## الجانب اللغوي تُظهر سرعة اكتساب الطفل للغة مدى أهمية هذه العملية، فهي تُعدّ فريدة من نوعها. فالأطفال الصغار، الذين لا يستطيعون حتى إجراء العمليات الحسابية البسيطة، يتمكنون من تركيب جمل منطقية. وتُعتبر السنوات الاثني عشر الأولى مرحلة حاسمة لاكتساب اللغة الأولى، فمن تجاوز هذه المرحلة دون تعلم لغة، فلن يستطيع تعلمها بعد ذلك. فالأطفال الذين عُثر عليهم في الغابات، مثلاً، لم يتمكن الباحثون من تعليمهم اللغة رغم بذل الجهد والوقت الطويل. كما أن الأشخاص الذين تعلموا لغة أخرى بعد تجاوز هذه المرحلة، يُظهرون عدم قدرتهم على التحدث مثل أهل اللغة الأصليين، مهما أتقنوا اللغة الثانية من ناحية معاني الألفاظ أو التراكيب اللغوية، فمخارج الحروف لديهم لن تكون مثل أهل اللغة الأصليين، خاصةً في الحروف التي لا توجد في لغتهم الأولى. مثلاً، يمكننا تحديد إن كان شخص يتحدث الإنجليزية إنجليزياً أم لا، بل يمكننا تحديد لغته الأصلية إلى حد كبير، فنعرف أنه عربي أو هندي أو فرنسي بناءً على طريقة إخراجه للحروف. ولكن نمو الطفل اللغوي لا يقتصر على تعلم الألفاظ فحسب، بل يتعلم معها قواعد استخدامها في نفس الوقت. وعندما يصل الطفل إلى سن الرابعة تقريباً، نجده يتكلم بجمل وتراكيب لغوية شبيهة إلى حد كبير بلغة الكبار. فنجده يستخدم المبتدأ والخبر، أو الفعل والفاعل، وحتى المفعول به، وتكون جملته مرتبة بشكل صحيح، مهما طال حديثه. فمثلاً يقول "لعبة جميلة" وليس "جميلة لعبة" ، ويقول "ركب بابا السيارة" وليس "سيارة بابا ركب". وقد يظن البعض أن هذا الأمر بسيط، وليس هناك غرابة في قدرة الطفل الصغير على إتقانه، ولكن إذا أردنا أن ندرك مستوى صعوبة هذا الأمر، فانظر إلى الذين يتعلمون العربية من غير العرب، فستجد صعوبة كبيرة في تعلم تراكيبها اللغوية. أما رصيد الطفل اللفظي فقد قدرته بعض الدراسات بأنه يتراوح بين ألفين وألفين وخمسمائة كلمة عند سن ست سنوات، بينما يتراوح بين أربعة آلاف وأربعة آلاف وخمسمائة كلمة عند سن التاسعة. ورغم هذا التقدم الكبير في نمو الأطفال لغوياً، فإنهم يجدون صعوبة في فهم بعض الاستعمالات اللغوية، مثل المبني للمجهول والمجاز. فعندما يسمع الطفل جملة مثل "محمد لسانه طويل" ، فإنه سيفهمها على معناها الحقيقي، وليس المجازي.