حدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ ، فَخَرَجْتُ أَنْتَهِزُ مَحَالَهُ حَتَّى أَحَلَّنِي الكَرْنَ، فَإِذَا أَنَا بِسَوادِي يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمِارَهُ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى . أَنْسَانِيكَ الـ طولُ العَهْدِ، فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدِي ، أَمْ شَابَ بَعْدِي ؟ فَقَالَ : قَدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ، وَأَرْجُو أَنْ يُصَيِّرَهُ اللَّهُ إِلَى جَنَّتِهِ، وَلَا حَوْلَ َولا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيم، وَمَدَدْتُ يَدَ البِدَارِ إِلى الصِدَارِ أُرِيدُ تَمْزِيقَهُ، فَقَبَضَ - السَّوادِي عَلى خَصْرِي بِجُمْعِهِ، فَقُلْتُ: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواء ، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ الـ وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ، وَعَطَفَتْهُ عَاطِفَةُ اللَّقَمِ ، ثُمَّ أَتَيْنَا شَوَّاءٌ يَتَقَاطَرُ شِوَاؤُهُ عَرَفًا، فَقُلْتُ: افْرِزْ لأَبِي زَيْدٍ مِنْ هَذا الشَّواءِ ، ثُمَّ زِنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الحَلْواءِ ، وانْضِدْ عَلَيْهَا أَوْرَاقَ الرُّقَاقِ وَرُسٌ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ مَاءِ السُّمَّاقِ، فَانحنى الشَّواءُ بِسَاطُورِهِ، وَقُلْتُ لِصَاحِبِ الحَلْوَى زِنْ لأَبي زَيْدٍ مِنَ اللُّوزينج رِطْلَيْنِ؛ فَهُوَ أَجْرَى فِي الحُلُوقِ، قَالَ: فَوَزَنَهُ ثُمَّ قَعَدَ وَقَعَدْتُ، مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ ، اجْلِسْ يَا أَبَا زَيْدٍ حَتَّى نَأْتِيَكَ بِسَقَاءِ ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ وَلَا يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ ، فَلَمَّا أَبْطَأْتُ عَلَيْهِ قَامَ السَّوادِيُّ إِلَى حِمَارِهِ، فَاعْتَلَقَ الشَّوَّاءُ بِإِزَارِهِ، وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ مَا أَكَلْتَ ؟ فَقَالَ: أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً ، ثُمَّ قَالَ الشَّوَّاءُ : هَاكَ، فَجَعَلَ السَّوَادِيُّ يَبْكِي وَيَحُلُّ عُقَدَهُ بِأَسْنَانِهِ وَيَقُولُ: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ ،