أنصت إلى مجموعة من الرجال يتحلقون حول طاولة بأحد المطاعم الفاخرة بالمدينة، يركز كل واحد منهم عينيه في هاتفه النقال، يضحك أحدهم فينظر إليه الآخرون فجأة، ويواصل ضحكاً طويلاً لا أحد يعرف سببه، بين وقت وآخر يقول أحدهم لرفاقه (يا جماعة ملل، اتركوا الموبايلات دعونا نتحدث) يستقبل رفاقه العبارة بلا تأثر ويكملون مع الموبايل!! على ما يظهر، أنيقات، جلسن في ركن قصي، وبدأت الحكاية نفسها، تلك واحدة من مسلمات واقعنا، وإذن فلماذا يتفق الأصدقاء على اللقاء لقضاء وقت لطيف بصحبة بعضهم طالما هناك صديق أهم يستحوذ الوقت كله؟ يبدو واضحاً أن هناك خللاً لغوياً في فهم معنى اللقاء والصحبة اللطيفة، فهذه المعاني لا تحيل إلى الانشغال التام عمن معي وكأنه لا وجود له في حين أن هدف اللقاء مختلف تماماً!!حكاية العلاقة الغريبة التي أصبحت تربط معظمنا بهاتفه ليست مجرد حكاية عابرة، ليست كقصص العلاقات الطارئة أو المراهقة، إنها حكاية جادة وقد تصل إلى اعتبار الهاتف صديقاً حقيقياً بديلاً، صديقاً متفهماً وحميماً ومريحاً، أمي، لكنني كما توقعت كان الجواب هو: الموبايل!! لكن لماذا الموبايل؟قال أحدهم لأنه يفهمني أكثر من أي أحد آخر، لا يلزمني بأي شيء، إنه صديق مريح مفيد وغير متطلب،