لقد أشرنا سابقاً أن الحضارات البشرية تتباين بعضها عن بعض في طابعها العام، ومن الخطأ أن يظن البعض أن مجتمعا من المجتمعات لا يمتلك حضارة، لأن الحضارة تعبير عن المستوى الذي يعيش وفقه المجتمع، ولكنه في جميع الحالات يعبر عن وضع حضاري معين. ومن هذا المنطلق نقول أن شبه الجزيرة العربية شهدت منذ أقدم العصور حضارات يعدّ بعضها من أرقى الحضارات البشرية القديمة. 1) وفرة الماء 2) ونجاح الإنسان اليمني في الاستفادة من الموارد المائية بإقامة السدود كان لها طابعها الديني الأدبي التجاري 2) ارتباط موسم الحج بمباريات في الشعر من ناحية، الركن الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية اتخذت طابعاً اقتصادياً واضح الملامح، حيث: إذ جمعت بين شتى ضروب النشاط الاقتصادي من زراعة و صناعة و تجارة، العوامل التي أدت إلى نشاط صناعي مرموق: وفرة المعادن خاصة النحاس وجنوب وشرق آسيا من جهة أخرى 1) أنها لم تكن محلية الطابع، وحضارات جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، وشق الأفلاج وتنظيم الاستفادة من مياهها على أكمل وجه لكن فإنه لا يمكن القول بأن حضارات شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام تميزت بدراسات ذات مسحة علمية في الفلسفة والطب والكيمياء والفيزياء، وإجراء تجارب معملية في هذه العلوم، فضلاً عن أنه أشاد بالعلماء وكرمهم 9) ما يتضمنه القرآن الكريم من قصص يشد الإنسان إلى التاريخ، ويثير فيه الرغبة في الاستقصاء والوقوف على أخبار السابقين من الأمم والشعوب، 4) توجيهًا الفرد والمجتمع توجيهاً روحياً وفكرياً وخلقياً ونفسياً وسلوكياً. وإنما استهدف الإسلام في المقام الأول السمو بالإنسان إلى ما فيه خير الفرد والمجتمع. لذا، لم يلغ الإسلام كل ما كان سائداً في المجتمع الجاهلي ، تفسير التشابه مثل تحريم أكل لحم الخنزير، من قبلُ هدىً للناس وأنزل الفرقان. " لم يقف من هذه الحضارات موقفاً عدائياً لأنها ذات طابع وجذور غير إسلامية، وكشفوا ما فيه من ضلال أو أخطاء، وإنما عرف المسلمون كيف يتخيرون غذاءهم الفكري، - وقد أدرك المسلمون أن أية نهضة حضارية لابد لها من دعامة اقتصادية توفر لها متطلباتها المادية. 1) مرحلة الحضانة للحضارة الإسلامية: المدينة المنورة. 2) مرحلة النشأة للحضارة الإسلامية: دمشق وكل مركز من هذه المراكز كان بمثابة القلب لدائرة واسعة استوعبت داخل محيطها عدداً كبيراً من البلاد والمدن. حيث إن: 3) والحديث النبوي كان في حاجة إلى جمع شتاته والحفاظ عليه من الدس والضياع، 4) والمجتمع الإسلامي كان في حاجة إلى تنظيم، كان لا يمكن للعربي أن يتخلى عن أصوله وجذوره التي ارتبطت ببيئته الأولى، وهي بيئة شجعت على سمو القريحة الأدبية خاصة في الشعر. فصفاء العقل وانبساط البيئة وغنى اللغة، وبخاصة بعد أن (1) توافرت الحوافز المادية للشعراء ، (2) واتسعت دائرة النشاط الاجتماعي. وفي الأفراح والأتراح، لاسيما بعد أن امتلأت خزائنهم بالمال، وقد روعي في هذه المؤسسات الجديدة أن تتلاءم والذوق العربي والحس الإسلامي، مما أدى إلى مولد فن عربي إسلامي جديد. في دمشق. 2) قرطبة (الأمويون) 3) القاهرة (الفاطميون) سقوط قرطبة وبغداد ذلك أن قرطبة وبغداد لم تلبثا أن سقطتا في أيدي قوى معادية للإسلام في القرن السابع الهجري – الثالث عشر للميلاد – قرطبة في يد فرديناند الثالث ملك قشتالة سنة 633هـ (1236م) 3) ظهرت الموسوعات الأدبية والتاريخية الخالدة مثل: صبح الأعشى -- للقلقشندي كتاب السلوك -- للمقريزي نهاية الأرب -- للنويري الدرر الكامنة -- لابن حجر مسالك الأبصار -- للعمري الضوء اللامع -- للسخاوي 4) بلغ الفن الإسلامي أسمى درجاته في المنشآت الدينية والتعليمية والاجتماعية والتجارية، - المباني: المساجد - الخانقاوات - القباب - المدارس - الحمامات - السبل - الوكالات – الفنادق – وغيرها (لا زالت موجودة حتى الآن) - الدعائم الداخلية: هما دعامتين أساسيتين، 1) العروبة الأمر الذي أعطاها طابعاً مميزاً، جعل كثيرين يعرفونها بأنها حضارة عربية إسلامية 2) كما إن العرب هم الذين حملوا تيار الإسلام والعروبة إلى مشارق الأرض ومغاربها. وأداتها المعبرة عن وأفكارها، 5) كما إن اللغة العربية بفضل مرونتها وغناها استطاعت أن: فقالوا أنالوطيقا وسوفسطيقا، فأطلقوا على المصطلحات السابقة بالترتيب: التحليل، حيث: ومن أراد أن يكون عالماً فعليه أن يبدأ بتعلم العربية". - والمعروف عن روجر بيكون نفسه أنه تعلم العربية مما يدل على أن هؤلاء التلاميذ كانوا يعرفون أيضاً اللغة العربية - إن الإسلام يشكِّل الدعامة الكبرى الرئيسية لهذه الحضارة، حيث: حتى تلك البلاد البعيدة التي لم تصل إليها جيوش المسلمين، نقدم الإسلام على العروبة كدعامة أساسية لتلك الحضارة، 1) لولا الإسلام ما كان للعرب هذا الدور الخطير في تاريخ الإنسانية فإن علينا أن نعي أن العرب خرجوا من شبه جزيرتهم في القرن السابع الميلادي مبشرين بديانة الإسلام داعين الشعوب للدخول فيه، أما الحركات الأخرى السابقة، فلها في الغالب دوافعها الاقتصادية، 4) ولولا الإسلام ورسالته لظلت اللغة العربية لغة محلية محدودة داخل شبه الجزيرة العربية فإذا قدر لها الخروج من ذلك الحيز،