كان عنترة بن شداد العبسي بطلًا وشاعرًا عربيًا في عصر ما قبل الإسلام خلال الفترة: (525-608) على الراجح، نشأ عنترة بن شدّاد عند بني عبس وكان لون بشرته أسود، وفي الآونة الأخيرة قام باحث إماراتي بالإثبات على أن عنترة بن شداد يعود أصله إلى منطقة ليوا في الإمارات، وقد بيّن أن هذه المنطقة هي المنطقة ذاتها التي كانت تمثل موطن قبيلة عبس؛ وحسبما ورد عن عدد من كبار السن الذين عاشوا في منطقة ليوا أن الأجداد كانوا يتناقلون أن قبر عنترة بن شداد العبسي الذي بني من الحجارة المتراكمة يتواجد في منطقة ليوا الموجودة بالقرب من مدينة أبوظبي، طفولة عنترة بن شداد كان عنترة بن شداد يكبر ويشتد إلى أن ذاع صيته وارتفع شأنه بين الناس وعندما سمع الملك زهير بهذا الغلام اليافع أمر بأن يحضر إليه وعندما أتى إليه رآه من أكثر الغلمان إثارة للدهشة وكان عمره آنذاك لا يزيد عن أربع سنين، وقد كان الملك زهير له عبيد يرعون الإبل ولكل من أولاده عبيد أيضًا، وفيه يوم من الأيام اجتمع على الغدير الذي كان يسمى ذات الأصاد مجموعة من الرعاة والأيتام والأرامل، وصار يمنع الناس عنه فتقدمت عجوز ذات نعمة واقتربت منه، فقام العبيد كلهم وهجموا على عنترة بما معهم من العصي والحجارة، لأنه قد سمع ما حدث وعلم أنه كان وقتها يدافع عن عرض المرأة. وصارت البنات تسأل عنترة عن حاله وممن أحاط به بنت عمه مالك وكان اسمها عبلة. نسب عنترة بن شداد هو عنترة بن شداد العبسي، واسمه هو عنترة بن عمرو بن شداد بن قراد العبسي؛ أي أنه ينتمي إلى قبيلة بني عبس، وشداد هو جده لأبيه وفق رواية وردت لابن الكلبي، وهذا الاسم غلب على اسم والد عنترة فعرف به. ولأن عنترة قد نشأ في بيته نسب إليه ولم ينسب لأبيه. وقد كان يطلق على عنترة الفلحاء؛ ومن الروايات التي وردت أن أباه ادعاه بعد الكبر، وأنه كان ينسب قبل ذلك لأمة التي كانت عبدة سوداء يقال لها “زبيبة”، وزبيبة والدته كانت امرأة إثيوبية قان شداد باستبعادها بعد حرب قبلي، وهذا هو السبب في أن القبيلة قد أهملت عنترًا في بادئ الأمر، ثم نال حريته بعد أن غزت إحدى القبائل بني عبس. وقد ورد كلام في ذلك منه أن والده قال له: “عنترة قاتل المحاربين”، حب عنترة لعبلة تبين الروايات القديمة أن عنترة بقي منبوذًا عن قبيلته حتى بلغ سن الشباب وصار يقاتل ببسالة من أجل الدفاع عن قومه فاعترفوا به، فاقتربت منه الفتيات ومنهنّ ابنة عمه مالك وكان اسمها عبلة، وراح يلقي الكثير من القصائد عن جمال عبلة ويتحدث عن ولهه وهيامه بها، فكتب القصيدة التي أصبحت فيما بعد معلقة شهيرة من المعلقات السبع في العصر السابق للإسلام. خاض عنترة عشرات المعارك والحروب مع قبيلته حتى يحرر نفسه وكانت المعركة الأشرس من بين المعارك التي خاضها كانت من أجل محبوبته عبلة ونتيجة لذاك ظفر بها وتزوجها. وكانت قصة هذه المعارك أن شقيق عبلة وزوج أختها مروة كانا قد تآمرا على عنترة، إلا أنه كسب المعركة بعد استجابته لطلب أبي عبلة الذي طلب منه أن يحضر مائة من النوق العصافير والتي تعد من الأنواع النادرة، ولم يكن يملك هذا العدد من الإبل إلا النعمان بن المنذر الذي كان ملكًا للعراق، كان عنترة بن شداد محاربًا مغوارًا وعرف بصفاته وأخلاقه في العصور التي سبقت الإسلام، وقد كثرت الروايات عن هذا الشاعر الجاهلي فاستُنبط منها بعض المعلومات القيمة، ومن هذه المعلومات ما يأتي: روي أن عنترة بن شداد كان من الشعراء المعاصرين لامرئ القيس وأنه كان قد اجتمع به. كان عنترة بن شداد من أجود أهل عصره وأشدهم وقد عرف ببسالته في الحروب. كان عنترة بن شداد لا يقول الشعر إلا في حدود البيتين والثلاثة، وعيّره بأمه وإخوته، وكانت أجود أشعاره وكانت تسمى “المذهبة”. له أبيات شعر استحسنها العلماء وقالوا إنه أحسن نظمها فيها وأجاد. كان عنترة واحدًا من أغربة العرب، وكانت أمه اسمها زبيبة وهي حبشية سوداء، واسم أمه سلكة وهو ينسب إليها؛ وأم سليك أيضًا كانت سوداء البشرة. ورد في الروايات أن عنترة بن شداد أغار مرة على بني نبهان، حتى أنه قد تحامل برميته إلى أن أتى أهله ثم مات. خصائص شعر عنترة بن شداد كانت بطولات عنترة الحربية ووصف الحروب والمعارك هي الموضوعات الأساسية التي كان طرق لها عنترة في قصائده؛ فقد حاول أن يرسم في شعره صورة عن الفارس الجواد المقدام الذي يخوض غمار الحرب ويجول في ساحات القتال وميادين الأبطال، ومن خلال ذلك استطاع عنترة التأكيد على حريته وجدارته بها، بالإضافة إلى أنها تفرض عدم التخوف من العواقب. وقد كان غزل عذري يحكي عن المرأة من ناحية الخلق والصفات. أنت حروب داحس والغبراء الميدان الفسيح الذي ظهرت فيه فروسية عنترة وشجاعته، وأخبار هذه الحرب تقترن مع كثير من المواقع والأيام، ومنها يوم “الفروق” حيث اصطدمت عبس بتميم ودارت رحى الحرب بينهما فأقدم عنترة في هذه المعركة وقتل معاوية بن نزال وافتخر بقومه حين قال: “كنا مائة لم نكثر فنتّكل ولم نقلّ فنذّل”. ومنها أيضًا معركة “ذات الجراجر” بين ذبيان وحليفاتها من جهة وبين بني عبس من جهة أخرى ودام القتال يومين، ثم أرادت عبس النزول على بني سليم فوقعت معركة ضارية انهزم فيها بنو عبس، وفروا ولكن عنترة ظل واقفًا دون النساء يدافع عنهن حتى عادت الخيل واحتدمت المعركة من جديد وكان الفوز لبني عبس. والأخبار عن فروسية عنترة وشجاعته كثيرة نكتفي منها وقد كانت غاية عنترة من الحديث عن الأخلاق هي أن يرسم صورة كاملة تغطي ظل العبودية والرق الذي كان يسيطر عليه من خلال نور الأخلاق وإشراقة الصفات القويمة، وعلى الرغم من أن عنترة كان يحاول أن يغطي عقدة النقص في نسبه إلا أنه كان على استعداد نفسي تام ليجسد الأخلاق الكريمة والدفاع عنها في أشعاره. أمّا التعفف فهو ظاهر في قصائده، وعلى الرغم من أن الكثير من المقاتلين يظنّون أن غاية القتال هي المكاسب والأرباح إلا أن عنترة كان يرتفع عن هذه المعاني حتى يبقى قتاله من أجل القتال وبطولته لتحقيق البطولة وحربه من أجل خوض الحرب، أما الغنائم فهو أمر لسواه. وفاة عنترة بن شداد اختلف علماء التاريخ والرواة في موت عنترة بن شداد ونهاية حياته كما كان الأمر في بقية أخباره، الرواية الأولى: خرج عنترة بن شداد فهاجت نفحة من رائحة صيف نافخة أصابته فوجدوه متوفىً؛ وكان وقتها شيخ كبير فصار يرتجز خلال مطاردتها ويقول: “آثار ظُلمانٍ بقاع مُجدِبِ”، فقطع مطاه، فما كان منه إلا أن تحامل بالرميّة إلى أن أتى أهله وهو جريح. شعر عنترة بن شداد كان عنترة بن شداد من الشعراء المعروفين في العصر السابق للإسلام وكان واحدًا من أصحاب المعلقات الذين علقت قصائدهم في الكعبة، شعر عنترة بن شداد عن الحرب نضع لكم فيما يأتي أبيات شعر لعنترة بن شداد في الحرب: أَنا في الحَربِ العَوانِ *** غَيرُ مَجهولِ المَكان أَنَّني أَطعَنُ خَصمي *** وَهوَ يَقظانُ الجَنانِ أَسقِهِ كَأسَ المَنايا *** وَقِراها مِنهُ داني شعر عنترة بن شداد عن الحب ومن أشعار عنترة بن شداد في الحب ما يأتي: حَسَناتي عِندَ الزَمانِ ذُنوبُ *** وَفَعالي مَذَمَّةٌ وَعُيوبُ كُلُّ يَومٍ يُبري السُقامَ مُحِبٌّ *** مِن حَبيبٍ وَما لِسُقمي طَبيبُ فَكَأَنَّ الزَمانَ يَهوى حَبيباً *** وَكَأَنّي عَلى الزَمانِ رَقيب إِنَّ طَيفَ الخَيالِ يا عَبلَ يَشفي *** وَيُداوى بِهِ فُؤادي الكَئيبُ يا نَسيمَ الحِجازِ لَولاكِ تَطفا *** نارُ قَلبي أَذابَ جِسمي اللَهيبُ يا عَبلَ إِنَّ هَواكِ قَد جازَ المَدى *** وَأَنا المُعَنّى فيكِ مِن دونِ الوَرى يا عَبلَ حُبُّكِ في عِظامي مَع دَمي *** لَمّا جَرَت روحي بِجِسمي قَد جَرى وَلَقَد عَلِقتُ بِذَيلِ مَن فَخَرَت بِهِ *** عَبسٌ وَسَيفُ أَبيهِ أَفنى حِميَرا يا شَأسُ جِرني مِن غَرامٍ قاتِلٍ *** أَبَداً أَزيدُ بِهِ غَراماً مُسعَرا شاهد أيضاً: أسماء بلاد تبدأ بحرف الشين “ش” شعر عنترة بن شداد عن الظلم ومن أشعار عنترة بن شداد عن الظلم ما يأتي: حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل *** وإذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له *** منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي *** فوق الثريا والسماكِ الأعزل وفي الحرب العوان ولدتُ طفلاً *** ومن لبن المعامع قد سقيتُ وإنّي قد شربت دم الأعادي *** بأقحاف الرؤوس وما رويت فقد أظهر نفسه بصورة الشاعر الأصيل المتصف برقّة القلب ولينه من غير ضعف أو هوان، ويصف نفسه أيضًا كريمًا معّطاءً، لا يطمع بما للحرب من غنائم ومكاسبها لأنه كريم عفيف النفس. وتَحُـلُّ عَبلَةُ بِالجَوَاءِ وأَهْلُنَـا *** بالحَـزنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْـدُهُ *** أَقْـوى وأَقْفَـرَ بَعدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ ولقـد نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّي غَيْـرهُ *** مِنّـي بِمَنْـزِلَةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ كَـيفَ المَزارُ وقد تَربَّع أَهْلُهَـا *** بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ إنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِراقَ فَإِنَّمَـا *** زَمَّـت رِكَائِبُكُمْ بِلَيْلٍ مُظْلِـمِ فِيهَـا اثْنَتانِ وأَرْبعونَ حَلُوبَـةً *** سُوداً كَخافيةِ الغُرَابِ الأَسْحَـمِ إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُروبٍ وَاضِحٍ *** عَـذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذيذُ المَطْعَـمِ أوْ روْضـةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا *** غَيْثٌ قليلُ الدَّمنِ ليسَ بِمَعْلَـمِ جَـادَتْ علَيهِ كُلُّ بِكرٍ حُـرَّةٍ *** فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَـمِ تُمْسِي وتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشيّةٍ *** وأَبِيتُ فَوْقَ سرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ وَحَشِيَّتي سَرْجٌ على عَبْلِ الشَّوَى *** نَهْـدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيلِ المَحْـزِمِ