يقول الطبري وكانت جماعة بني العباس قد مدوا أعناقهم الى الخلافة بعد الرشيد لأنه لم يكن له ولي عهد فلما بايع له ( أي للأمين ) انكروا بيعته لصغر سنه » ( ۱ ) . وكان المنتظر أن يعهد لابنه عبد الله ( المأمون ) لأنه يكبر محمداً ( الأمين ) بسنة ولكنه عدل عنه إلى الأمين نزولا عند رغبة زبيدة وبني هاشم أخوال محمد ، فيروي الأربلي على لسان الرشيد « ولولا أم جعفر ، وميل بني هاشم إليه ( أي الأمين لقدمت عبد الله عليه » ( ۲ ) ويؤيده المسعودي الذي يبين أن الرشيد عرف أن بني هاشم « مائلون إلى محمد بأهوائهم ، وهكذا « عقد الرشيد ( سنة ۱۷۰ ـ هـ ) لابنه محمد بمدينة السلام من بعده ولاية عهد المسلمين واخذ له بذلك بيعة القواد والجند . وله يومئذ خمس سنين » ( 4 ) ثم بايع الرشيد سنة ۱۸۳ هـ لابنه عبد الله بولاية العهد بعد الأ ين وسماه المأمون وولاه خراسان وما يتصل بها من حد همدان إلى آخر المشرق ( 2 ) . ولعل الرشيد أراد أن يؤكد رايه فبابع للمأمون بعد أن جعله الهاشميون يقدم الأمين ، وهناك احتمال ثالث وهو رغبة الرشيد في حفظ الخلافة في نسله فدفعه ذلك الى البيعة للمأمون بعد الأمين لأن الأمين كان آنئذ صغير السن والمستقبل غامض . أما الرأي الذي تردده المصادر وهو أن انحلال أخلاق الأمين ونبل المأمون دفع الرشيد الى البيعة للمأمون ففيه نظر لأن كلاً من ولي العهد كان حدثاً لم تظهر مزاياه بكاملها في ذلك الوقت ( ۷ ) . وفي سنة 186 بايع الرشيد لابنه القاسم بعد المأمون ولقبه المؤتمن وولاه الجزيرة والثغور والعواصم ، وهكذا أعاد الرشيد خطا أسلافه في العهد ،