الارباك المبنية عليها جميع الاحكام القياس الذي هو العدل. وما يعرف به العدل وهو الميزان الذي قال الله فيه الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان. وهو الجمع وهو الجمع بين المسائل المتماثلة في مصالحها او في مضار بحكم واحد. والتفريق بين المتباينات المختلفات باحكام مختلفة مناسبة لكل واحد منها. نعم اذا لما بين الشيخ رحمه الله ان تلك الايات جمعت اصول الخير التي يأمر الله بها واصول الشر التي ينهى الله جل وعلا عنها. يقول ان الفق بناء على ذلك فهموا ان مدار الشريعة على المصالح. فصاروا يعللون الاحكام الشرعية بان فيها مصلحة. فالعالم لما يكثر نظره في النصوص الشرعية وتتبعه لمقاصد الشرع لهم للاغراض التي التي تراد في الكتاب والسنة تلك المعاني بعد ذلك اذا ترسخ عنده انه مقصد من مقاصد الشرع وغرض من الاغراض المناسبة للاحكام بعد ذلك يصير يرد اليها المسائل التي تعرض عليها حتى لو لم تكن منصوصة لان فيها المعنى الذي امر الله جل وعلا بحكم من اجله او نهى عنه من اجله. والشيخ رحمه الله اشار الى هذا اسوة بابن القيم رحمه الله. الى ان القياس الصحيح الذي تنبني عليه الاحكام. وهو احد ادلة الاحكام الاربعة المجمع عليها وهي والسنة والاجماع والقياس. وجه حجية القياس انه الميزان. والله جل وعلا سماه ميزانا في قوله الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان. الكتاب هو القرآن فيه التنصيص على المعاني التي تبنى عليها الاحكام ونهيا. فكل ما ورد عليك من المسائل تزنه بميزان تلك المعاني. معاني القسط والحق والعدل التي امر الله بها في كتابه الكريم. فما جرى على مقتضاها فهو يكون مأمورا به امر ايجاب او استحباب. وما خالفها وكان بالجد منها فانه يكون منهيا عنه ما مأمورا باجتنابه. هذا معنى الميزان وهذا هو وجه حجية القياس. قد اشرنا فيما سبق الى ان الشيخ رحمه الله يسلك هذا المسلك اسوة بابن القيم الله في اعلام الموقعين وانه اذا عرف ان وجه كون القياس حجة هو انه الميزان الذي انزله الله مع الكتاب زال الاشكال عن وجه حجية القياس وعرف انها القياس الصحيح المستجمع لشرائطه هو في الحقيقة من اه من معاني كتاب الله جل وعلا وامتثالها والاخذ بها. بعد ذلك سيكون كل ما يفرعه الفقهاء من الاصول راجع كل ما يفرعه الفقهاء من الفروع بناء على الميزان الصحيح فانما هو في الحقيقة بدلالة الكتاب والسنة على اعتبار هذا المعنى المذكور. نعم قال رحمه الله مثال ما مصلحته خالصة من المأمورات مضرته خالصة من المنهيات جمهور الاحكام الشرعية. فالايمان والتوحيد مصالحهما خالصة في القلب والروح والبدن. والدنيا والاخرة والشرك والكفر مضرته ومفاسد خالصة على القلوب والابدان. والصدق مصلحته خالصة والكذب بضده. ولهذا اذا ترتب على انواع الكذب مصلحة كبرى تزيد على مفسدته. كالكذب في الحرب وفي الاصلاح بين الناس. فقد رخص فيه النبي عليه وسلم لوجهان مصلحته. والعدل مصالحه خالصة والظلم مفاسده خالصة. الميسر والخمر مفاسدها ومضارها اكثر من نفعها. قال الله تعالى فيهما كبير ومنافع للناس واسمهما اكبر من نفعهما. واذا ترتب بعض المصالح العظيمة على بعض انواع الميسر كأخذ العوظ في مسابقة الخير والابل والسهام. جاز لما فيه من الاعانة على الجهاد الذي به قوام الدين. كما قال تعالى ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم. وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير ونحوهما لما فيها من المفاسد والمضارة. فاذا قاوم هذه المفاسد مصلحة عظيمة وهي الظرورة لا حياء النفس حلت. قال تعالى فمن فر في مخنصة غير متجانس لاثم فان الله غفور رحيم. نعم هذا نوع ثان من الامثلة بعد الامثلة اللي هي جوامع المأمورات والمنهيات التي جاءت في الايات المذكورة بنوع اخر من الامثلة وهي جمهور المأمور والمنهي عنه في الاحكام الشرعية في الامور العملية الحلال والحرام. فمسائل الحلال والحرام ايضا الفقهيات كلها مبنية على المصالح والمفاسد. ومما يدل على ذلك الاستثناءات التي نبه عليها الشيء يحرم. ثم لما يعارض مصلحة راجحة يباح. لكن لما يكذب في الحرب ولا لاصلاح ذات البين. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه رخص فيه. لو كان التحريم متعلقا به لذاته لم يكن ثمة فرق بين ان يكون لمصلحة ولا لغير مصلحة للاصلاح ذات البين ولا لافساد ذات البين. لان الحرمة تعلقت بالكذب نفسه. لكن لما كان الحكم متعلقا بما فيه من المفاسد.