العديد من الموظفين والاخوة الذين امضوا في الخدمة اكثر من 30 عاما وطرحوا علينا استفساراتهم بشأن مدى سلامة قرار مجلس الخدمة المدنية والقاضي بإحالة كل من بلغ 30 سنة من الخدمة او اكثر الى التقاعد، نجد ان هذا النص يتكلم عن الاحالة الى التقاعد باعتبارها احدى حالات انتهاء العلاقة الوظيفية حينما تكون بناء على طلب من الموظف او حينما يوافق عليها الموظف بناء على ترتيب مع الجهة الحكومية التي يعمل بها اذا كانت في تلك الاحالة مزايا تمنح له فقط. اولا: الاحالة القسرية للموظف إلى التقاعد مخالفة للضمانات الوظيفية الدستورية. ثانيا: موقف الاحالة الى التقاعد في قانون ونظام الخدمة المدنية. الا اذا كان ذلك يستند الى اسباب قانونية سائغة مثل الفصل التأديبي، او انتهاء العلاقة الوظيفية ببلوغ سن التقاعد بحده الاقصى. كما تعتبر سياجا لها وضمانا لكل ابعادها المواد (7، وفي ضوء ذلك فان التوجه الذي تبنته الدولة في شأن احالة الموظفين الذين يكملون ثلاثين سنة في الخدمة الى التقاعد، قببل ان يبلغوا سن التقاعد المقرر بنصوص قانون التأمينات الاجتماعية، قسرا عنهم فان ذلك يعد اهدارا لضمانة حق الموظف في الالتحاق بالعمل واستمراره فيه مادام يؤدي عمله الوظيفي بصورة صحيحة وملتزم بكل ما يفرضه عليه القانون في ادائها. وعليه فان مثل هذا القرار وهذه التصرفات من قبل الدولة تعني الإضرار بالمراكز القانونية الذاتية والمستقرة للموظفين العموميين دون ان يكون ذلك قائما على سند من القانون او احكامه، حري بأن يتم التعامل معه على أنه ضرب من ضروب الخروج على المشروعية القانونية باطارها الدستوري، ثانيا: موقف الاحالة الى التقاعد في قانون ونظام الخدمة المدنية: حينما اوردا ان الاحالة الى التقاعد هي احد اسباب انتهاء العلاقة الوظيفية بين الموظف وجهة عمله الحكومية، فان القانون اراد ان يشير الى حقيقة قانونية قررها قانون التأمينات الاجتماعية بأن اعتبر احد اسباب انتهاء العلاقة الوظيفية واستحقاق الموظف للمعاش التقاعدي هو الاحالة الى التقاعد اذا كانت تلك الاحالة تمت بناء على طلب من الموظف او استنادا الى اتفاق مع الموظف وبرضاه نظرا لأن الإحالة تحقق له مزايا اضافية في معاشه التقاعدي وذلك كما ورد في نصوص قانون التأمينات الاجتماعية، علما بان هذا القانون قد حدد حالات استحقاق المعاش التقاعدي المترتب على انتهاء الخدمة في المادة 59 منه. وعليه فان اتخاذ قرار احالة الموظف الى التقاعد استنادا الى انه امضى 30 عاما في الخدمة، واعتبار ان هذا العمر الوظيفي هو اقصى ما يمكن ان يستحق عنه الموظف معاشا تقاعديا عند التقاعد، لا يعتبر اساسا ولا مبررا لانهاء العلاقة الوظيفية للموظف من خلال الاحالة الى التقاعد على هذا السند، كما انه لا يمكن ان يعتبر مجرد ورود للنص في المادة 33من قانون الخدمة المدنية والمادة 71 من نظام الخدمة المدنية على ان احدى الحالات التي تؤدي الى انتهاء العلاقة الوظيفية هي الاحالة الى التقاعد، حتى تأخذ هذه النصوص سندا لاتخاذ قرار الاحالة الى التقاعد يعتبر النص الوارد في المادة 33 من قانون الخدمة المدنية مصدرا لإنهاء خدمة الموظف بالاحالة الى التقاعد بقدر ما انه تنظيم لحالات انتهاء الخدمة التي يمكن ان تكون من ضمنها الاحالة الى التقاعد المرتبط بحالة قانونية مشروعة بناء على موافقة الموظف ورضاه، او حصوله على مزايا وظيفية محددة كما هي الحال في النصوص الواردة في قانون التأمينات الاجتماعية. وبناء عليه فان الاحالة الى التقاعد في وضعها الراهن لمجرد اكمال الموظف 30 عاما في الوظيفة او اكثر انما تعتبر اعتداء صارخا على مبدأ المشروعية وعدم استناد هذا القرار الى حكم يجيزها من الناحية القانونية، حيث يعاقب الموظف بالاحالة للتقاعد وبانتقاص حقوقه الوظيفية والمالية دون سند مشروع من القانون، ثالثا: إجماع الفقه واستقرار القضاء على ان الاحالة القسرية فصل تأديبي مخالف للقانون: 1- يقول الدكتور عادل الطبطبائي في كتابه 'الوسيط في قانون الخدمة المدنية الكويتي' ما يلي: 'يرى البعض ان قرار احالة الموظف الى التقاعد وفقا للمادة 76 من نظام الخدمة المدنية لا يعدو ان يكون في جوهرة قرارا بالفصل بغير الطريق التأديبي، في حين ان مفهوم المادة (76) من نظام الخدمة المدنية يمكن ان يفسر بان المشرع اراد حماية الموظف من الاثار المترتبة على استقالته، وفيما لو عمد الى تقديم استقالته في وقت مبكر، فاجاز بدلا من قبول استقالته احالته الى التقاعد تقديرا من الادارة لجهوده في خدمتها، ولكن يشترط لإعمال هذا الحكم ان يكون الموظف مستحقا لمعاش تقاعدي وبذلك تتحقق الحكمة التي قصدها المشرع من اشتراط استحقاق الموظف للمعاش التقاعدي في وقت تقديمه الاستقالة'. طالما كان مستحقا للمعاش التقاعدي يتجاهل الشرط الاخر الذي ورد في المادة لإعمال حكمها، ويضيف في موضع اخر تعليقا على حكم قضائي وعدم صواب الحكم ما يلي: (ويلاحظ على هذا الحكم ما يلي: وهو انتهاء خدمة الموظف بالاستقالة، اذ ان القول بوجود شرط واحد لتطبيق هذه المادة وهو شرط استحقاق الموظف لمعاش تقاعدي فيه اهدار للشرط الاخر). 'وكل ما في الأمر هو ان تعبير الاحالة الى المعاش اخف وطأة على الموظف، وفيه مراعاة ادبية له لطول المدة التي قضاها في الخدمة والتي تسمح بتسوية معاشه واحالته الى التقاعد'. وتجيز المادة 76 من مرسوم نظام الخدمة المدنية بالاضافة الى ذلك احالة الموظف الى التقاعد بقرار من مجلس الخدمة المدنية، والاحالة الى التقاعد في مثل هذه الحالة لا تعدو ان تكون عزلا بغير الطريق التأديبي، فتقضي المادة المذكورة بانه 'يجوز احالة الموظف الى التقاعد بشرط ان يكون مستحقا لمعاش تقاعدي فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وقت هذه الاحالة،