إلا أن يدل على خصوصيتها دليل. ومعنى ذلك أن الدليل الشرعي من القرآن أو السنة يجب أن يعد شاملا لمن ورد في بيان حكمه ومن يماثله من المكلفين على مر العصور. إلا أن تقوم دلالة على أنها خاصة بمن وردت فيه بعينه لا بوصفه. القراءة الصحيحة والقراءة الشاذة: اختلف العلماء في حجية القراءة الشاذة (الآحادية) على قولين: وهو منسوب لأبي حنيفة وأحمد، وقولهم: إنها قول صحابي، لما علمناه من تورعهم عن القول في كتاب الله بما لا علم لهم به. ومن الفروع التي بنيت على هذا الأصل ما يلي: ومن العلماء من لم يستدل بهذه القراءة؛ ومما استدل به من قال إنها الأطهار، ولعله احتج بهذه القراءة لأنها مسندة للنبي صلى الله عليه وسلم لا إلى أحد من الصحابة كما في قراءتي ابن مسعود وعائشة السابقتين، وأما أبو حنيفة وأحمد فلعل القراءة لم تصح عندهما، والأصوليون لم يدخلوا هذا النوع في السنة؛ الفرق بين السنة والخبر: وما نقل عن الصحابة والتابعين. منزلة السنة من القرآن: وفيما يلي نذكر هذه الشروط: وفي الحديث الثاني قالوا: إن عادة أكل لحوم الإبل منتشرة في عهد الصحابة، فلو كان أكل لحم الإبل ناقضا للوضوء لتكرر من الرسول صلى الله عليه وسلم التنبيه عليه وإبلاغه إلى عامة الناس، ولو فعل لم يقتصر نقله على واحد أو اثنين من الصحابة. وجمهور العلماء يقولون إذا صح الحديث وجب قبوله والعمل به، 2ـ عدم مخالفة الخبر للأصول والقواعد الثابتة في الشريعة، ومثلوا لمخالف القياس بحديث المصراة الوارد في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُصَرُّوا الأبلَ والغنمَ». وفي الحديث ضمان لبن المصراة بصاع من تمر، والصاع ليس مثلا للبن ولا مساويا لقيمته، فهو مخالف لقواعد الشرع. وحجة الجمهور أن الخبر إذا خالف غيره من الأصول صار أصلا بنفسه، وهذا الشرط ذكره بعضهم مطلقا، 4ـ أن لا يعمل الراوي من الصحابة بخلاف روايته، ومثلوه بخبر أبي هريرة مرفوعا: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا» مع أن أبا هريرة كان يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا، إذ لو تركه مع عدم نسخه لكان ذلك قادحا في عدالته. فالصحابي ليس معصوما من الخطأ والنسيان، أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم فالقولية سيأتي الكلام عنها في دلالات الألفاظ، 1 ـ الأفعال الجبلية: مثل ما نقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقة مشيه وأكله القثاء بالرطب ولبسه الجبة الشامية ونحو ذلك. فهذا النوع يفيد الإباحة عند الجمهور ولا يتعلق به أمر ولا نهي. 2 ـ الأفعال التي قام الدليل على كونها خصوصية له صلى الله عليه وسلم: 3 ـ ما فعله بيانا لمجمل أو امتثالا للأمر الوارد في الكتاب أو في السنة القولية: وحكمه حكم المبين، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين لنا الصلاة بفعله وليس كل ما فعله في الصلاة فرضا مع أن الصلاة فرض. والأولى أن يقال: ما واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركها ورواها كل من نقل صفة صلاته تعد واجبة كالركوع. ج ـ أن يكون غير معلوم الصفة (الحكم) ولكن ظهر فيه قصد القربة، وهذا فيه خلاف قوي بين العلماء على أقوال: القول الثاني: الندب: وهو رواية ثانية عن الإمام أحمد وحكي عن الشافعي. القول الثالث: لا يفيد الوجوب ولا الندب بمفرده بل يحمل على الإباحة، ولو كان فعله يقتضي الوجوب لما أنكر عليهم. أنواع الإجماع: وله من هذه الجهة ثلاثة أقسام: حجيت الإجماع الصريح: 1ـ ذهب جماهير العلماء إلى أن الإجماع حجة مطلقا. ومذهب الظاهرية. فأما النظام فحجته عدم تصور وقوعه. أو اكتفى بنقل واحد لم ينقل عن معاصريه بل عمن لم يعاصرهم، مما يدل على أنه معتمد على الشهرة بين أهل العلم، وربما اعتمد في نقل الإجماع على قيام الدليل القاطع الذي لا يمكن أن يخالفه أحد من العلماء. ولا شك أن هذا الطريق في نقل الإجماع لا يورث القطع بل غايته الظن بعدم وجود مخالف. ولكن لما عرفنا اتفاق الصحابة والتابعين ومن بعدهم على تفسيرها لم يجز لنا أن نتأولها على خلافه. حجية الإجماع السكوتي: فذهب الجمهور إلى حجيته، بل لا بد من تصريح الكل. ولكنه حجة ظنية ليست في درجة الإجماع الصريح. فإذا سكت عن الإنكار دل سكوته على موافقته على الفتوى. وكل ما نقله العلماء الذين ينقلون الإجماع هو من قبيل الإجماع السكوتي. وهو مذهب أكثر الأصوليين، وهذا مستحيل. أما مع الاختلاف فلم تثبت لهم العصمة، الإجماعات الخاصة: يذكر الأصوليون خلافا في الاحتجاج بإجماع طائفة معينة من العلماء كإجماع أهل البيت الذي يحتج به الرافضة، وإجماع الخلفاء الأربعة، وإجماع أبي بكر وعمر، والراجح عند الجمهور أن هذه الإجماعات لا حجة فيها؛ أو لزوم طريقتهم في الاستدلال بالكتاب والسنة وما دلا عليه. عمل أهل المدينة: بل في عصر الصحابة والتابعين وتابعي التابعين فحسب، وقال أبو العباس القرطبي إنه لا ينبغي الخلاف فيه. وكذلك ما تركوه مع قيام الداعي إليه لا يتركونه إلا بحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الاستدلال بالأحاديث الواردة في فضل المدينة وفضل الأنصار ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لأهلها فلا دلالة فيها على حجية إجماعهم أو عملهم. مخالفة الواحد والاثنين هل تنقض الإجماع؟: الجمهور على أن الإجماع لا يتحقق إلا باتفاق كل المجتهدين من أهل العصر، لأن الأدلة الدالة على الحجية وعصمة الأمة تدل على ذلك. لحديث: «عليكم بالسواد الأعظم». كما أنه من المرجحات عند العامي ومن يلحق به من صغار طلاب العلم، حكم المخالف للإجماع: يكثر في كلام العلماء تكفير مخالف الإجماع أو تفسيقه، ولكن ذلك إنما يحمل على الإجماع الصريح المنقول بطريق التواتر والقطع،