كَانَتْ قريةً سيدي بو سعيد مصطاف أعيان مدينة تونس منذ القديم، تتسلّقُ دورها البَيْضَاءِ رَّبَوَةُ عَالِيةٌ تَشْرِفُ على خليج تونس، يصعد إليْهَا الزَّائر صُعُودًا من طريق ضيقةٍ تنتهي به إلى سَاحَةٍ صغيرةٍ هي قَلْبُ المدينة، و إذا تجاوزت الساحة و جُلْتَ في القرية تهْتَ في منعرجاتها ، وخَلَبَتْ بَصَرَكَ ابواب دُورُها مَصْبُوعَة" باللون الأزرق، ولعل سكونها العجيب يفتنك كأنَّهُ سِحْرُ ، وأنْتَ تَمُرُّ أزقتها تحت المشربيات بخفيف أردّية الحرير، و تطرق سَمْعَكَ طرق الأنغام ضحكات محتشِمة، وقد تتراءى لك من حين لآخر عَينُ حَسْنَاءٍ تُرَاقِبُ مِشْيَتَكَ و حركاتها مِنْ وَرَاءِ الشَّبَابِيكِ، وتشَاهِدُ أحيانًا شَجَرَة سَرو تُنطَلِقُ عَالِية مستقيمَةً مِنْ فَنَاءِ بَيْتٍ مُسَلَّطَةً عَلَى الفضاء حضرتها المدلهمة تواصل سيرك فتقودُكَ خُطاك إلى ناحية البحر،