الجزارة : و يعني إسناد المهام التعليمية و الإدارية إلى الجزائريين بعد الرحيل الجماعي للمعلمين الفرنسيين، وكان لابد من التعاون الأجنبي لانطلاق المدرسة الفتية. "عملت الجزائر على تسيير النظام الموروث بكل محاسنه ومساوئه حتى لا يصاب الجهاز التعليمي بالشلل والخراب الشامل الذي عرفته البلاد عامة ، وما قلة عدد المتعلمين الجزائريين والنقص المفزع في الإطارات بعد الاستقلال مباشرة إلا دليلا على طبيعة هدف التنظيم التربوي الاستعماري. لعدة أسباب: تسليم المهام الجزائريين يجعلهم يحصرون مشاكل المدرسة ويحللونها ويجدون لها الحلول الناجعة. إن المعلم الجزائري سوف يعتز بهذه المسؤولية الملقاة على عاتقه، ليثبت للاستعمار أن الجزائريين قادرون على تسيير مدارسهم. والعامل المهم في نظرنا زيادة على ما ذكر، وتوجيهها إلى ميادين أخرى كان المجتمع بأشد حاجة إليها. إن فسح المجال للجزائريين هو القضاء على البطالة، وتزيد في الاستقرار الاجتماعي و الاقتصادي. والجزارة لا تعني فقط توفير العمل للإطارات الجزائرية، التي ظلت غريبة طوال الفترة الاستعمارية إلى ما بعد الاستقلال في البرامج التعليمية، يتطلب التحكم في ديناميكية التطور الوطني وتوجيهه وفق المعايير والقيم العربية الإسلامية، وهذا بالتكفل بها و تطويرها خاصة اللغة الوطنية التي من خلالها يتم التطبيع الاجتماعي للوسط الاقتصادي الصناعي والاجتماعي الثقافي من أجل تطوير وتدعيم الثقافة والتأكيد على الهوية الوطنية (Necib Redjem p55). ‏ ومن هنا نلاحظ تلازم مبدأ الجزارة والتعريب مع القيم الإسلامية إلا أنه يمكن القول أن الجزارة الجماعية في منتصف السبعينيات، بحيث تم تعويض المتعاونين الذين كانوا يحملون مستويات معتبرة بمعلمين جزائريين مستواهم الثقافي محدود جدا، ويؤكد نسيب رجام هذا بقوله: إن عملية الجزارة تحتوي على جانبين : الجانب الأول إسناد مناصب العمل والمسؤوليات إلى الجزائريين فقط، الجانب الثاني : هو طبع هذه المناصب بالميزة الجزائرية على مستوى الهياكل والتنظيم والمحتوى، أن الجزارة اليوم تمت على جميع مراحل التعليم سواء الأساسي بأطواره الثلاثة أو الثانوي بفرعيه العام والتقني. كان حكرا على أبناء المعمرين أثناء الاحتلال ، فسح المجال للتعليم الفني. الإسهام في النهضة الصناعية. الاستفادة من التطور التكنولوجي الذي عرفته المجتمعات و الدول المتطورة. ومن هنا فإن هذا الهدف الطموح كان يحتاج إلى تزويد المدارس والمؤسسات التعليمية بالمخابر وورشات العمل، وهذا يسمح بشكل كبير في تكوين تلميذ متوازن الخصائص، في القضاء على تلك الفكرة السائدة التي كانت تحصر المتعلم في الجانب النظري دون سواه، جاء في التقرير العام للمخطط الرباعي الأول ما يلي: ناشئة عن الضرورات الموروثة عن التاريخ، ولتحقيق هذا الغرض تكونت متاقن ومؤسسات تعليمية لنشر هذا النوع من التعليم،