الفصل الخامس: منهج البحث التاريخي هذا الميدان ومنهم الغزالي (۱) (ت) ٥٠٥ هـ / ۱۱۱۱م) وابن الصلاح عثمان الشهزوري (٢) ت ٦٤١ هـ / ١٢٤٣هـ) وابن تيمية (۳) (ت) (۷۲۹ هـ / ۱۳۲۸م) ومحمد بن أحمد الذهبي (٤) ت ٧٤٩ هـ / ١٣٤٨م) عن رجال الحديث (٥). المبحث الأول : منهج البحث التاريخي عند العرب وقد سعوا إلى المصادر الموثوقة وإلى الرواية الشفوية، من مثل المسعودي وابن النديم، وفي القرون الأولى للتدوين التاريخي استخدموا (الإسناد) كما في (الحديث)وبذلك كانوا أمناء في نقل الأخبار، ووجوب التثبت من الخبر، وكلها أمور توجه الفكر إلى النقد العقلاني للأمور، والأسلوب النقدي الذي ساروا عليه، لقد اتخذوا الموازنة الزمنية بين خبرين أو (الموازنة بعامة، يرى بوضوح أنه كان مدركاً لمختلف عملياته وخطواته، وما نقله المسعودي في تمثال الزرزور الذي بروما، حاول المؤرخون العرب ضبط الأحداث زمناً ، وأوربا في العصور الوسطى وقد قال المؤرخ الإنكليزي بكل (H. Buchle) إن التوقيت على هذا النحو، ويتضح هذا من تعريفهم للتاريخ بأنه الإنسان والزمــان) وأنـه (الزمـــان وأحواله ولكن جميع الأحداث في سلسلة زمنية، . . ويتفاوت المؤرخون العرب في تقصيهم للأسباب في تفسيرهم للحوادث، وندر جداً من المؤرخين من كان كتابه مجرد سرد ساذج لا يحمل ضمن السطور تأويله الخاص وتفسيره الذاتي. يتعرف تماماً بأن التاريخ العربي قد اهتم بالقضايا السياسية العامة لا الفردية فحسب، بل سعى لتكوين تركيب فلسفي لمعنى التاريخ ككل ومن هؤلاء المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه البدء والتاريخ وقد يشبهه في هذا أبو طالب عبد الجبار الذي عاش في أواخر القرن الخامس الهجري) وأوائل السادس) في أرجوزته التاريخية التي صاغ فيها التاريخ الإسلامي شعراً منذ عهد الخلفاء الراشدين حتى نهاية دولة المرابطين. هذا وليس علمياً البتة إطلاق أحكام عامة على مجموع التاريخ العربي والمعالجة السببية لدى كلية المؤرخين العرب المسلمين لكثرتهم، واختلاف الموضوعات التي بحثوا فيها، وقد ثبت في أذهان الباحثين نقد ابن خلدون السابقيه لاسيما حول ابتعادهم عن تقصي السبب، ولعل مفهومات ابن خلدون العميقة والمثلى للكتابة التاريخية وأهدافها وصفات المؤرخ ومنهجيته، لأنه في مقدمته التاريخية كان قمة في التأريخ العالمي) لا (التأريخ العربي فحسب، فهو أول من بحث جمعاً وتفصيلاً في عوامل العمران المختلفة، كان أسلوب الصياغة والأداء عند العرب في معظم الأحوال بلغة عربية بينة وبليغة، ومصورة بوضوح ما يريدون تبيانه، دون إدخال التأنق الأدبي فيه، إلا أنهم استعملوا السجع وضمنوا كتاباتهم الشعر والرواية القصصية وفي الواقع كان أسلوب كل مؤرخ عربي يتباين عن الآخر، إلا أن أسلوب الأغلبية كان واضحاً وبيناً يحيط بالحقيقة التاريخية ويبرزها. الذين شرعوا بدورهم ينهجون في الكتابة التاريخية طريق النقد والتمحيص والتدقيق). لقد بدأ منهج البحث الوصفي عند الغرب في نهاية القرن الثامن عشر)، حيث ركزت الدراسات الاجتماعية التي قام بها فريدريك لوبلاي Play ) (١٨٠٦ - ۱۸۸۲م) بإجراء دراسات تصف الحالة الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة في فرنسة، ولكن التطور الهام الذي أسهم في تطوير الأسلوب الوصفي في البحث كان في القرن العشرين كان الأسلوب الوصفي مرتبطاً منذ نشأته بدراسة المشكلات المتعلقة بالمجالات الإنسانية، وسواء في المجالات الإنسانية أو الطبيعية فإنه لابد من السير فيها وفق مخطط علمي متعارف عليه في جميع البحوث ونستمد المادة التي نحتاج إليها فيما يخص الجغرافية الوصفية من المؤلفات الغزيرة عن الرحلات البرية والبحرية، والكتب المتنوعة التي تقدم دليلاً وافياً عن الطرق ثم لم نجد أي مؤلف انصرف بصورة منهاجية لوصف مشهد الأرض الطبيعي حتى مطلع القرن الثالث الهجري) (التاسع الميلادي)، وصف العالم وأبو سعيد الأصمعي (ت ٢٨٣ هـ / ٨٩٦م). أوجد العرب إمبراطورية واسعة، وأدّت رغبة المعرفة بها إلى ظهور الجغرافية الأدبية أو الوصفية، والتي تمثلت بعلمي المسالك والممالك وعجائب البلدان، ونذكر من بين المؤلفات في هذا الشأن، أن اتخذ الكثير السياحة وسيلة للدراسة وأكثر جغرافيو العرب هم السائحون، وكتاب رسالة ابن فضلان لأحمد بن فضلان، وهناك كتاب سليمان التاجر (ت ٢٣٧ هـ / ٨٥١م) وكتاب (برزك) بن شهريار الناخدا) الذي يعد مقدمة قيمة الفصل السادس: منهج البحث الوصفي ۱۸۷ لقصص السندباد (۱) ، ويقول فران Ferrand G): إن وصفه البحر الأحمر بغض النظر عن أخطاء خطوط العرض لا تدانيه أية إرشادات أوربية (٢) ، نذكر منهم رحلة ابن جبير ( ٥٧٩ - ٥٨١ هـ / ١١٨٣ - ١١٨٥م) والدليل الذي قدمه الكاتب الفارسي الهروي (ت ٦١١ هـ / ١٢١٤م) والرحلة المغربية للعبدري (ت ٦٨٨هـ / ١٢٨٩م) والفهري (ت ۷۱۲ هـ / ۱۳۲۱م). وهي أقاصيص الرحالة الجغرافيين التي أمدنا الإدريسي (ت ٥٦٠هـ / ١١٦٦م) بمعلومات أصيلة في دقة لا ينازعه فيها أحد، وابن جبير الكناني (ت ٦١٤هـ / ١٢١٧م) له ميزة الأسبقية في كتابه (رحلة الكناني) وكان طلعه إلى المعرفة، ومنذ (الرحلة العياشية التي وضعها العياشي (ت ١٠٩٠هـ / ١٦٧٩م) لم يعد للوصف قيمة بقدر ما للنقاد الأساتذة العلماء. لم يكن هناك مصطلحات جغرافية قائمة بكل معنى الكلمة قبل القرن التاسع)، والسيماء الخاصة، مما لا نجد له مثيلاً في آداب الأمم الأخرى. لم يكن في وسع العقول المستنيرة في أوربا أن تتجاهل حقيقة المسلمين في محال الجغرافية الوصفية التحليلية، ثم تعقب ذلك الرحلات الخيالية لرجل إنكليزي وهو سيرجون مندفيل (١٣٥٦م ، وقد أورد ذكره في معرض إشارات متعددة تتعلق بالرياضيات والفلك والفلسفة الأخلاقية، وانفرد بفن لم يذكروه إلا على الإخلال، وصفة طعامهم وشرابهم وثمارهم ومياههم ومعرفة مفاخرهم وعيوبهم وما يحمل من عندهم وإليهم، ومن الغريب أنه وصل إلى فكرة الجغرافي الحديث في تدبره فائدة الموضوع بالنسبة للتعليم العام والثقافة فيقول : (وعلمتُ أنه باب لابد منه للمسافرين والتجار، الفصل السابع: منهج البحث التجريبي الذي أراد أن ينشئ منه علماً بقوله: (وفي باطنه نظر وتحقيق، قائمة على اعتبار التاريخ سجلاً مليئاً بشتى الوقائع المطردة والأحداث المتكررة، ونظر إليها على أنها تجارب اجتماعية جرت تلقائياً، وأنها على هذا الأساس تستحق الملاحظة العقلية. وكانوا يعتمدون عليه أساساً في علم الكيمياء، وحدث تلقائي اتفاقي، ومن المؤسف أن باحثينا الآن ما يزالون يرددون ما يقوله الغرب،