أعطى النبي صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى لمعاملة أهل الكتاب. فقد روي أنه كان يحضر ولائمهم و يشيع جنائزهم ، و يعود مرضاهم ، ويزورهم ويكرمهم ، حتى روي أنه لما زاره وفد نصارى نجران ، فرش لهم عباءته ، و دعاهم بالجلوس عليها. روي أنه كان يقترض من أهل الكتاب نقودا ويرهنهم أمتعته ، حتى أنه توفي ودرعه مرهونة عند بعض يهود المدينة في دين عليه ، و لم يخلص درعه إلا خلفاؤه بعد وفاته. كان يفعل ذلك لا عجز من أصحابه عن إقتراضه ، فكان منهم المثرون ، وهم المساعدون لأن يضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل مرضاة نبيهم ، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك تعليمات وإرشادا لأمته. وقد سار المسلمون على سيرة نبيهم ، فعاشروا غيرهم من أهل الملل والنحل الاخرى بصفاء و وئام ، فكان المسيحي و اليهودي يجاوران المسلم فيتزاورون ويتهادون لا يفصلهم إلا المسجد و الكنيسة والبيعة . روي ان غلاما لابن عباس الصحابي المشهور ذبح شاة فقال له ٱبن عباس: لا تنس جارك اليهودي ، ثم كررها حتى قال له الغلام : كم تقول هذا ! فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصانا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه . ومعنى هذا أن الإسلام لا يفرق في مكارم الاخلاق و حقوق الاجتماع بين مسلم وغيره . فالكل في نظره سواء ، ولهذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(تصدقوا على أهل الأديان كلها).