و يسمى أيضا المنهج الاستردادي و هو الذي تقوم فيه باسترداد الماضي تبعا لما تركه من أثار.  وهو المنهج المستخدم ي العلوم التاريخية و الأخلاقية. فمنهج البحث التاريخي هو مجموعة الطرق و التقنيات التي يتبعها الباحث و المؤرخ للوصول إلى الحقيقة التاريخية.  و إعادة بناء الماضي بكل وقائعه و زواياه . لقد دار جدل واسع حول طبيعة المادة التاريخية.  وكان على المؤرخين إثبات أن التاريخ معرفة علمية دقيقة.  و هكذا بحث عدد من المؤرخين في طرائق علم التاريخ و أثبتوا في كتبهم و مقالاتهم أن علم التاريخ علم يعود إلى الحقيقة الثابتة المؤكدة.  وفي عام 1894 صدر كتاب حول منهج البحث التاريخي.  جمع فيه ما كتب عن المنهج التاريخي.  أما المؤرخ فويتيل دو كولانج فقد قام بتحويل قواعد المنهج التاريخي إلى دساتير ة قوانين دقيقة جدا و كان أول كتاب بسط فيه إلى حد ما منهج البحث التاريخي هو الكتاب الذي ألفه المؤرخان الفرنسيان لانجلوا و سينوبوس في أواخر القرن 19 و يطلق عليه اسم " مدخل للدراسات التاريخية " صدر في باريس و ترجم جزء منه إلى العربية . تتالت الأحداث المشابهة بعد ذلك.  لكن في البلاد العربية لم ينبر احد لدراسة هذا الموضوع حتى الربع الثاني من القرن 20.  رغم أن المؤرخين العرب أدركوا كثيرا من الأساسيات العلمية لمنهج البحث التاريخي بمضمونها الحديث. منهج البحث التاريخي عند العرب. نشأ علم التاريخ عند المسلمين فرعا من علم الحديث.  و اهتم مؤرخوهم بالمكان فمزجوا بين التاريخ و الجغرافيا مثل المسعودي.  لقد عمل المؤرخون على بيان مظانهم في مقدمات كتبهم أو في طليعة روايتهم للخبر.  وفي القرون الأولى للتدوين التاريخي استخدموا الإسناد كما في الحديث. أما النقد التاريخي عند العرب فقد بينه القران الكريم في آيات كثيرة في ضرورة إعمال العقل فيما يرى الإنسان و يسمع.  وأكد على مفهوم البينة و الحجة و البرهان.  وكلها أمور توجه الفكر إلى النقد العقلاني للأمور.  وقد نبه الرسول (ص) في أحاديثه إلى ضرورة تبين الصدق من الكذب.  فالأسلوب النقدي الذي صاروا عليه و اقتدوا فيه بعلماء الحديث كان " التجريح و التعديل " هذا النهج هو في حقيقة المنهجية العلمية المعاصرة للبحث التاريخي: النقد الباطني السلبي أم ما يسمى بنقد المؤلف.  وقد اتخذوا الموازنة الزمنية بين خبرين.  بحيث استطاعوا بهذا النمط من الموازنة و المحاكمة الزمنية التاريخية أن ينقدوا ما يدعى بأنه وثائق و يظهروا زيفها.  وقد حاول المؤرخين العرب ضبط الأحداث زمنا بواسطة التوقيت لها بالسنة و الشهر و الليلة.  فقد قال المؤرخ الإنجليزي " بكل – buchle " إن التوقيت عل هذا النحو لم يعرف في أوربا قبل 1597 .  ويتضح هذا من تعريفهم للتاريخ بأنه " الإنسان و الزمان " وأنه " الزمان و أحواله " ولكن جميع الأحداث في سلسلة زمنية.  هي خطوة أولى في عملية التركيب التاريخي.  فالتركيب الحقيقي يقوم على ربط الأحداث ببعضها ربطا سببيا.  وهذا ما عناه ابن خلدون في معرض حديثه عن التاريخ بأنه " هو في ظاهره لا يزيد على أخبار الأيام و الدول. وقد اتهم المؤرخون العرب بعدم سعيهم إلى التعليل.  إلى أنهم أدركوا بالمجموع أهمية العوامل الاقتصادية و الجغرافية في دفع الأحداث.  وكذلك العوامل النفسية و الاجتماعية و الفكرية.  بل سعوا لتكوين تركيب فلسفي لمعنى التاريخ. من كل هذا نخلص إلى القول: أن منهج البحث التاريخي عند المؤرخين العرب يسجل لهم أنهم أول من ضبط الحوادث بالإسناد.  و أنهم مدوا حدود البحث التاريخي و نوعوا التأليف فيه و أكثروه.  إلى درجة لم يلحق بهم فيها من تقدمهم أو عاصرهم من مؤرخي الأمم الأخرى.  وأنهم حرصوا على العمل جهد طاقتهم بأول واجب المؤرخ و أخره.  وهو " الصدق في القول و النزاهة في الحكم " وبذلك يكون المؤرخون العرب هم الذين وضعوا الأصول الأولى لمنهج البحث التاريخي العلمي الحديث الذي بدأ ناضجا في أوربا في القرن 19.