يشهد العالم المعاصر تغيراً سريعاً ومتلاحقاً فـى شـتى ميـادين الحياة ، الخ . هذا التغير وضع الإنسان المعاصر فى أزمة حقيقية وعميقة تكاد تقضى علـى إنسانيته ، وتفقده الإستمتاع بمظاهر التقدم التى حققهـا ال تقـدم العلمـى والتكنولوجى المعاصر. هذا التقدم الذى وفر للإنسان شروط حيـاة أفضـل ومعيشة أغنى وأيسر. هـذه الحضـارة الحديثة جعلت الإنسان _بمعنى من المعانى _أكثر سعادة، وإذا لم يتعلم الإنسان كيف يسير على هذا الإيقـاع السـريع فـى التغير فسيكون مصيره الفشل فى التكيف مع الظروف الجديدة ، واليـأس من الكفاح . والدعوة إلـى إتخاذ إجراءات عاجلة للإنقاذ من الآن . عاتقه وحده مسئولية توجيه هذا التقدم وجهة إنسانية ، وعلـى التربيـة بصفة خاصة بقع العبء الأكبر فى إعادة التوازن بين إيجابيات وسـلبيات هذه الحضارة المعاصرة ، وإعادة بناء مجتمع منظم ، تتحقق فيه التعـاون بين العلماء والتكنولوجيين والتربويين لإعداد إنسان يعرف كيف يواجه هذا التغير ويتحكم فى وجهته ، ويستشرف احتمالاته . وكيف يكـون هـو المسيطر برؤيته الأخلاقية على مسار هذا التقدم . ولنبدأ معاً فى تحديد مضمون الكلمات الرئيسية فى هذه الدراسـة وهى العلم ، والتربية . مفهوم العلم : هناك عدة تعريفات أطلقت على العلم بيد أنها لـم تسـتقر علـى تعريف واحد ، وإن كنا نأمن إلى تعريفه على أنـه مجموعـة المعـارف والحقائق والخبرات الإنسانية وتشمل العلوم كلهـا الطبيعيـة والإنسـانية العلوم الطبيعية : هى العلوم التى تعنى أساساً بالمادة ويتناول العالم الطبيعى المحيط بنا بشكل عام . هى ترجمة العبارة الإنجليزبة ( Sciences Natural ( أو ( Sciences Nature of ( ويعنى بها العلوم التى تختص بدراسة الطبيعة التى تحـيط بالإنسان من أحياء وجمادات وكل ما يتعلق بـالأرض والجـو والأجـرام السماوية ، وهذه تشمل ما يسمى العلوم الأساسية من رياضيات وفيزيـاء وكيمياء وعلوم واحياء ( حيوانات ونباتـات ، الدقيقـة منهـا والظـاهرة للعيان ) ، وتشمل أيضاً الجيولوجيا وعلوم الفلك والأرصاد الحيوية ، وذلك ما تعنى به الكليات العلمية اليـوم ، كليـات العلـوم والهندسـة والطـب وما يتفرغ عتها ويرتبط بها من تكنولوجيا صناعية وزراعية ، وأدوات سلم وحرب . هذا المصطلح بالمفهوم الغربى Science لا يطابق تمام المطابقة فهذه كلمة عامة تعنى كل ما يعلمـه الإنسـان أو يعرفه ، فالعلم فى العربية يرادف المعرفة ، ويشمل فيما يشـمل ( العلـوم الإنسانية ) والشرعية . العلوم الإنسانية والإجتماعية : فهى معنية بالإنسان والتأشيرات البيئيـة والإجتماعيـة المـؤثرة عليه، وتستعين بالفكر والحقائق ، ولها مناهجها الخاصة بها . وعبارة العلوم الإنسانية هى ترجمة لكلمة ( Humanities ( أى الإنسانيات ) ، وهى ما تركز على دراسـته كليـات الآداب والفنـون ، ويشمل عا اللغات وآدابها : التاريخ ، وهو فى الغالب ، التاريخ السياسى ، والإقتصاد ، وينضم إليها كليات التجـارة والشـريعة واللاهوت مفهوم العلم قديماً وحديثاً : يرتبط تطور مفهوم العلم بتطوير النظرة الكونية للعـالم ، وهـي نظرة تتفاوت بتفاوت الحضارات. مفهوم العلم . وهى وأن الأشياء جميعاً قابلة للتفسير بلغة المادة امـت فحسب ، المادة غير قادرة على التصرف الحر . ولما كانت المادة عـاجزة عـن أن بل إن العقل ذاته يعتبر نتاجاً ثانوياً لنشأة الد هذا الرأى كان مقبولاً بعض القبول فى آخر القرن الماضى ، غير أن أموراً كثيرة حدثت فى هذه الأثناء تكذب هذا الرأى الذى ينكـر بشـدة " وجود " العقل أو الروح . وفى علم النفس ، وفى علم الكونيات بفعل نظرية " الإنفجار العظيم " و " المبدأ الإنسانى " . بحيـث تأكـد دور العقل فى العالم ، وعاد مفهوم الوعى مرة أخرى إلى المقدمة ، فالمادة فى أدنى مستوياتها لا تفهم إلا باستخدام العقل ، ومن ثم فالعقل هـو إ حـدى حقائق الوجود المطلقة . وأصبحت حقائق العلم الجديدة التى كشفتها نظرية النسبية وميكانيكا الكم لا يمكن أن يوصفا دون الرجوع إلى مراقب مشارك ولقد كانت النظرة القديمة لا تتضمن إلا المـادة والقـوانين عليها أن تتضمن المـادة الطبيعية أما النظرة العلمية الجديدة فمن المحتمل والقوانين الطبيعية والعقل . على كل الإنسان لا تقيم حياته بدون كلا القسمين مـن العلـوم ، فهما مرتبطان إرتباطاً عضوياً ، فإذا كان الإعتقاد السـائد لـدى أصـحاب العلوم الإنسانية والإجتماعية أو بعضهم بأن العلوم الطبيعية تتعامـل مـع المادة وليس مع الإنسان ، وكذلك إعتقاد أصـحاب العلـوم الطبيعيـة أو بعضهم بأن العلوم الإنسانية والإجتماعية وكذلك إعتقاد أصـحاب العلـوم الطبيعية أو بعضهم بأن العلوم الإنسانية والإجتماعية تقع فى نطـاق الأدب وهى ثقافة عامة وليست علوماً . إلا أن الواقع بل والحقيقة التى لا تعرفها هى وجود أرضية مشتركة بين العلمين وبين المجتمع العلمـى الإنسـانى والإجتماعى محورها مواجهة احتياجات الإنسان وحل مشكلاته . وتظهـر هذه العلاقة بوضوح وتتأكد من خلال التطبيقات العلميـة التـى تسـتهدف رفاهية الإنسان وتحسين أحوال معيشته. وهى ما نطلق عليه التكنولوجيا : حيث تعنى هذه الأخيرة الأساليب والخبرات والمعارف والتطبيقات العلميـة التى يحقق بها المجتمع على مر العصور إحتياجاته وهى أقدم من العلم. ثم إن العلوم الطبيعية هى فى ذات الوقت علوم إنسانية أكثر مـن من حيث كونها تعنى ما هو من صـنع الإنسـان وحـده أو إهتمامه _ بمعزل عن الحيوان _ والحيوان ليس له دين ولا آداب وليس له أيضاً علم . ولذا يفضل البعض استبدال كلمة إنسانيات بعبارة " الآداب والفنون " فـى اللغـة العربيـة أو كلمـة AITS فـى الانكليزية، أو الآداب والفنون فقط . مفهوم التكنولوجيـــا : هى الأساليب والخبرات والمعارف والتطبيقات العلمية التى يحقق