يتمتع الإثبات بأهمية بالغة في إظهار الحقيقة أمام القضاء، ذلك أن القاضي لا يعتمد قانونيا عن الحق المجرد من الدليل عند قيام المنازعة، فعلى الرغم من أن القانون العراقي يعتبر الكتابة من أهم و أقوى الأدلة في حين بقيت الشهادة الشهود والقرائن قيمة محددة في الإثبات، لكنه بالمقابل أقر مبدأ الثبوت بالكتابة بجعل الإثبات بشهادة الشهود جائز فيما كان يجب إثباته بالكتابة، متى توفرت شروطه التي أهمها صدور هذه الكتابة من الخصم وبما أن الوسائل التقنية الحديثة تحدث بعض المجالات القانونية بما فيها الإثبات، لهذا تساءل حول ما إذا كان هذا المبدأ يجد طلباته في المحررات الالكترونية بصفة خاصة ومدى اتفاق الوسائل التقنية الحديثة مع المتطلبات القانونية لإثبات التصرفات القانونية وقبول هذه الوسائط التقنية الجديدة كدليل مقنع للإثبات بصفة عامة.و الأثبات في لغة هو تأكيد الحق بالبينه والاثبات معناه القانوني هو تقديم الدليل امام القضاء بالطرق التي اجازها القانون والادله على وجود واقعه قانونية متنازع عليها بين الخصوم محيث شرعت قواعد الاثبات لحماية الحقوق ذلك أن الحق مجرد من كل قيمة له ما لم يقم الدليل على الواقعة التي كانت سبب وجوده ، وهذه الواقعة هي دليل الاعتراف به ، وهو تحديد ملزم للخصوم والقاضي يتقدم بها صاحب الحق لإقامة الدليل أمام القضاء. وقد تأسست نظريات الاثبات على حقيقة اساسية هي ان الحق المجرد عن الدليل لا وجود له وبعد عدماً عند قيام النزاع، والمشرع لم يقر التمسك بأي دليل وفرض توفر ادلة معينة دون غيرها للاثبات من الادلة الكتابية ، و اليمين بالاضافة الى المعاينة والخبره وذلك وفقاً لاحكام القانون المدني و قانون البينات . وهذا وقد احتلت الكتابة منزلة متقدمة من بين الأدلة القانونية، إذ تعتبر الكتابة أقوى الأدلة لما توفرة للخصوم من ضمانات لا توفرها لهم غيرها من الأدلة في حين أعطى المشرع لكل من شهادة الشهود والقرائن وغيرها من الوسائل قوة محددة في الإثبات ، والإثبات بشهادة الشهود و إن كان جائز بالنسبة للوقائع المادية فأنها لا تصلح بالنسبة للتصرفات القانونية التي تتجاوز قيمتها مئة دينار.يشكل الإثبات في كافة الدعاوى جانبا إجرائيا هاما لكونه وسيلة التوصل للحقيق فيها.ويتسم الإثبات في الدعاوى الإدارية بخصية تميزه عنه في الدعاوى العادية حيث يتمتع القاضي الإداري في ظله بدور ايجابي يفتقده نظيره في الدعاوى المدنية، مرجعه طبيعة الدعاوى الإدارية بما تتصف به من انعدام للتوازن بين طرفيها الأمر الذي يستوجب تدخل القاضي لمساعدة المدعى فيها للحصول على حقه في ظل ما تملكه الإدارة من مستندات أو أوراق تعوق الوصول إلى هذا الحق لو كان دور القاضي حيادي .هذا إلى جانب أن الإثبات الإداري غير مقنن على نحو ما هو معمول به أمام القضاء العادي الذي يحكمه قانون الإثبات في المنازعات المدنية و التجارية وان كان بوسع القضاء الإداري تطبيق أحكام القانون لحين صدور قانون الإجراءات الإداريةوبما أن العصر الذي نعيش فيه من تجليات ثورة تقنية عالية وتكنولوجيا المعلومات و العمل عبر الحاسب الآلي وشبكات الاتصال أدى بالضرورة إلى ظهور أدلة جديدة الكترونية وبذلك أصبح العالم قرية صغيرة يمكن لأي شخص أن يحاور ويبرم تصرف في أي مكان آخر في العالم في لحظات فأصبح العالم الآن غير العالم الورقي الذي كان منذ سنوات بسيطة فإذا كان المتعارف عليه في بلادنا أن الإثبات في التصرفات القانونية المدنية الغالب فيها هو الكتابة ونظام الإثبات لم يعد ورقيا فقط بل في تطور مستمر إلى أن أصبح رقميا وهذا ما أدى بنا إلى طرح الإشكالية التالية ماهي أهم الوسائل الحديثة في الإثبات؟ وما الدور الذي تلعبه في القضاء الإداري ؟إن وسائل الإثبات الحديثة في القضاء لها أهمية بالغة ترقى إلى أهمية مرفق القضاء بحد ذاته ذلك حيث أن أهمية الإثبات تكمن في كونه الوسيلة الوحيدة التي تمكننا من اعتبار فعل ما موضوع شك أو انتزاع عنوانا للحقيقة على إثر صدور حكم نهائي في الدعوى فالإثبات لا يمكن فصله عن الحكم القضائي بل هو روح هذا الحكم و جوهره و على الرغم من هذه الأهمية التي يكتسبها الإثبات، فإن الدارسين لم يكرسوا في الحقيقة مجهودات معتبرة للبحث فيه، فهناك دراسات قليلة تتعلق بالقواعد التي تنظم موضوع الإثبات في مختلف الأنظمة القانونية لاسيما المتعلقة منها بالإثبات القانوني من كون هذا الأخير في تطور مستمر ذلك أن الحقيقة العلمية تبقى دائما محل دراسة و تجديد بين الحقيقة القضائية تنتهي عند اكتشافها من طرف القضاء و بهذا التطور المذهل والسريع أصبح عنصر الإثبات يحتل مكانة مرموقة في كافة العلاقات والمجالات الشخصية والمدنية والتجارية، وهو الوسيلة الأساسية للحصول على الحقوق والإلزام الآخرين بالموجبات. ومن الناحية العملية ليس للحق أية قيمة عندما يعجز صاحبه عن إثباته ،تكمن أهمية هذا البحث في الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات في أنه موضوع حديث نسبياً يعاني من شح الموارد والمراجع السابقة . بالإضافة إلى كونه وسيلة توضيحية الرجال القانون الباحثين في هذا المضمار. بالإضافة إلى أن التقدم التكنولوجي، والعلمي أدى إلى حدوث تطور نوعي في الجرائم الأمر الذي أدى إلى اضطراب المجتمع، واضطراب النظام السائد فيه لذلك كان من الواجب أن تكون القوانين مواكبه الطبيعة العصر الذي نعيش فيه، لأن النصوص القانونية إذا عجزت عن تحقيق العدالة سنصبح أمام مجتمع تسوده الفوضى، ومن هنا جاءت أهمية الدارسة الموضوع مهم، وخطير يتعلق بالبنيان الجزائي، والعدالة والذي ينبني عليه في حال حصول أي خلل أن تصدر أحكام ظالمة كثيرا ما يتعذر تداركها وغالباً ما تؤدي إلى نتائج سلبيه تجاه حريات الأفراد، وقد تلقي بالأبرياء في غياهب السجون أو قد تؤدي إلى أن يفلت المجرم الحقيقي من العقاب، فنحن عندما نتحدث عن الوسائل العلمية الحديثة كوسائل إثبات. نقوم بقطع الطريق على مرتكب الجريمة، وتعقب جريمته مهما ابتدع من أساليب لكي يفلت من العقاب، و يجدر بالذكر هنا أن نشير إلى أن ظاهرة الجريمة المنظمة وجريمة الإرهاب تلك التي تتجاوز مخاطرها حدود الدول، قد أدت في الفترة الأخيرة إلى انتشار سريع في أنماط معينة في وسائل التحقيق، ليتم معالجة الجريمة بإجراءات جابهت هذا التطور بالإجرام، ومنع الدماء من أن تسفك دماء أخرى.يعتمد البحث على المنهج الوصفي ذلك من خلال الرجوع إلى المؤلفات والأبحاث والدراسات وعرض النصوص القانونية ذات الصلة بموضوعاتها الواردة في القوانين العربيه والأجنبية بالإضافة إلى اعتمادها على المنهج التحليلي من أجل تحليل هذه النصوص و تحليل آراء الفقه القانوني واجتهادات المحاكم العراقية ذات الصلة.