ح.إ. ج متقاضيا مثل كل المتقاضين وهو توجه إيجابي محمود. في تمكين الأطراف من إعداد وسائل دفاع وتقديم حججهم وكذلك الاستماع إليهم في تقديم وجهة نظرهم بخصوص كل ما يقع تقديمه للمحكمة، كما يتجلى ذلك من خلال القرار الصادر عن المحكمة الإدارية والذي قضى بما نصه: "وحيث يقتضي الفصل 6 من م. ج أنه يمكن لمصالح الجباية في نطاق المراجعة المنصوص عليها في الفصل 5 من هذه المجلة أن تطلب كل الإرشادات والتوضيحات والمبررات المتعلقة بالوضعية الجبائية للمطالب بالأداء، ويحق لها أن تضبط الآذان وتصحح التصاريح بالاستناد إلى القرائن القانونية أو الفعلية المتمثلة خاصة في مقارنات مع معطيات تتعلق باستغلالات أو مصادر دخل أو عمليات مماثلة، كما ينص الفصل 65 من نفس المجلة على أنه لا يمكن للمطالب بالأداء الذي صدر في شأنه قرار توظيف إجباري للأداء الحصول على الإعفاء أو التخفيض من الأعباء الموظف عليه إلا إذا أقام الدليل على صحة تصاريحه وموارده الحقيقية أو على شطط الأداء الموظف عليه، وحيث يستشف من تلك الأحكام أن التوظيف الإجباري للأداء يجب أن يستند إلى جملة من القرائن الفعلية والقانونية التي على الإدارة الاتيان بها لينقلب بعد ذلك على الموظف عليه الأداء الذي عليه إثبات صحة تصاريحه وموارده الحقيقية أو شطط الأداء الموظف عليه. وحيث أن القرينة هي ما يستدل به على شيء غير معلوم بالاعتماد على فكرة الشيء المعتاد، هذا وقد جرى فقه هذه المحكمة على اعتبار أن القرائن القانونية والفعلية لا تتكون عن طريق الافتراض والاستنباط وإنما تركز على الواقع الملموس وحيث تبين بمراجعة قرار التوظيف الإجباري للأداء المسلط على المعقب ضدها أنه استند لتعديل وضعيتها الجبائية إلى محضر مخالفة جبائية محرر بخصوص نقل الشاحنة التي تعود لها بالملكية. لكن في حالات بذاتها تسلط رقابتها عند مخالفة القانون أو تحريف واضح للوقائع وضعف في التعليل أو خطأ فادح في التقدير. فالمحكمة الإدارية أن قاضي الموضوع في المادة الجبائية يعتبر قاضيا إداريا له دور استقصائي وتوجيه يفرض عليه مطالبة الأطراف بالأداء بالوثائق اللازمة للفصل في النزاع، إضافة إلى تدارك ما يشوب إجراءات القيام بالدعوى من الإخلالات، كما يفرض هذا الدور الاستقصائي للتفتيش على المحكمة أن تستنير بآراء الخبراء في مسائل دقيقة فرضها تشعب المادة الجبائية. أجاز الفصل 62- فقرة 2 من م. ح.إ. ج، للمحكمة أن تأذن من تلقاء نفسها بإجراء اختبار في المسائل المعروضة على أنظارها وفقا لأحكام مجلة المرافعات المدنية والتجارية أي "إن اقتضى الحال إجراء اختبار»، وقد استقر فقه القضاء على اعتبار مسألة اللجوء إلى أهل الخبرة والاختصاص من المسائل الواقعية التي ترجع إلى اجتهاد وتقدير قاضي الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من قبل قاضي التعقيب بشرط أن تعلل رأيها قانونيا بما يتماشى مع ما في الأوراق. على هذا المستوى يجدر التنبيه إلى أنّ الخبير لا يبت في مدى جدية الدفوعات والتدقيق في مدى شرعية قرار التوظيف التي تخرج عن المأمورية التي انتدب من أجلها وتعود بصفة مطلقة إلى نظر المحكمة. وتتمتع محكمة الموضوع بسلطة تقديرية في اعتماد تقرير الاختبار الذي يعد وسيلة استقرائية تستنير بها ولها، مطلق الاجتهاد لاعتماده كلما ثبت لديها أنّ الاختبار يفي بالحاجة من حيث المعطيات الموضوعية والفنية دون رقابة عليها في ذلك من قاضي التعقيب إلا إذا اتسم اجتهادها بخطأ فاحش في التقدير. 2 . وجوبية اللجوء إلى الاختبار ح.إ. في خصوص المنازعات المتعلقة بمعاليم التسجيل، لا مناص من تكليف خبير، فالقاضي يجد نفسه مجبرا على الفصل في دفوعات وردود واقعية متضاربة مدارها القيمة المصرح بها في العقود والتي تعتمد كوعاء لتصفية واحتساب المعاليم فالمطالب بالأداء يتمسك بأن الثمن المصرح به يعكس القيمة السوقية، وتحديد تاريخ إنجاز تلك الإحداثات بما يسمح بتطبيق نسبة %10 عن كل سنة امتلاك. م.م. يمكن للمحكمة الاستعانة بمصالح الجباية لإعادة عملية الاحتساب أو تعيين خبير لهذا الغرض بناء على طلب من المطالب بالأداء". وهو عين الصواب طالما أن المشرع قد خص النزاع الجبائي بنظام إجرائي خاص يقدم في التطبيق على بقية النصوص الإجرائية مثلما نص على ذلك الفصل 56 من م. لإعادة احتساب الضريبة المستوجبة إذا ما انتهت المحكمة إلى تعقيبها، ويكون حكمها في طريقه من هذه الناحية ضرورة أن الفصل 66 المشار إليه يعتبر نصا خاصا يقدم تطبيقه على أحكام م. ت وتعين بذلك رفض المطلب". مهمة الخبير يجب على المحكمة تحديد المأمورية بغاية الوضوح والدقة وبيان سائر الأعمال المطلوبة منه ولا تترك له المأمورية مفتوحة. وعلى الخبير المنتدب من قبل المحكمة التقيد بالمأمورية المسندة إليه وعليه ألا يتجاوز موضوعها أو أن يتخطى العناصر التي ضبطتها تلك المأمورية وإلا فإنّ عمله لا يعتد به فيما تجاوز المهمة التي أسندت إليه. ويجدر التنبيه إلى أنّ الخبير لا يبت في مدى جدية الدفوعات والتدقيق في مدى شرعية قرار التوظيف التي تخرج عن المأمورية التي انتدب من أجلها وتعود بصفة مطلقة إلى نظر المحكمة.