لكن لا نجدهم في مجال السوسيولوجيا بقدر ما نجدهم في مجالي تاريخ الفن والأدب، وتقيم السوسيولوجيا التفسيرية روابط متينة مع التاريخ والفلسفة والجماليات وحتى مع نقد الفن، وتنشر أبحاثها في مجلات متنوعة أو في كتب ومؤلفات علمية والمجلة الوحيدة المختصة في هذا الميدان باللغة الفرنسية هي مجلة سوسيولوجيا الفن (Sociologie de l'art) التي بقيت هامشية منذ تأسيسها في تسعينيات أما سوسيولوجيا الفن التي يجري تطبيقها في مؤسسات الاستطلاع فهي كما في أقسام الدراسات في الإدارات الكبرى، والمنهج المعتمد فيها هو الإحصائي بشكل أساسي، تقوم بدراسة الأعمال الفنية بتاتاً، وتبقى موضوعاتها المفضلة هي: الجمهور والتمويل والأسواق والمنتجين غالباً ما يتم تداول نتائجها عبر تقارير إحصائية وأخيرا هناك موقع ثالث لعلماء اجتماع الفن هو مؤسسات الأبحاث كمؤسسات أو معاهد البحث خارج فرنسا، والمركز الوطني للبحوث العلمية (فرنسا) ومعهد الدراسات )Centre National de Recherches Scientifiques(‏ العليا في العلوم الاجتماعية والمعاهد الجامعية الفرنسية الكبرى ( Grandes‏ ‏Ecoles ENA, أو معايير مرجعية غير متجانسة ومقارنة بالتقليد الثنائي لتاريخ الفن الذي يعالج العلاقات بين الفنانين والأعمال الفنية، وبالجماليات التي تعالج العلاقات بين المشاهدين والأعمال الفنية، فإن سوسيولوجيا الفن تعاني من حداثة سنها وتعدد مفاهيمها التي تعكس تعدد تعريفات هناك أمر آخر يلزمنا بالدقة ورصانة البحث هو تحديد نطاق الموضوع إذ غالبا ما يحدث خلط أو ربط بين هذه السوسيولوجيا وسوسيولوجية "الثقافة"، إن السوسيولوجيا هي علم جديد نما وتطور بسرعة خلال قرن من الزمن ويبدو هذا النمو ظاهرة أشد وضوحا في ما يتعلق بسوسيولوجيا الفن: لذا، لا معنى لأن نقدم سوسيولوجيا الفن بشمولية، بوصفها فرعا معرفيا متجانسا، ولكي نفهم ماهي سوسيولوجيا الفن هذه، ونتبين حيزها وموقعها وسط هذا القدر الكبير من النتائج المتضاربة، لابد من إعادة تركيب تاريخها، تبعا للأجيال) مع التجهيز الفكري . إن إحدى الصعوبات التي تعيق تعريف سوسيولوجيا الفن هي أن جذورها لم يول مؤسسو السوسيولوجيا سوى حيزا هامشيا للمسألة الجمالية، فلم يتناول إميل دوركهايم (Durkheim) مثلا مسألة الفن إلا لأنه يشكل في نظره نقلة للعلاقة بالدين، ويرجع ماكس فيبر (Weber ) في نص كتبه حول الموسيقى، ونشر بعد وفاته اختلاف الأساليب والفروق بينها إلى تاريخ سيرورة العقلنة والمصادر التقنية مرسيا بذلك أسس سوسيولوجيا التقنيات الموسيقية. وحده جورج سيمل (G) . Simmel) في العصر نفسه، دفع حدود البحث قليلا إلى الأمام فقد سعى في كتاباته عن رمبرانت (Rembrandt) ومايكل انجلو و رودان (Rodin) الى تبيان التكييف الاجتماعي للفن، وإظهار أثر النظرة إلى العالم رؤية العالم) على الأعمال الفنية، وقد أبرز على نحو خاص الانسجام بين الميل الفني إلى الأشكال المتناظرة والمتناسقة وأشكال الحكم الاستبدادية والمجتمعات الاشتراكية، في حين أنه ربط بين الفردية والأشكال الليبرالية للدولة والأشكال الفنية . أن