مقدمة يعد البحث العلمي في الوقت الراهن أحد الوسائل المهمة لتقدم النهضة العلمية وتطورها، هو علم مبني على منهجية مدروسة للوصول إلى نتائج منطقية وموضوعية تساعد في إيجاد الحلول لمختلف مشاكل مجالات الحياة. والأمانة العلمية هي من المبادئ الأخلاقية التي يبنى عليها البحث العلمي ليتصف بالتأصيل والموضوعية و الدقة في نتائجها التي تعمم على فئة معينة أو مجتمع معين أو ظاهرة ما لإيجاد الحلول المناسبة، فهو يهدف إلى زيادة المعارف في كل المجالات العلمية سواء في العلوم الطبيعية أو في العلوم الاجتماعية والإنسانية. ولذلك وجب على الباحث الحفاظ على أصالة بحثه من خلال احترام الأمانة العلمية، ليتجنب الوقوع في السرقة العلمية والتي تعد جريمة أخلاقية علمية يعاقب عليها القانون، فقد أضحت ظاهرة خطيرة تنخر البحث العلمي وتؤثر سلبا على تطوره وازدهاره سيما في ظل العصر الرقمي الذي تشهده في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال. والسرقة العلمية هي كل شكل من أشكال النقل غير القانوني لأفكار وأعمال الآخرين سواء عن قصد أو غير قصد فهي تعد انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية، وتهدف الدراسة إلى إبراز ضوابط الأمانة العلمية والإجراءات المتخذة ضد منتهكيها وطرق مكافحة السرقة العلمية من خلال التدابير المشار إليها في النظام القانوني الجزائري. وعليه نطرح الإشكالية التالية: فيما تتمثل ضوابط الأمانة العلمية؟ وما هي التدابير الوقائية المتخذة للحد من ظاهرة السرقة العلمية؟ المبحث الأول: ضوابط الأمانة العلمية في البحث العلمي يتطلب البحث العلمي تضافر مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن يتسم بها الباحث والتي يتوقف عليها نجاح البحث العلمي من بينها التقيد بالأمانة العلمية. المطلب 1: مفهوم البحث العلمي: البحث العلمي هو عملية تقصي الحقائق العلمية من خلال إتباع عدد من الأساليب والمناهج العلمية بهدف التأكد من مصداقيتها وإضافة كل ما هو جديد إليها، كما عرف البحث العلمي على أنه وسيلة للإعلام والاستقصاء المنظم والدقيق يقوم به الباحث للانتقال من المجهول إلى المعلوم لاكتشاف علاقات جديدة، وتطوير أو تحقيق أو تصحيح معلومات متاحة من خلال إتباع الآتي: - اختيار الطريقة والأدوات اللازمة للبحث وجمع البيانات1. ومما تقدم من التعريفات السابقة نستخلص ما يلي: - يتضمن البحث العلمي وجود مشكلة معينة تدفع الباحث إلى دراستها دراسة علمية منظمة يحاول الباحث من خلالها إتباع المنهج العلمي لتفسيرها والوصول إلى حقائق جديدة. - يشمل البحث العلمي جميع ميادين المعرفة وجميع مشكلاتها على حد سواء1. وبشكل عام، منهجية البحث العلمي، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، 2016، ص 30، 31. 2019، ص 09. ويهدف البحث العلمي إلى تحقيق عدة أهداف نذكر منها: - زيادة المعارف في كل المجالات العلمية سواء في العلوم الطبيعية أو في العلوم الاجتماعية والإنسانية. - حل المشكلات الاجتماعية والإنسانية كالمشكلات الاقتصادية والإدارية والسلوكية ومشكلات العمل. - إحراز تقدم في النظريات واكتشاف الحقائق العلمية. وأخيرا يمكن القول أن البحث العلمي هو أسلوب منظم للتفكير يعتمد على الملاحظة العلمية والحقائق و البيانات لدراسة الظواهر وعلى مبادئ والأساليب العلمية لترشده إلى كشف الحقيقة بهد الوصول إلى معارف جديدة يمكن تعميمها والقياس عليها. عرف دليل عمادة التقويم والجودة بجامعة الإمام محمد بن مسعود الإسلامية الأمانة العلمية كالتالي "أن الطالب الأمين هو الذي يظهر الاقتباس أو إعادة الصياغة المأخوذة من كاتب آخر، فالهدف الأساس لأي باحث هو الحصول على معلومات وبيانات غير أنه ليست كل الطرق للحصول عليها مباحة وأخلاقية، حيث تقتصر أخلاقيات البحث العلمي على احترام خصوصية المشاركين في البحث. 1- احترام الملكية الفكرية لدى الآخرين: يجب على الباحث وعند انجاز بحثه التقيد والالتزام بأصول البحث العلمي فلا ينسب ما لغيره لنفسه، بل عليه أن يبين صاحب ذلك الرأي، وتوثيق مصدر المعلومات بكل دقة وأمانة. - فكل باحث يستفيد من علم غيره بالاعتماد على بعض أفكاره ليبني عليها آراءه العلمية والمعرفية سواء كان ذلك بالاقتباس أو الإشارة، فالأمانة تقتضي أن لا ينسب الباحث لنفسه ما لغيره وأن يظهر صاحب الأفكار و يوثق كلامه بكل دقة ونزاهة حتى يتسم البحث بالموضوعية بعيدا عن الغش والخداع والتضليل، وتكون الموضوعية في جمع البيانات و تحليلها وتفسيرها واستخلاص النتائج منها وفي إصدار الأحكام العلمية و الدقة في التعبير وصياغة الأسلوب المناسب والتجرد عن الأهواء والذاتية إلى جانب الدقة في اختيار المصطلحات والمفاهيم وفي اختيار العينات، 3- الدقة: ويقصد بها أن نتائج البحث قابلة في كل الأوقات فهناك بعض الظواهر يصعب إخضاعها للاختبار نظرا لصعوبة ذلك أو سرية المعلومات المتعلقة بها، فعلى الباحث جمع المعلومات الدقيقة التي يمكن أن يوثق بها مع تحليل نتائجها بطريقة علمية ومنطقية، وذلك للتأكد من مدى صحة أو عدم صحة الفرضيات والنتائج وكلما كانت المعلومات دقيقة وصحيحة تؤدي إلى نتائج دقيقة ومنطقية. 4- التنظيم: إن أي بحث علمي ينجز يكون الهدف منه هو الاستفادة من نتائجه وتعميم تلك النتائج على مجتمع أو فئة معينة ومن ثم استخدامها في تفسير حالات متشابهة، وربما إن العلوم الطبيعية أكثر دقة فإنه يسهل قياس متغيرات وبالتالي قياس نتائجها وتعميمها بشكل أسرع، على عكس الظواهر الاجتماعية التي يكون فيها الإنسان محور الدراسة ونظرا لتغير إدراكه وتصرفاته وسلوكه اتجاه ظاهرة معينة مما يؤدي إلى صعوبة الحصول على معلومات دقيقة وبالتالي الوصول إلى نتائج أقل دقة. 5- الخصوصية والسرية: أما في المطلب الثاني فسنبين التدابير الوقائية المتخذة للتقليل من السرقات العلمية. غير أن أهم وسيلة لانتهاك الأمانة العلمية هي السرقة العلمية والتي يقصد بها انتهاك حقوق الملكية الفكرية أو حق المؤلف تحديدا، جريمة السرقة العلمية في الجامعات وطرق محاربتها مع الإشارة إلى الجزائر، الملتقى الوطني حول الأمانة العلمية – ثقافة الباحث العلمي الأكاديمي – كلية الحقوق البليدة ، 07 و 08 نوفمبر 2018 ، ص 03. 3عبد النور أحمد ، الضوابط القانونية لإستخدام مصادر المعلومات في التعليم العالي الجزائري ، مجلد 39 ، 2019، ص 178. ولهذا الغرض تعتبرسرقة علمية مايأتي في: - اقتباس كلي أو جزئي لأفكار أو معلومات أو نص أو فقرة أو مقطع من مقال منشور أو من كتب أو مجلات أو دراسات أو تقارير أو من مواقع إلكترونية، أو إعارة صياغتها دون ذكر مصادرها و أصحابها الأصليين. - اقتباس مقاطع من وثيقة دون وضعها بين شولتين. - استعمال معطيات خاصة دون تحديد مصدرها و أصحابها الأصليين. - استعمال برهان أو استدلال معين دون ذكر مصدره و أصحابه الأصليين. -استعمال إنتاج فني معين أو إدراج خرائط أو ضوء أو منحنيات بيانية أو جداول إحصائية أو مخططات في نص أو مقال دون الإشارة إلى مصادرها أو أصحابها الأصليين. الترجمة من إحدى اللغات إلى اللغة التي يستخدمها الطالب أو الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم بصيغة كلية أو جزئية دون ذكر المترجم و المصدر. -قيام الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص أخر بإدراج اسمه في بحث أو أي عمل علمي دون المشاركة في إعداده . -قيام الباحث الرئيسي بإدراج اسم باحث آخر لم يشارك في إنجاز العمل بإذنه أو بدون إذنه الغرض المساعدة على نشر العمل استنادا لسمعته العلمية. -قيام الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص أخر بتكليف الطلبة أو أطراف أخرى بإنجاز أعمال علمية من أجل تبنيها في مشروع بحث أو إنجاز كتاب علمي أو مطبوعة بيداغوجية أو تقرير علمي استعمال الأستاذ الباحث أو الأستاذ الباحث الإستشفائي الجامعي أو الباحث الدائم أو أي شخص أخر أعمال الطلبة ومذكراتهم كمداخلات في الملتقيات الوطنية والدولية أو تنشر مقالات علمية بالمجلات والدوريات. من أجل كسب المصداقية دون علم وموافقة و تعهد كتابي من قبل أصحابها أو دون مشاركتهم الفعلية في أعمالها . وهناك العديد من الباحثين يرجعون أسباب السرقة العلمية ولجوء الطالب أو الأستاذ أو الباحث إليها مرده مجموعة من الأسباب من بينها : فالسرقة العلمية هي جريمة أخلاقية قبل أن تكون جريمة علمية. -السعي وراء الحصول على الترقيات و الدرجات العلمية الأعلى سواء بالنسبة للطلبة أو الأستاذة فالدافع ليس إنجاز بحث علمي متميز بل من أجل الوصول إلى رتبة معينة أو شهادة علمية .