضع ۱۳ مجموعة من الآليات التي من شأنها أن تساعدنا في السيطرة على كل ما يحدث في إطار وجودنا الاجتماعي. وهذا هو عين ما ذكره "ايان كريب" إذ يقول: تلك الخبرات الشخصية اللصيقة بنا، أو خبراتنا السابقة أو عواطفنا المكبوته، وما شاكل ذلك. وفي بعض الأحيان وتلك أكثر صعوبة يتم التفسير على أساس شئ ما ليس لنا به خبرة مباشرة البتة وعند هذا المستوى تكون النظرية قد قدمت لنا شيئاً جديداً حقاً عن الحياة . (١). وإذا كان "كريب" قد أفاد أهمية النظرية سواء في فهم ما يحدث من تفاعلات اجتماعية في إطار وجودنا، أو لزيادة خبراتنا ومخزوننا المعرفي،