تمييز القانون عن غيره من قواعد السلوك الاجتماعية الأخرى سبقت الإشارة إلى أنّ القانون هو مجموعة من القواعد العامة و المجردة السائدة في مجتمع معين، غير أن هذا لا يعني بأنها القواعد الوحيدة فيه، بل تقع إلى جوارها قواعد أخرى كقواعد الأخلاق و قواعد الدين و كذا قواعد المجاملات، بحيث تتفق جميعا في كونها قواعد ذات بعد اجتماعي هدفها تحقيق التوافق بين سلوك الأشخاص و المصالح العليا في المجتمع. و في إطار تحديد ماهية القانون و حصره نطاقه وجب تمييز قواعده عن غيرها من القواعد الاجتماعية، لذلك سنحاول إجراء مقارنة بين قواعد القانون و قواعد السلوك الاجتماعية الأخرى، و هذا من خلال تبيان أوجه الشبه و الاختلاف بينهما، و هذا في ما يلي: 1-المقارنة بين قواعد القانون و قواعد الدين: إنّ قواعد الدين هي مجموعة الأوامر و النواهي التي أوحى الله تعالى بها إلى عباده عن طريق أنبيائه و رسله لتحقيق صلاحهم في الدنيا و الآخرة، وذلك بتنظيم علاقتهم بربهم من خلال قواعد العبادات، و علاقتهم بغيرهم من خلال قواعد المعاملات، دون إهمال علاقة الإنسان بنفسه، و جميعها قواعد يتعين احترامها و إلا كان جزاء الشخص العقاب. و إذا كانت قواعد القانون تشترك مع قواعد الدين في كونها قواعد عامة و مجردة و متصفة بالإلزام، إلا أنّ هناك اختلاف بينهما يمكن حصره في النقاط التالية: -إنّ قواعد الدين أوسع نطاقا من قواعد القانون، فإذا كانت هذه الأخيرة تنظم علاقة الشخص بنفسه و لا تهتم إلا بالسلوك الخارجي للأشخاص، فإنّ قواعد الدين أوسع لأنها لا تكتفي بعلاقات الأشخاص فيما بينهم، بل تتعدى ذلك إلى علاقات الإنسان بربه، و كذا علاقته بنفسه. -إنّ غاية الدين مثالية بحيث تهدف قواعده إلى الرقي بالنفس البشرية إلى مرتبة السمو و الكمال، أما غاية القانون فهي مادية لأنّها قواعد تهدف فقط إلى حفظ الاستقرار و النظام في المجتمع، لذلك فهي لا تهتم إلا بسلوك الشخص دون نواياه. -مصدر قواعد الدين سماوي لأنها من وحي الله عز و جل، أما قواعد القانون فهي وضعية، أي من صنع الإنسان سواء في شكل أعراف أو قواعد مكتوبة. -الجزاء في القاعدة الدينية مزدوج دنيوي و أخروي، فمن سرق مثلا يعاقب في الدنيا عن طريق الحاكم و يعاقب في الآخرة عقابا إلهيا، أما الجزاء في القاعدة القانونية فهو جزاء دنيوي فقط.