ي ي ولعلهم يعودون بذلك إلى الأصول التي عاشها آباؤهم في الجزيرة العربية قبل أن ينتقلوا إلى المدن، وكأنهم بهذا الحنين إلى الموطنالأول يخلقون نوعا من الوصال مع جذورهم، يقول الطرماحأهاجك بالمَلا دِمَنْ عَوافِي كَخَط الكف بالآي العجاف تعاورَهُنَّ بَعْدَ مُضِي حَول مصايف جُلها برد وسافي فعيناه الصرم جبال سلمى وطول فراقها بعد ائتلاف لغربي شنةٍ خَلَقَينِ مَجا غريض الماء من حرز الأشافيا - يخلق الشاعر من ذاته ذاتا أخرى يسائلها بالأداة الحمزة ( وقد انزاحت إلى التقرير) التي توحي بالقرب والحميمية، لكأنه يهمس مسائلا ذاته عن نوع المشاعر التي هيجتها هذه الدمن، بل حية متحركة ومؤثرة في ذات الشاعر، ويأتي بصورة تشبيهية لهذه الدمن الرفيعة، إذ يشبهها بالخط الذي تكتب فيه آيات القرآن الكريم، والكتابة فيها حضارة ورقي، هي عملية بناء ضد ما قامت به الطبيعة من هدم، والكتابة تخلد الأحداث التي تستحق التخليد. وهذا الطلل المادي بعث الحياة اندثرت،الزمن لرحل أو ذكرى تلاشت هذه البقايا الدقيقة يقرأ فيها الأيام الماضية فتهيج لواعج قلبه. تعاورَهُنَّ بَعدَ مُضِي حول مصايف جُلَّها برد وسافي فالتغيير سمة كونية، كانت الرياح الصيفية الجافة المحملة بالتراب تهب على هذه الدمن تارة من جهة وتارة من الجهة الأخرى فتحركها، وتغير شكلها. وبعد مضي عام من هبوب الرياح يتغطى المكان بالتراب وتكادلمحى معالمه القديمة إلا بقايا خط رفيع يذكر الشاعر بها مضى ويهيج لواعج قلبه.فعيناه لصرم جبال سلمى وطول فراقها بعد التلافإن تساؤل الشاعر في البيت أهاجك.؟) يأتي الجواب هنا، ينتقل الشاعر من وصف الطلل إلى تذكر المحبوبة، ما الذي يعنيه هذا؟ هو أراد أن يقدم مقدمة تراجيدية تخلق عنده حالة من التواجد لكي يبكي على فراق المحبوبة، لكي يقول لنا: إن هذا الأثر الذي عفاه الزمن وبقي شيء منه لكي تتذكر وتستدل هو نفسه الأثر الذي يقي من فراق تلك المحبوبة لأن هذه الآثار لا يمكن لها أن تنمحي، فبذلك أيضا يكون تذكر المحبوبة أو حبها في قلبه لا ينمحي،تثير الشحن والتذكر بعد أن كانوا مجتمعين.استفساراتكم وارائكم التواصل على ٠٩٣٣٧١٤٤٤٦66كانالفرقان دائما معكمتم مسحها باستخدام الماسح الضوئي ACE‏السنة الثانيةصرم حبال: هذه صورة تشبهية حسية لوصف شيء معنوي هو الهجر، فالحب هو حبل أثيري يربط بين قلبي المحبين يجمعهما في حقلأثيري واحد، فإذا افترقا انقطع هذا الحبل. لكن الشاعر هنا يتحدث عن زمن ماضي بعيد جمع بين قلبيهما، وهو زمن ودود آلف بينهما، ثم جاء بعدهزمن ماضي قريب قاس فرق بينهما وطالت تلك الفرقة، ثم جاء زمن الحاضر الذي يشهد الآن كلا الزمنين، الود ثم الهجر.مغربي شَنَّةٍ خَلقَينِ مَجا غريض الماءِ مِن خُرَزِ الأَشافي- الشئة هي الدلو، أراد الشاعر أن يقول: إنه يبكي بغزارة ودموعه تتسكب كما يخرج الماء من الفتحات التي تظهر عند مكان خرز قربة الماء التي قد بليت من كثرة الاستعمال. وقد استحضر الشاعر هذا الدلو البالي ليسقطه على الدمن البالية، والماء رمز الحياة لكأن الشاعر يريد أن يسقي هذا الدمن دموعه على الحياة تدب فيها،