فقال الغراب (( يانبي الله لي والد معمّر سقط مع الزمن ريشه واصبخ قطعة لحم واخاف عليه من الطير أن تأكله فأنا أجثم عليه وأحميه منها ومن عاديات الزمن وهوام الأرض فإذا ذهبت الطيور وامن عليه سارعت بالمجئ واعود قبل عودتها . فلفت نظر ماقال الغراب نظر سليمان عليه السلام وأمر بإحضاره فوجده كما قال ابنه فسأل نبي الله الغراب المعمّر عن اغرب مامر به في حياته فقال يانبي الله : وقعت ذات يوم على سور مدينة كبيرة مبنية كلها من لبنات ذهب تلمع بيوتها في ضوء النهار حتى تكاد تخطف الابصار وبينما انا التفت يميناً ويساراً اتعجب مما أرى وامتع بصري بما حولي رموا لي ناقة مذبوحة ومسلوخة ضيافة لي فأكلت ماستطعت اكله ثم عدت من حيث اتيت وفي النفس نية للعودة وغبت عنهم سنة او تزيد ثم عدت اليهم فرأيت السور قد تغير واصبحت لبناته من الفضه وبيوتهم كذلك وضيفوني هذه المرة بقرة فاكلت حتى شبعت وفي النفس نية للعودة ثم عدت بعد عام واكثر فوجدت السور اصبح من النحاس وبيوت المدينة مثله فرمو لي شاة مذبوحة مسلوخة فاكلت حتى شبعت ورحتل وعدت بعد عام فوجدت السور والمدينة اصبحت من الطين فرموا لي دجاجة منتوفة فاكلتها ثم طرت وفي العام التالي او الذي يليه عدت اليها ورأيت السور خراباً والبلاد يبابا ولم اكد احط رجلي على مابقي من السور الا وحجر يرسل علي كأنه آت من منجنيق فضربني في عيني وكأنه شواظاً من نار وتبين ان الذي ارسل الحجر إنما كان جائعاً ويريد ان يقتات بي فطرت هارباً . وتلمست سبب تغير حالهم فوجدت ان الله سلط عليهم حية عظمى اخذت تاكل مواشيهم وتشرب مياههم حتى لم يبقى لهم مايكفيهم وتدريجياً فقدوا كل شي وانتهى الامر بالحية بعد ذلك ان كفت نفسها في بئر واسعة عميقة ليس فيها الا الرمال التي ردمت البئر عليها واسم هذه الحية ( لِس ) . فقال للاخرى هبي فقالت انني طويلة النفس ولكني ضعيفة ولم اخلق لهذا فقال للثالثة هبي فقالت هبي وازيحي الرمال فقالت انني ضعيفة وقصيرة النفس ولم اخلق لهذا فقال للرابعة هبي وازيحي الرمال فقالت حباً وكرامة يانبي الله فليس احب لي من ذلكفانا قوية الدفع طويلة النفس وكأنني خلقت لذلك وسأزيل الرمال وأكشف البئر باذن الله فهبت حتى كشفت البئر وتوغلت فيها حتى نظفتها وانكشفت الحية فخاطب سليمان الحية وقال لها اخرجي فقالت اخشى ان خرجت ان تقتلني فقال اخرجي ولا تخافي فبدأت تخرج تدريجياً واخرجت ذيلها بعد صلاة الظهر واذن العصر وهي لاتزال تخرج فسألها متى ينتهي جسمك ويخرج رأسك فقالت عندما ترى اللسعة الزرقاء على رقبتي لايبقى الا رأسي وقبل آذان المغرب تبينت اللسعة الزرقاء فرفع سليمان عليه السلام السيف ليهوي به على رأسها فقالت الم تقل لي لاتخافي فقال (خذ عدو الله بامان الله ) فأهوى بالسيف على رأسها وقطعه واراح منها .