تُعرّف الأنظمة السياسية، حسب إيستون، بأنها تفاعلات تُخصّص القيم رسميًا للمجتمع. وهي أنظمة اجتماعية متعددة الأدوار والوظائف، تستند إلى سلطة مُخوّلة، كإدارة موارد المجتمع، وتحقيق الأمن الداخلي والخارجي، والمصلحة العامة، والحد من التناقضات الاجتماعية. كما تُعرّف سلوكيًا كمجموعة مترابطة من السلوك المنظم، وهيكليًا كمؤسسات (تشريعية، تنفيذية، قضائية) تتوزع بينها عملية صنع القرار. تتميز الأنظمة السياسية بسلطة عليا، وقوانين ملزمة، وقواعد قانونية وسياسية تحكم علاقات عناصرها، وتأثيرها الأكبر في المجتمع، وتفاعلها مع الأنظمة الفرعية الأخرى. وظائفها تحديد أهداف المجتمع والدولة (الرفاهية والأمن)، وتعبئة طاقات المجتمع، ودمج عناصره، ومطابقة الحياة السياسية مع القواعد الرسمية، وتحقيق العدالة والمساواة. لم يعد مفهوم النظام السياسي يقتصر على الحكومة، بل يشمل: المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ونسق القيم والأفكار (الثقافة السياسية)، وتفاعل الأفراد والجماعات. السلطات الثلاث (تشريعية، تنفيذية، قضائية) ليست مجرد سلطات، بل وظائف خاضعة لقواعد، وتظل ركيزة أساسية لبناء الدولة. تطوير قدرات النظام السياسي ومحورية السلطات الثلاث في دولة القانون والمؤسسات هي أهداف التنمية السياسية. تتنوع الأنظمة السياسية، وأكثرها انتشارًا هي الديمقراطية (رئاسية، شبه رئاسية، برلمانية). النظام الرئاسي قائم على فصل السلطات، ويمنح صلاحيات واسعة للرئيس المنتخب مباشرة. النظام شبه الرئاسي ينتخب الرئيس، لكن الحكومة تنبثق من البرلمان، وتكون مسؤولة أمامه وأمام الرئيس. يتمركز فيه التنفيذ بيد الرئيس، الذي يشكل حكومة مسؤولة أمامه. يُعاب على هذا النظام صعوبة إدارة الخلافات المؤسساتية، ومركزية منصب الرئيس. النظام الأمريكي الرئاسي يتميز بوحدوية السلطة التنفيذية، وانتخاب الرئيس من الشعب، وتعيين الرئيس وعزل أعضاء حكومته بحرية، وعدم مسؤولية الرئيس أمام السلطة التشريعية، وعدم عضوية الرئيس في الكونغرس، وإمكانية انتماء الرئيس لحزب مختلف عن أغلبية الكونغرس، وعدم حق الرئيس بحل الكونغرس أو الكونغرس بتوجيه اللوم للرئيس. النظام البرلماني، المتطور في دول أوروبية، يتميز بعضوية أعضاء مجلس الوزراء (الحكومة) في البرلمان، واتفاق الحكومة مع رؤساء الأحزاب على تشكيل ائتلاف الأغلبية، وتقسيم السلطة التنفيذية بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ووجود رئيس وزراء ذي نفوذ كبير، ودعم الأغلبية البرلمانية للحكومة، وإشراف البرلمان على الإدارة العامة، ومحاسبة الحكومة، ووجود ضبط وتحكم عضوي بين البرلمان والحكومة، وحق البرلمان بسحب الثقة أو حجبها، وحق الحكومة بطلب حل البرلمان. النظام شبه الرئاسي خليط بين الرئاسي والبرلماني، حيث يشتركان في تسيير شؤون الدولة، لكن توزيع السلطات يختلف. يختلف عن البرلماني باختيار الرئيس شعبيًا، وعن الرئاسي بمسؤولية رئيس الوزراء أمام البرلمان. للحكومة حق إصدار قرارات بقوة القانون بموافقة الرئيس، واقتراح قضايا للمناقشة في المجلس، وحق الرئيس بحل المجلس، والجمعية الوطنية بسحب الثقة من رئيس الوزراء أو أي وزير. يملك الرئيس حق فرض قانون الطوارئ، واستفتاء الشعب. توجد مرجعية دستورية، وتختلف آلية اختيار المجلس الدستوري من دولة لأخرى. المشكلة الأساسية في هذا النظام هي تضارب مصالح رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، والمعروفة في فرنسا بـ"مشكلة التعايش المزدوج".