طبقات المجتمع المصري القديم، حسب جون ويلسون، تشبه هرمًا، يتربع على قمته فرعون، متبوعًا بوزرائه، حكام الأقاليم، عمد المدن والقرى. اجتماعيًا، كان فرعون فوق النبلاء، الفنانين، التجار، العمال، والفلاحين. دينيًا، كان حلقة الوصل الوحيدة مع الآلهة، فوق الكهنة. لكن هذه الطبقات ليست متميزة تمامًا، فكبار الموظفين، النبلاء، الملاك، والكهنة كانوا في درجة واحدة أسفل فرعون مباشرة. في البداية، كان المجتمع من طبقتين: حاكمة (فرعون، أسرته، حاشيته، كبار موظفي الدولة، أمراء الأقاليم، وكبار الكهنة)، وعاملة (عمال الزراعة، الصناعة، الصيد، الملاحة، الرعي، الخدم، وغيرهم). يشير حكيم الثورة الاجتماعية "ايبو-ور" إلى تغييرات اجتماعية، حيث صعد الفقراء وغدت الطبقات العليا تعاني. تطورت الأمور في الدولة الوسطى بظهور طبقة وسطى من صغار الموظفين، التجار، وأصحاب الحرف الممتازة. فرعون، رغم قدسيته، لم يكن معزولًا، بل كان مسؤولاً عن الدفاع عن مصر، الاستماع لشكاوى الناس، مراقبة موظفيه، تأمين وسائل الحياة، وحماية المدن من الفيضانات. كان بلاطه من أمراء الجيش وكبار الكهنة، مما يحد من سلطته. بعض النصوص تكشف عن مشاعر إنسانية لدى بعض الفراعين، مثل سنفرو، الذي وصف بأنه ملك محسن، يخاطب شعبه بـ"يا صاحبي" و"يا إخواني". نفريركارع، أيضًا، لم يترفع عن التعامل مع رعاه، ووثقت قصص عن تعاطفه مع وزرائه. كان للملك وضع خاص، لكن الزواج بين أفراد البيت الملكي والشعب يُبهم الحدود بين الطبقات. الطبقة الحاكمة عاشت حياة ترف، لكنها كانت همزة وصل بين الملك ورعيته. كان لكبار الكهنة مكانة مميزة، وسيطروا على ثروات هائلة، خاصة كهنة آمون، الذين وصلوا لامتلاك ملكية خاصة، حتى سيطروا على الحكم بعد الأسرة العشرين. لم يكن هناك نظام طبقي صارم، فكان ابناء الفلاحين يصبحون فلاحين، لكن التسامح سمح بانتقال الأفراد بين الطبقات. أمثلة كثيرة على ذلك، كـ"ونى" الذي ارتقى من وظيفة صغيرة إلى منصب قيادي، و"نخبو" المهندس المعماري الذي تدرج في المناصب. ظهرت طبقة وسطى من صغار الموظفين، أصحاب الحرف الممتازة، والفنانين، مُقدرين لدورهم في الحضارة المصرية. كان رئيس كهنة منف رئيسًا للفنانين، بسبب دور إله منف "بتاح" كفنان بين الآلهة. لم تكن حياة الفنانين والصناع بالضرورة ميسورة، لكنهم كانوا حلقة وصل بين الحاكمين والمحكومين. أرسل أولاد الطبقة الوسطى إلى مدارس حكومية ليكونوا كتبة، وكانت مهنة الكاتب تُعتبر راقية، كما يُظهر ذلك في وصية ختى بن دواوف لابنه ببى. لكن ازدهار الجيش في الدولة الحديثة أدى لانصراف الشباب عن الكتابة، فكتب الأدباء قصائد تحذر من الجندية وتُشجع على الكتابة. الطبقة الدنيا تضم التجار، العمال، الفلاحين، وأصحاب الحرف الصغيرة. التجارة الداخلية كانت محدودة، أما العمال فقد عملوا في المناجم، المحاجر، وبناء الأهرامات والمعابد. الدولة كانت تشرف على العمال وتضمن رعايتهم، وقد عُثر على مساكنهم قرب الأهرامات. رغم جهودهم الضخمة، لم تكن حياة العمال ميسورة، لكنهم كانوا يحصلون على أجر، كما تُظهر النصوص المنقوشة على مقابرهم. تحسنت أحوالهم في الدولة الحديثة، فعمال الجبانة الملكية في طيبة كانوا ذوي مكانة خاصة، ويقسمون إلى فرق مع رؤساء وكتبة. كان العمل طوال السنة، مع عطلات شهرية وأعياد دينية، وكانوا يتقاضون أجوراً، مكافآت، ومخصصات. عمال دير المدينة في عهد رعمسيس الثالث أضربوا بسبب الأزمة الاقتصادية، وعجز الحكومة عن صرف رواتبهم، مما أدى إلى أول إضراب مسجل في التاريخ. نجح العمال في تحقيق مطالبهم، لكن تكررت الإضرابات لاحقًا. أما الفلاحون، فكانوا أغلبية السكان، ومقسمين إلى ملاك أرضهم وأجراء عند فرعون أو النبلاء. كانوا يُنظر إليهم بازدراء، وكانت حياتهم صعبة، كما يتضح في خطاب يصف معاناة الفلاح من الحشرات، الحيوانات، واللصوص، حتى أنهم قد يُقتلوا أو يُسجنوا.